عزا مسؤول أميركي كبير انتقاد روسيا جهود الولايات المتحدة لتزويد أوروبا بالغاز الطبيعي إلى "خشيتها" من المنافسة في سوق حرة، وذلك في تصريحات تسلط الضوء على التوترات المتنامية مع موسكو بشأن سياسة "هيمنة الطاقة" التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب.
أصبحت الولايات المتحدة مصدر الغاز الطبيعي المسال الأسرع نموا في العالم وهي بصدد أن تصبح ثالث أكبر شاحن للمُنتَج هذا العام، بفضل تنامي الإنتاج من الحقول الصخرية الأميركية. ويقول ترامب إن الإمدادات ستتيح بديلا عن الطاقة الروسية للحلفاء الأوروبيين في حين وصف وزير الطاقة الأميركي ريك بيري الصادرات بأنها "غاز الحرية"، مما أثار انتقادات من المسؤولين الروس.
وقال فرانك فانون مساعد وزير الخارجية الأميركي لموارد الطاقة في مقابلة مع رويترز جرت في ساعة متأخرة يوم الخميس "لا تعجبهم فكرة المنافسة، ولا حتى مفهومها، لأنها تجبرهم على تغيير سلوكهم" مضيفا أنها أجبرت القطاع الذي تسيطر عليه الدولة الروسية على تعديل التسعير. وقال "يفضلون العمل تحت أوضاع تعوزها الشفافية، في ظلام الليل، فهم يخشون الطاقة التي تنتجها الولايات المتحدة وصادراتها."
وفي أحدث انتقاد روسي لشحنات الطاقة الأميركية، اتهم إيجور سيتشن، الرئيس التنفيذي لعملاق الطاقة الحكومي الروسي روسنفت وأحد أقرب حلفاء الرئيس فلاديمير بوتين، الولايات المتحدة يوم الخميس بتدشين "حقبة من الاستعمار بالطاقة" وباستخدام الطاقة كسلاح سياسي.
ولطالما وجه المسؤولون الأميركيون أنفسهم تهما مماثلة لروسيا، التي عمدت أحيانا إلى قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا في عز الشتاء أثناء نزاعات على السعر.
وقال سيتشن إن جهود واشنطن لشحن الغاز الأميركي إلى أوروبا تتزامن مع تهديد مشرعين أميركيين بفرض عقوبات على روسيا، تشمل مشروع خط الأنابيب نورد ستريم 2 الذي تقوده جازبروم. وتعارض إدارة ترامب خط الأنابيب، مثلما فعلت إدارة أوباما قبلها، قائلة إنه سيحكم قبضة روسيا الاقتصادية على أوروبا ويحرم أوكرانيا من رسوم العبور.
وقال سيتشن خلال منتدى في سان بطرسبرغ "التضييق على المنافسين أصبح السمة السائدة للسياسة الاقتصادية والخارجية الأميركية."
ورفض فانون تصريحات سيتشن، قائلا إن إدارة ترامب تدفع باتجاه أسواق شفافة وحرة.
وقال فانون، الذي عمل سابقا لدى مجموعة بي.اتش.بي العالمية للتعدين والطاقة ولدى ميرفي أويل "ما نعكف عليه هنا هو تطوير وتصميم سوق مفتوحة وشفافة وذات كفاءة.. نحن على ثقة من أنه إذا حدث ذلك فإنه، نعم، الشركات الأميركية ستبلي بلاء حسنا."
وقلص ترامب القواعد التنظيمية التي تحكم عمل شركات التنقيب والاستخراج للمساعدة في تعزيز صادرات النفط والغاز إلى الحلفاء والشركاء، في إطار ما يسميها بسياسة هيمنة الطاقة.
وقال فانون إن روسيا تبدي قلقا إزاء مشاريع تدعمها واشنطن منذ عشر سنوات لنقل الغاز الطبيعي بخطوط الأنابيب من حقل شاه دنيز الأذربيجاني إلى الأسواق في أوروبا عن طريق "ممر الغاز الجنوبي". ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأخيرة من الممر الذي يتكلف 40 مليار دولار، خط الأنابيب العابر للأدرياتي (تاب)، أوائل العام القادم.
وأضاف فانون أن روسيا تخشى أيضا من تكنولوجيا وحدات المفاعلات النووية الصغيرة التي تعكف عليها الولايات المتحدة، والتي قال إنها قد تدخل الخدمة التجارية في غضون أقل من عشر سنوات. وتعمل على هذه المفاعلات شركة نو سكيل باور، ومستثمرها الرئيسي هو شركة فلور كورب.
وساعد تنامي إمدادات الطاقة الأميركية واشنطن على تحقيق أهداف جيوسياسية أخرى دون إحداث طفرة في أسعار النفط العالمية. فقد قرر ترامب العام الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015 وأعاد فرض عقوبات على صادرات طهران من النفط. وتفرض واشنطن عقوبات على شركة النفط الوطنية الفنزويلية بي.دي.في.اس.ايه في إطار جهود للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، الذي تعاني بلاده من انهيار اقتصادي وأزمة سياسية.
وقال فانون إن الإدارة تعمل من خلال القنوات الدبلوماسية والمخابراتية لاحتواء أي تهريب للنفط من إيران، مستفيدة من خبرتها في تقييد شحنات الفحم الكورية الشمالية التي كانت بالمخالفة للعقوبات المفروضة على ذلك البلد. وقال "نحن لا نبدأ من الصفر هنا."
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي