ماذا بعد زيارة الرئيس الصيني إلى الولايات المتحدة؟

عكست الزيارة التي أجراها الرئيس الصيني، شي جينبينغ، إلى الولايات المتحدة الأميركية، ومباحثاته مع الرئيس جو بايدن، بوادر حسن النيّة بين الجانبين، في سياق مساعي "إذابة الجليد" والتوصل لتفاهمات مشتركة بشأن عديد من القضايا.

خلال الزيارة، تمكن الرئيس شي من إضفاء طابع "استثنائي"، لا سيما بعد لقائه المطول مع نظيره الأميركي، وما حظى به من ترحيب حار من جانب رؤوساء الشركات هناك، فيما يظل السؤال ما إذا كان تتلك الزيارة يُمكن أن تحمل تغييراً ملموساً في العلاقات من عدمه؟

في تقدير خبراء، بحسب وكالة فرنس برس، فإن العبرة في الأخير بـ "الأفعال"، في الوقت الذي لم يشر فيه الرئيس الصيني -من خلال أجواء الزيارة- إلى أن بكين عازمة على تغيير أسلوبها بشكل أو بآخر.

اقرأ أيضاً: الرئيس الصيني لنظيره الأميركي: كوكب الأرض كبير بما يكفي لنجاح بلدينا

يقول الخبراء إنه يتعين أن تلي تلك الزيارة -وبعد المباحثات المشتركة بين رئيسي الاقتصادين الأكبر في العالم- إجراءات عملية ملموسة على أرض الواقع، إذا رغب الرئيس شي فيي استخلاص الفوائد في مواجهة التباطؤ الاقتصادي في الصين وهروب رؤوس الأموال الأجنبية منها.

أثمرت تلك الزيارة –التي شارك فيها شي في قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك)، وخُص فيها بموقع وحفاوة مهمين- عن عديد من الاتفاقات بين البلدين، يأتي على رأسها استئناف الاتصالات العسكرية بين واشنطن وبكين، وهو ما يشكل علامة على نجاحها.

نجاح صيني

حتى أن المحلّل في مركز "كارنيغي الصين"، ناثانييل شير، قد أشار إلى أنّه "بالنسبة للصين، فإن قدرة شي على كسب موقع بارز في سان فرانسيسكو للتحدّث مع قادة الأعمال الأميركيين، تعدّ نجاحاً في ذاتها".

شهد جدول الرئيس شي في الولايات المتحدة لقاءات مثمرة، أغدق خلالها بالمجاملات والحفاوة. وقال خلال مأدبة عشاء مع مدراء شركات مساء الأربعاء 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، من بينهم تيم كوك المدير التنفيذي لشركة ‏Apple، ولورنس فينك من شركة BlackRock، وألبيرت بورلا من Pfizer، إنه مستعدّ أن يكون "شريكاً وصديقاً للولايات المتحدة". كذلك، التقى بإيلون ماسك الرجل الأغنى في العالم ومالك منصة X (تويتر سابقا).

اقرأ أيضاً: زيارة الرئيس الصيني إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ 2017.. كيف تنعكس على أكبر اقتصادين في العالم؟

كذلك دعا شي في خطاب مكتوب الخميس 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، الشركات إلى الاستثمار وتعزيز وجودها في الصين، كما تعهّد باتخاذ إجراءات "مطمئنة"؛  لتسهيل استثمارات وأنشطة الشركات الأجنبية في الصين.

إلا أن المستثمرين الأميركيين يبدون حذرين في ظل التباطؤ الذي يشهده ثاني أكبر اقتصاد في العالم وضعف الثقة، بحسب تقرير فرنس برس.

وبالعودة لحديث المحلّل في مركز "كارنيغي الصين"، فإنه يشير إلى أنّ "القوانين القمعية ومداهمات الشرطة التي تستهدف الشركات متعدّدة الجنسيات والاعتقالات التعسّفية والممارسات المناهضة للتجارة في الصين، جميعها لها تأثير رادع على الاستثمار الأجنبي".

كذلك فإن "الشركات متعدّدة الجنسيات تريد قبل كلّ شيء قدرة إضافية على التنبؤ القانوني والتنظيمي في الصين، وليس مجرد إعلان نوايا بشأن تبادل مربح للجانبين".

رسائل سياسية

سياسياً، يعتقد مراقبون بأن القمة بين الرئيسين، والتي امتدت لأكثر من أربع ساعات، تعد نجاحاً بالنسبة إلى شي جينبينغ.

وقال السفير الأسترالي في الولايات المتحدة كيفين رود، إنّ الولايات المتحدة والصين لديهما هدف مشترك يتمثّل في استقرار علاقاتهما. وأضاف في حديث إلى صحافيين على هامش قمة "آبيك"، أنّ "هذا يعني إعادة فتح خطوط تواصل سياسية ودبلوماسية قديمة، والآن (فتح) خطوط عسكرية".

فيما تبقى الشكوك قائمة بشأن نوايا الصين في ما يتعلق بـ "تايوان" التي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها، وما إذا كان الجيش الصيني سوف يغيّر سلوكه تجاهها.

ونقل التقرير المشار إليه عن تشنغ وانغ من جامعة سيتي هول، قوله إنّ زيارة الرئيس لاصيني الأولى للولايات المتحدة منذ ست سنوات والقمة التي عقدها مع بايدن أخيراً تمثّلان "نقطة تحوّل محتملة" في العلاقات الثنائية بعد سنوات من التوترات، موضحاً أن "علاقات مستقرّة وبنّاءة بين الولايات المتحدة والصين ضرورية للطرفين".

ولكن بالنسبة إلى المحلّل في مركز "كارنيغي الصين"، ناثانييل شير، فقد كان بإمكان شي الذهاب "أبعد من ذلك بكثير" لطمأنة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشأن نوايا الصين.

ويخلص إلى أنّه إذا كان التجديد في الصين "يعني رفض النظام الدولي القائم، فإنّ أيّ شيء يقوله القادة الصينيون في المنتديات الدولية لن يمنع الولايات المتحدة وشركاءها من السعي إلى إعاقة صعود بكين".