لبنان في 2022... من أين أبدأ؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

بقلم خالد نوح

محرر في CNBC عربية

عندما طُلب مني كتابة مقال حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان خلال عام 2022 وأبرز الملفات والبيانات الاقتصادية المرتقبة للعام المقبل كنت في حيرة من أمري... فمن أين أبدأ؟

هل أبدأ بالحديث عن الليرة اللبنانية والتي لا تزال تسجل مستويات متدنية قياسية أمام الدولار؟ أم أتطرق لملف هجرة الشباب وأصحاب الكفاءات؟ أم ملف البنوك؟

بدأت البحث عن أبرز البيانات والأرقام التي طغت على أخبار الاقتصاد اللبناني خلال العام الفائت ، فبدا لافتا كمية الأخبار التي تركزت حول مصرف لبنان على مدار السنة الماضية.

من المؤكد أن لبنان شهد العديد من الأحداث المختلفة خلال 2022 ، منها على سبيل المثال الانتخابات النيابية والتوصل لاتفاق فيما يتعلق بملف ترسيم الحدود الجنوبية... إلّا أن العدد الهائل للتعاميم الرسمية من قبل مصرف لبنان والاقتحامات العديدة للمصارف من قبل المودعين كانت من أبرز العناوين الاقتصادية التي تلخص حالة لبنان خلال الـ 12 شهراً الماضية.

·      "مواطن يقتحم مصرفاً في لبنان ويستعيد ودائعه بالقوة"
·      "استدعاء القضاء اللبناني لحاكم مصرف لبنان"
·      "رياض سلامة ينفي إفلاس مصرف لبنان المركزي"
·      "انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي للمركزي لمستويات قياسية متدنية"
·      "المركزي يتبنى سعراً جديداً للصرف"
 
هذا ما بدا عليه الحال في لبنان خلال عام 2022، حيث أصبحت عملية ذهاب المواطن إلى المصرف والانتظار لساعات وساعات على أمل سحب بضع دولارات من أمواله المحجوزة لتلبية احتياجاته اليومية هو أمر "روتيني وطبيعي".

عمليات الاقتحام والتي بدأت في يناير كانون الثاني، وصلت إلى أكثر من 27 عملية بحلول نهاية العام حيث استطاع المودعين استرجاع ما يقارب أكثر من 450 ألف دولار (إمّا بالعملة المحلية أو الصعبة) لتبقى هذه المعدلات قليلة جداً مقارنة بإجمالي قيمة مدّخرات المواطنين العالقة في البنوك اللبنانية، وبالتأكيد بقيت أقل من قيمة تحويلات السياسيين ورجال الأعمال الذين استطاعوا إخراج أموالهم من المصارف بعد اندلاع الأزمة في 2019.
 
100 مليار $.. قيمة مدخرات اللبنانيين العالقة في البنوك اللبنانية


 
المصدر: FT  ورويترز
 
لبنان والذي وصف ماضياً بسويسرا الشرق يُعد حاليا واحد من أكثر الدول مديونية في العالم، هذا فيما يتواصل انخفاض حجم الودائع في البنوك بشكل ملحوظ منذ عام 2009.
 
انخفاض متواصل في حجم الودائع في البنوك اللبنانية منذ عام 2009

المصدر: مصرف لبنان

بالأرقام... ما مدى سوء الأزمة الاقتصادية في لبنان؟

الثابت اليوم أن العملة اللبنانية فقدت أكثر من 95% من قيمتها، مما أدى إلى تدهور مخيف في القوة الشرائية للمواطن. ولتقريب الصورة يمكن النظر إلى رواتب موظفي القطاع العام، أو لرواتب أفراد الجيش اللبناني على سبيل المثال، فالراتب الشهري للجندي اللبناني والذي كان يعادل 900 دولار في الماضي لم يعد يتجاوز الـ 50 دولارًا بالحد الأقصى حالياً في وقت وصلت فيه معدلات التضخم إلى 189%.

وبحسب الأمم المتحدة فإن الفقر يطول حالياً أكثر من ستة ملايين مواطن حيث تم تصنيف حوالي 80% من اللبنانيين على أنهم فقراء. 
وفيما يتعلق بالهجرة فإن معظم القطاعات باتت تعمل بحدود العمالة الدنيا .وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن معظم المستشفيات اللبنانية تعمل بسعة 50% بعد هجرة 40% من الأطباء و30% من الممرضات لتعطي هذه الأرقام بدورها لمحة عما آلت إليه أمور قطاع الصحة في البلاد.

أرقام محزنة تفسر نفسها بنفسها فكيف ألخّص بعد الحالة الاقتصادية والمعيشية في لبنان خلال عام 2022؟

لعلني أختم بالحالة التي تركت عليها عائلتي وأصدقائي بعد رحلتي الأخيرة إلى بيروت أواخر سبتمبر أيلول المنصرم..اهتمامهم جميعا كان منصباً على أسئلة بعينها:

سعر صرف الليرة اليوم؟
هل فتحت البنوك أبوابها؟
هل من أمل باستعادة أموالنا؟
هذا من دون ذكر حالة القلق التي تنتابهم مع كل خبر جديد يلوح حول أزمة مقبلة في مخزونات القمح أو البنزين...
 
وفي الخلاصة، إن كان محور اهتمام المواطن حالياً هو أدنى مقومات العيش فكيف يمكن الحديث عن دورة اقتصادية شبه طبيعية وعن آمال بنهوض اقتصادي في العام 2023. 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة