الذهب عند أعلى أسعاره منذ 7 أشهر، بينما الدولار الأميركي عند أدنى مستوياته في ثلاث أشهر. حيث أن تحركات الأسواق خاضعة لتأثير تسعيرها لبدء تخفيض أسعار الفائدة في عام 2024. كان هناك انقسام داخل مجلس لجنة السياسة النقدية للفدرالي حول مسار السياسة النقدية سابقًا، لكن كانت همسات رئيس الفدرالي أن الاتفاق بعدم تخفيض سعر الفائدة بالإجماع.
بينما الأسواق وضعت كلام الفدرالي جانباً، وباتت تُسعر امكانية تخفيض سعر الفائدة في يونيو القادم، لا بل اتجهت إلى التفاؤل بشكل أكبر حول موعد بداية دورة التيسير النقدي إلى مارش القادم.
إن الأسواق دائماً ما كانت تتوقع التحركات المستقبلية، بينما سياسة البنوك هي التروي ورد الفعل بناء على الأرقام الاقتصادية، فالأول يتوقع ويحاول أن يستبق بينما الثاني يتحرك بناء على الواقع ويتأخر.
بالنظر إلى آخر التوقعات، لا الأسواق ولا الفدرالي كانا على حق دائماً في آخر دورة سياسة نقدية، فالأسواق توقعت الركود بشكل خاطىء، بينما الفدرالي قد أخطأ في توقع التضخم والركود وقد لا ينجح بإكمال التوقعات الصحيحة في نهاية دورة تشديد السياسة النقدية.
كان توجه الفدرالي الأميركي منذ آخر عملية رفع للفائدة في يوليو الماضي هو الاستمرار في مسار رفع الفائدة، الأصوات داخل المجلس كانت تنادي برفعة فائدة آخيرة، أو على الأقل الإجماع حول البقاء على الفائدة المرتفعة لفترة زمنية طويلة في محاولة لإعادة التضخم نحو مستهدف الفدرالي عند 2%. تلك الأصوات بدأ يظهر عليها بعض التغير يوم الثلاثاء، حيث أشار كريستوفر والر وهو أحد أكثر صناع السياسة تشددًا في الفدرالي إلى أنه من غير المرجح أن ترتفع الفائدة أكثر، ويمكن خفضها إذا استمر التضخم في التباطؤ. قد يكون هو أول تلميح أو تصريح أو إشارة من أحد أعضاء الفدرالي الأميركي حول إمكانية تخفيض الفائدة.
ذلك أعطى الأسواق ما تتوقعه، وهو أن تخفيض الفائدة باتت فكرة يمكن نقاشها داخل المجلس، كما أنها فكرة تؤمن بها الأسواق والتي تعطي احتمالية تخفيض الفائدة في شهر يونيو بأنه متوقع جداً، وفي شهر مارش قد تكون فكرة واردة إذا ما صاحبها بأرقام ناعمة من التضخم، وأرقام سلبية من الوظائف والنمو الاقتصادي.
بالرغم من تصريح والر، إلا أن جيروم باول كان قد ذكر في آخر مؤتمر صحفي بأن تخفيض أسعار الفائدة ليست فكرة ناقشها أو تحدث بها صانعي السياسة النقدية، لذلك قد تحتاج الأسواق المزيد من الأصوات.
تصريح والر أعطى الدولار الأميركي المزيد من السلبية ليصل إلى أدنى مستوياته في ثلاث أشهر، ودفع الذهب نحو أعلى مستوياته منذ سبعة أشهر.
يبدو أن تباطؤ التضخم قد أعطى المستثمرين التفاؤل بأن غمامة التضخم قد زالت، حيث أن التباطؤ نحو مستويات 3.2% دون قراءات مرتفعة بقوة دفعت الأسواق للتوقع بأن دورة تشديد السياسة النقدية قد أعطت تأثيرها على الاقتصاد.
ولكن، تبقى الأرقام الاقتصادية المحيطة بالتضخم قد تحتاج المزيد من الإشارات في الفترة القادمة، ليس فقط التضخم يجب أن يسجل المزيد من التباطؤ، لا بل على النمو الاقتصادي أن يسجل بعض قراءات معتدلة بعيدة عن الأوضاع الحالية عند مستويات 4.9% للربع الثالث، حيث أن دخول النمو في المرحلة السلبية قد يكون لها تأثير بتخفيف الضغوط التضخمية، وبالتالي فإن تراجع أرقام النمو وانحسار الضغوط التضخمية بجانب اعتدال أرقام الأجور قد تكون كفيلة بأن الفيدرالي الأمركي قد يتجه للبدء بتخفيض أسعار الفائدة.
لذلك فإن الفدرالي الأمريكي سيحتاج إلى المزيد من القراءات الاقتصادية للوقوف على قرار دورة السياسة النقدية القادمة، ويحتاج المزيد من الوقت.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي