قبل عقود، اقتصر سباق الفضاء على أكبر قوتين في العالم، وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك، لكن الآن، هناك 90 دولة تنشط في سباق الفضاء.
لقد تغيرت الأمور كثيراً منذ أن حط الإنسان بأقدامه لأول مرة على سطح القمر عام 1969، ففي الوقت الحالي، لا يقتصر الأمر على الحكومات للذهب إلى الفضاء، بل إن بعض الشركات أصبحت قادرة بتكاليف منخفضة على إطلاق صواريخ وأقمار صناعية للفضاء، كما أن هناك ثورة علمية وتكنولوجية في هذه الصناعة.
وتشير التقديرات إلى أن هناك الآن أكثر من عشرة آلاف شركة ونحو خمسة آلاف مستمر ينشكون بفعالية في صناعة الفضاء.
اقتصاد يزدهر
يعني مصطلح "اقتصاد الفضاء" كافة السلع والخدمات والتقنيات التي يجري إنتاجها لاستخدامها في الفضاء، مثل تعدين القمر أو الكويكبات بحثًا عن المعادن والمواد، بينما تعرفه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه أي نشاط اقتصادي يتضمن "الاستكشاف، والبحث، والفهم، والإدارة، والاستخدامات في الفضاء".
ويشير تقرير صادر عن The Space Foundation لعام 2022 إلى أن اقتصاد الفضاء بلغت قيمته 469 مليار دولار في عام 2021 بارتفاع نسبته 9% عن العام السابق، مضيفاً أن أكثر من 1000 مركبة فضائية بلغت مداراتها في النصف الأول من عام 2022، بما يفوق ما تم إطلاقه في أول 52 عاماً من استكشاف الفضاء (1957-2009).
وتقول وكالة الفضاء الأوروبية إن نشر بنية تحتية فضائية جديدة قد عزز من نمو الصناعات المختلفة مثل الأرصاد الجوية والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية والتأمين والنقل والبحرية والطيران والتنمية الحضرية.
وتدفقت المزيد من أموال القطاع الخاص على صناعة الفضاء متفوقة على تمويلات القطاعات الحكومية حيث أن أكثر من 224 مليار دولار تولدت من المنتجات والخدمات التي تقدمها شركات الفضاء.
وكانت هناك أيضاً زيادة في الاستثمارات الحكومية في مشاريع الفضاء حول العالم حيث ارتفع الإنفاق الحكومي على برامج الفضاء العسكرية والمدنية بنسبة 19%.
على سبيل المثال، رفعت الهند إنفاقها على مشروعات الفضاء بنسبة 36%، وزادت استثمارات الصين بنسبة 23%، بينما بلغت الزيادة في استثمارات الولايات المتحدة 18% في مشروعات الفضاء.
الابتكار يغذي
وصف البعض ما يحدث اليوم بأنه "نهضة فضائية"، وهي الفترة التي يعمل فيها الابتكار التكنولوجي على تقليل التكاليف بشكل كبير وخلق إمكانات جديدة.
قال الرئيس التنفيذي لشركة Planet Labs، ويل مارشال، في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في مايو أيار الماضي أن أسعار الصواريخ قد انخفضت أربعة أضعاف في العقد الماضي بحيث أن الشركات التي كان من الممكن أن تدفع مئات الآلاف من الدولارات لوضع قمر صناعي في الفضاء يمكنها الآن القيام بذلك مقابل تكلفة أقل من ذلك.
يقول مارشال إن هذا يعني أننا نبث الآن صوراً للأرض حسب المنطقة أفضل جودة بمقدار 10 أضعاف عما كانت عليه قبل خمس سنوات، ويتم نقل عرض النطاق الترددي للاتصالات حول الكوكب بشكل أفضل عشرة أضعاف.
كما يقول إن التصوير الأفضل يشهد ثورة، على سبيل المثال، توفر بيانات الأقمار الصناعية التجارية نظرة شاملة للصراع في أوكرانيا، مما يسمح للعالم بمشاهدة الأحداث على الأرض وتسجيلها عند حدوثها.
ويضيف أن صور الأقمار الصناعية يمكن أن تسمح أيضاً للمزارعين بمراقبة المحاصيل، والشركات لتتبع أدائها البيئي والاجتماعي والحوكمة، والحكومات لمراقبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
نفايات الفضاء
بالطبع، لن يمر الأمر مرور الكرام، فهناك بعض المشكلات التي يعمل العالم على معالجتها فيما يتعلق بصناعة الفضاء، ومن بين ذلك أن هناك ما يقرب من 9000 طن من المعدات التي توجهت إلى الفضاء تسبب مشاكل.
تقول وكالة الفضاء الأميركية (NASA) إن هناك أكثر من 100 مليون قطعة من الحطام الفضائي - بحجم مليمتر واحد أو أكبر - تدور حول الأرض.
يمكن أن يشمل هذا الحطام المركبات الفضائية غير العاملة، والمعدات المهجورة، والحطام المرتبط بمهام فضائية، والمشكلة أن هذا الحطام يتحرك بسرعات تصل إلى 17500 ميل في الساعة (28160 كيلومترًا في الساعة)، حتى قطعة صغيرة من الحطام يمكن أن تلحق الضرر بقمر الصناعي أو مركبة فضائية.
وترى الوكالة أن كوكب الأرض شهد في المتوسط سقوط قطعة واحدة من الحطام بشكل يومي على مدار الخمسة عقود الماضية، ومع ذلك، فإن تلك القطع تسقط في المحيطات أو المناطق غير المأهولة بشكل أساسي، ولم يتم تأكيد أي إصابات خطيرة بين البشر أو أضرار جسيمة في الممتلكات.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي