التوريق.. حل للأزمة الاقتصادية في مصر أم تعميق ؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play
  • الأزمة الدولارية في مصر تخلق مسارات اقتصادية ومالية جديدة
  • التوريق يأتي كورقة مالية قادرة على توفير سيولة دولارية كبيرة في وقت قصير
  • قناة السويس قد تشكل حجر الزاوية لفكرة توريق أصول مصرية
  • صندوق النقد الدولي ومساندته لمصر قد تساهم في تجنب التوريق 

وائل ثابت - محرر في CNBC عربية

ما زال شح الدولار في مصر يمثل الأزمة الأكبر للاقتصاد الذي يعاني بالفعل من أزمات عدة داخلية وخارجية، الحكومة المصرية طرحت عددا من الأفكار والحلول التي قد تساهم في التصدي للأزمة ومواجهة توحش السوق الموازي وتفادي التأثيرات السلبية لتخفيض المؤسسات الدولية للتصنيف الائتماني لمصر.

التوريق كان أحد تلك الحلول التي طرحت مؤخراً على الساحة بهدف توفير عائدات دولارية تساهم في تقليل الأزمة الاقتصادية الحالية، وتوفير الدولار لسد الاحتياجات الدولارية لاستيراد السلع الأساسية للسوق المحلية، وسداد الالتزامات لمؤسسات الدين الدولية والتي تصل هذا العام فقط إلى نحو 42 مليار دولار.

الحكومة المصرية قالت بأنها تبحث إصدار سندات توريق مقابل جزء من عائداتها الدولارية المستقبلية بهدف جمع نحو 10.1 مليار دولار على عدة مراحل خلال السنة المالية 2024-2025، بناء على وثيقة صادرة من مجلس الوزراء المصري بشأن "ملامحَ التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصادِ المصري خلال الفترةِ 2024- 2030", والتي طرحت إمكانية توريق نحو 20% إلى 25% من العائدات الدولارية المصرية.

اقرأ أيضاً: على خطى الأرجنتين.. مصر نحو مزيد من الاقتراض من صندوق النقد الدولي

يأتي ذلك في ظل معدلات مرتفعة من التضخم وسط ارتفاع كبير لأسعار السلع الأساسية جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، ليبلغ التضخم الأساسي 34.2% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول، وجاء ذلك نتيجة ارتفاع في سعر الدولار في السوق الموازي الذي تجاوز 60 جنيهاً للدولار الواحد بينما يبلغ نحو 31 جنيهاً في البنوك.

ما هو التوريق ؟

ويعرف التوريق بأنه عملية مالية تهدف للحصول على جزء من الأرباح المستقبلية لأصول عامة مثل شركة أو بنك أو هيئة عامة، وتحويل أرباحها المستقبلية لسيولة فورية، وذلك من خلال إصدار سندات بجزء من العائدات المستقبلية لتلك الأصول وتوريق مقابلها.

وطبقاً لصندوق النقد الدولي، أن مفهوم التوريق بدأ منذ أزمة الرهن العقاري التي بدأت في عام 2007 والتي أعطت مفهوماً جديداً وهو التوريق الذي دام عقودًا من الزمن، ويعني التوريق هو العملية التي يتم تجميع أنواع معينة من الأصول بهدف طرح عوائدها لطرحها على مشتري الأوراق المالية

وبدأت عملية التوريق في السبعينيات، عندما تم تجميع القروض العقارية من قبل الوكالات المدعومة من الحكومة الأمريكية.


وابتداءً من الثمانينيات، بدأت الأصول الأخرى المدرة للدخل في الظهور والتي كان من الممكن توريقها، وفي السنوات الأخيرة نما السوق بشكل كبير. في بعض الأسواق، مثل تلك الخاصة بالأوراق المالية المدعومة.

قناة السويس 

تأتي قناة السويس على رأس الأصول المصرية التي يتوقع أن تدخل في حزمة الأصول التي سيتم توريقها وذلك كونها الأكثر استدامة وأحد أهم مصادر الدخل الدولاري للدولة المصرية، والتي بلغت طبقاً لرئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، إن إيرادات قناة السويس بلغت 9.4 مليارات دولارخلال العام المالي 2022-2023.

ورغم التوترات الجيوسياسية التي تمر بها منطقة البحر الأحمر والتي أثرت بالسلب على قناة السويس إلا أن القناة تظل الممر المائي الأهم لحركة التجارة العالمية، خاصة مع التحركات الدولية الرامية إلى الحفاظ على أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

ورغم التخوفات من وجود رفض في الشارع المصري، إلا أن الحكومة المصرية أعلنت أن هذه المقترحات سوف تطرح للحوار المجتمعي بهدف الوصول إلي توافق مجتمعي حول الحل الأمثل لتوريق العائدات الدولارية للدولة المصرية.

تراجع التصنيف الائتماني يعقد الموقف

أصبح طريق مصر إلى سوق السندات الدولية أكثر صعوبة بعد تخفيض مؤسسات التصنيف الدولية للاقتصاد المصري، وكان آخرها تغيير وكالة موديز للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية للتصنيف السيادي للديون الحكومية المصرية إلى سلبية بدلا من مستقرة، وأبقت الوكالة على تصنيف مصر الائتماني عند caa1، وهو ما أعتبره محللين أن تغير النظرة المستقبلية نقطة قبل تراجع أخر في التصنيف الإئتماني، فقد خفضت موديز تصنيف مصر السيادي في أكتوبر الماضي من ‭B3‬ إلى Caa1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو ما يضع مصر أمام أزمة حقيقية في توفير سيولة دولارية لسداد الالتزامات الدولية.

اقرأ أيضاً: إثيوبيا توقع اتفاقاً مع أرض الصومال لاستخدام ميناء على البحر الأحمر

ومع تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بل وخروج عدد من الشركات الخليجية والأجنبية العاملة في السوق المصري خلال الفترة الماضية، عمق ذلك الفجوة الدولارية.

صندوق النقد وحزمة إضافية 

يأتي التوريق كأداة إضافية مع التحركات الجارية حالياً مع صندق النقد والذي سبق وأن أقر حزمة تمويلية بقيمة 3 مليارات دولار في نوفمبر 2022 مقسمة على 6 شرائح، وتأمل مصر حاليا في زيادة التمويل إلى نحو 10 مليارات دولار  وتعزز التواصل بين الصندوق والحكومة المصرية من خلال زيارات متبادلة خلال الفترة القليلة الماضية، بهدف إجراء المراجعة الأولى والثانية.

حيث أكدت وزارة المالية المصرية مطلع العام الجاري إنه من المتوقع إتاحة الشريحة الثانية والثالثة من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد إتمام المراجعات الأولى والثانية في الربع الأول من العام الحالي، وذلك بعد الحصول على الشريحة الأولى في ديسمبر 2022 بقيمة 347 مليون دولار

وتأمل مصر أن المباحثات سوف تقود إلى حصول مصر على حزمة اضافية تساهم في تجنب الأزمة الحالية، وتوقعت MOODY'S أن التمويل قد يصل إلى 10 مليارات دولار، قد تساهم في تجنب مصر اللجوء إلى التوريق.

تخوفات من التوريق

الخبير الاقتصادي المصري الدكتور مصطفى بدرة، قال لـ CNBC عربية إن التوريق أداه مالية تستخدم في مصر والعالم وليست بجديدة، وطرحها من قبل الحكومة المصرية يأتي ضمن الأفكار الاقتصادية المختلفة التي تدرسها بهدف تعزيز الوضع الاقتصادي وإنهاء الأزمة الحالية.

اقرأ أيضاً: عدد سكان الهند 2024.. إحصاءات تدق ناقوس الخطر

وأعتبر "بدرة" أن استخدامها يحتاج إلى حنكة وإدارة فنية استثمارية بحته، تكون قادرة على استغلال عوائد التوريق في مشروعات مثمرة قادرة على تحقيق عائد يضاهي العوائد التي تم توريقها.

وأوضح أن التوريق كان مطروح في مصر من قبل ولكن هناك بدائل مناسبة لتلك الفترة، ونفى أي مخاطر  حول الأصول التي قد تخضع للتوريق، كون مصر لم تتخلف عن سداد أي من التزاماتها المالية الدولية طوال الفترات الماضية.

 

لتبقى على اطلاع بآخر الأخبار تابع CNBC عربية على الواتس آب اضغط هنا وعلى تليغرام اضغط هنا

 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

العلامات

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة