محمد خالد- محرر في CNBC عربية
تعرضت شركة McDonald's الأميركية، إلى انتقادات حادة في بلدان عربية ، مع تنامي دعوات مقاطعة وكلائها (أصحاب حق الامتياز) في تلك البلدان؛ وذلك بعد أن أعلن وكيلها في إسرائيل عن توزيع وجبات مجانية لأفراد الجيش الإسرائيلي بُعيد أيام قليلة من بدء الحرب في غزة في السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
دعوات المقاطعة التي انتشرت في عديد من البلدان شملت عدداً من العلامات التجارية الشهيرة مثل Starbucks وشركات أخرى. لكنّ اللافت أنه بموازاة حملة مقاطعة McDonald's في هذه الدول، علت بعض الأصوات داخل إسرائيل أيضاً الشهر الماضي، للمناداة بمقاطعة وكيل الشركة، على هامش ما روج إليه البعض بشأن دعمها للفلسطينيين.
استخدم أصحاب تلك الدعوات البيانات التي أصدرها وكلاء McDonald's في بعض من الدول العربية للتأكيد على دعمهم للشعب الفلسطيني. ما اضطر صاحب الامتياز الإسرائيلي لإصدار بيانات تؤكد الدعم للجيش الإسرائيلي ويهدد خلالها بمقاضاة من يروج لشائعات حول شركته، بعد أن بعث برسائل تحذيرية إليهم.
اقرأ أيضاً: وسط حملات المقاطعة للعلامات التجارية الداعمة لإسرائيل.. الشركات المحلية في مصر تشهد زيادة في المبيعات!
وفيما تبنى أصحاب الامتيازات مواقف مختلفة، فإن الشركة الأم –ومع تصاعد حملات المقاطعة - قالت في بيان لها مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إنها لا تدعم أي طرف في الصراع، وأنها "ضد العنف بجميع أشكاله".
يأتي ذلك فيما تتواصل دعوات المقاطعة على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفيما نقلت "رويترز" أخيراً تقديرات مرتبطة بانخفاض مبيعات الامتياز المصري لـ McDonald's بنسبة تصل إلى 70% بين شهري أكتوبر /تشرين الأول، ونوفمبر/ تشرين الثاني، بحسب موظف في إدارة الشركة طلب عدم ذكر اسمه.
وعادة ما تثار حملات المقاطعة كتعبير عن مواقف سياسية أو اجتماعية أو غير ذلك. فيما تثير لغطاً واسعاً حول مدى نجاعتها وتأثيراتها على الشركات الأم على المديين القصير والمتوسط.
اقرأ أيضاً: ارتفاع إيرادات McDonald's بنسبة 14% في الربع الثالث المنتهي في سبتمبر 2023 بدعم من ارتفاع المبيعات في أميركا
في هذا السياق، وفي حديث خاص مع CNBC عربية، تجيب شوبا سرينيفاسان، وهي استاذة التسويق في كلية كويستروم للأعمال بجامعة بوسطن، والتي تركز أبحاثها على مشاكل التسويق الاستراتيجية، وربط التسويق بالأداء المالي، ومقاييس الأداء التسويقي للشركات، تحدثت شوبا عن 5 أسئلة رئيسية مرتبطة بقضية المقاطعة بشكل عام، مستعينة بعددٍ من النماذج والوقائع السابقة التي تعرضت لها علامات تجارية أميركية شهيرة في السنوات الأخيرة، وكيف تم التعامل معها وأبرز نتائجها.. على النحو التالي:
تهدف المقاطعة إلى تشجيع المستهلكين على تجنب علامات تجارية معينة (كما هو الحال في عدم شراء المنتجات من مطعم معين مثل Chick-Fil-A ) كشكل من أشكال الاحتجاج على الممارسات التجارية أو الاجتماعية غير العادلة، والدعوة إلى التغيير.
قد تتأثر الشركات بعدة طرق؛ منها: سمعة العلامة التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي، والتأثيرات المحتملة على "المدى القصير" على المبيعات، وقد يدمج المستثمرون تأثيرًا آخر على أصحاب المصلحة.. لذلك قد يكون هناك تأثير على عوائد الأسهم.
على سبيل المثال، عندما تختار شركة Nike اللاعب كولن كوبرنيك (الذي كان قد قاطع رفقة عدد من لاعبي فريقه سان فرانسيسكو في العام 2016 النشيد الوطني الأميركي، تنديداً بعنف الشرطة بحق أًحاب البشرة السوداء ، وهو ما أثار انتقادات واسعة، لا سيما من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب آنذاك) كوجه للحملات الإعلانية للشركة.
قد تؤدي المقاطعة إلى قيام الشركات بتغيير استراتيجية أعمالها والتوافق مع التوقعات المجتمعية.
نعم، لسوء الحظ كانت العلامات التجارية في مرمى هذه المخاطر. على سبيل المثال، لا تزال شركة Bud Light تعاني من تداعيات حملة على وسائل التواصل الاجتماعي في منتصف شهر مارس/ آذار مع المؤثر المتحول جنسيًا ديلان مولفاني (بعد أن اتخذته واجهة إعلانية لها). وبعد دعوات لمقاطعة البيرة الخاصة بالشركة، انخفضت المبيعات في منتصف مايو/آيار بأكثر من 23% عن العام السابق.. كان لهذه الحملة تأثير كبير على المبيعات وسمعة العلامة التجارية.
العوامل المؤثرة على فعالية حملات المستهلكين ضد الشركات، لا سيما في تشكيل مدة التأثير، تشمل استجابة الشركة وسمعة العلامة التجارية الموجودة مسبقًا وأداء الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
تُظهر دراساتنا أن الموقف السلبي الذي تتخذه الشركات خلال مثل هذه الأزمات غير فعال. وبدلاً من ذلك، تساعد الاستجابات الاستباقية عالية الجهد على التخفيف من الضرر الذي يلحق بالعلامة التجارية.
على سبيل المثال، يُظهر تنفيذ شركة Starbucks للتدريب على مكافحة التحيز، والذي كلف حوالي 16 مليون دولار في أعقاب حادث عنصري في فيلادلفيا في العام 2018، كيف يمكن للمشاركة النشطة أن تستعيد صورة العلامة التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من حيث الحجم أو المشاعر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العلامات التجارية التي تحظى بتقدير كبير أو التي لديها ممارسات بيئية واجتماعية وحوكمة قوية تميل إلى أن تكون أكثر مرونة؛ لأنها تعمل كدروع ضد التداعيات السلبية.
قد تتبنى العلامات التجارية استراتيجيات مختلفة ردًا على حملات مقاطعة المستهلكين. وتتراوح هذه التكتيكات من إصدار البيانات أو الاعتذارات العامة، إلى تنفيذ تغييرات كبيرة في السياسة، أو تدريب الموظفين، أو اتخاذ التدابير القانونية، وكلها تتطلب مستوى أكبر من المشاركة.
يجب على العلامات التجارية تقييم كل موقف بحكمة، وفهم شكاوى المستهلكين، وصياغة استجابة لا تعالج المشكلة المطروحة فحسب، بل تتوافق أيضًا مع قيمها الأساسية وتلبي توقعات عملائها. تعتبر هذه الاستجابة المتوازنة أمرًا أساسيًا لإدارة حملات المقاطعة بشكل فعال.
Chick-fil-A: واجهت الشركة عمليات مقاطعة بدأها المدافعون عن حقوق المثليين بسبب تبرعاتها للمنظمات المناهضة لزواج المثليين. وفي وقت لاحق، أعلنت Chick-fil-A عن إعادة توجيه تبرعاتها نحو التعليم ومحاربة التشرد والجوع.
Uber: في العام 2017، شهدت Uber مقاطعة كبيرة في الولايات المتحدة بعد وقف الأسعار المرتفعة خلال احتجاج على حظر الهجرة الذي فرضه الرئيس ترامب في مطار كينيدي الدولي، مما أدى إلى انخفاض حاد في استخدام المنصة.
Wayfair: تمت مقاطعة العلامة التجارية لتزويدها مراتب وأسرة بطابقين لمعسكر اعتقال للأطفال المهاجرين في تكساس. وتصاعد الوضع إلى قيام الموظفين بتنظيم إضرابات احتجاجًا.
walmart: في أعقاب إطلاق نار جماعي في أحد متاجر walmart ، دعت نقابة المعلمين الوطنية إلى مقاطعة مبيعات الأسلحة للشركة. وردت walmart بإسقاط بيع ذخائر معينة ومطالبة العملاء بعدم حمل أسلحة نارية في متاجرها.
amazon: قاطع موسيقيون الأحداث التي ترعاها الشركة احتجاجًا على عقودها مع وزارة الأمن الداخلي الأميركية وإدارة الهجرة والجمارك، والتي يُنظر إليها على أنها تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان. وظهرت هذه المقاطعة بالتزامن مع إعلان amazon عن أول مهرجان موسيقي لها في لاس فيغاس.
Gillette: بعد إطلاق فيلم قصير بعنوان: We Believe: The Best Men Can Be، والذي تناول موضوع الذكورة السامة، واجهت الشركة رد فعل عنيفًا كبيرًا ومقاطعة عبر الإنترنت. كان لهذا الجدل تأثير مالي ملحوظ، حيث أعلنت الشركة الأم Procter & Gamble عن خسارة قدرها 8 مليارات دولار منسوبة إلى العلامة التجارية.
H&M : في العام 2018، واجهت H&M مقاطعة واحتجاجات بسبب إعلان يظهر طفلًا أسود يرتدي سترة من النوع الثقيل مع شعار وصف بالعنصري. وأدى الحادث، الذي أثار ردود فعل عنيفة كبيرة، إلى قيام العلامة التجارية بإصدار اعتذار وإزالة الصورة.
Goya Foods: في العام 2020، ظهرت دعوات لمقاطعة Goya Foods بعد أن أشاد الرئيس التنفيذي للشركة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب حينها، ما أدى إلى حركة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي تحث المستهلكين على التوقف عن شراء منتجات الشركة.
اقرأ أيضاً: كم يساوي حالياً استثمار 1000 دولار في McDonald’s قبل 10 سنوات؟
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي