-اقتصاد غزة يحتاج 7 عقود للعودة إلى مستويات العام 2022
-مليون شيكل "خسائر يومية في إسرائيل".. وفاتورة الحرب تطال 10% من الناتج
-اضطرابات البحر الأحمر تهدد بآثار وخيمة على الاقتصاد العالمي.. ووقف الحرب عامل رئيسي في حسمها
محمد خالد- محرر في CNBC عربية
دخلت الحرب في غزة شهرها الخامس، مخلفة سلسلة من الخسائر الاقتصادية واسعة المدى؛ سواء بالنسبة لطرفي الحرب، وبشكل متفاوت بينهما، وكذلك على دول الجوار، وصولاً إلى تداعيات الحرب على الاقتصاد العالمي الذي يرزح تحت وطأة حالة من عدم اليقين، في ضوء اضطرابات البحر الأحمر، مع هجمات الحوثيين على السفن التجارية.
في غزة، تتسع دائرة الخسائر لتشمل جميع مناحي الحياة هناك. ولتعويض تلك الخسائر الاقتصادية العامة والعودة إلى أوضاع ما قبل الحرب يتطلب الأمر ما يصل إلى سبعة عقود في أسوأ الظروف وبافتراض معدل نمو 0.4%، طبقاً لتقديرات أممية.
وفي الوضع الأفضل يمكن أن يتم العودة لمستويات ما قبل 2023 بحلول 2035 بافتراض معدل نمو 10%، طبقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، والذي أشارت أحدث التقارير الصادرة عنه إلى خسارة الاقتصاد الفلسطيني ما نحو 25% من قيمته في العام الماضي.
ولإعادة الإعمار، تشير المنظمة المذكورة، إلى أنها تتطلب "أضعاف مبلغ 3.9 مليار دولار الذي كان مطلوباً بعد الحرب السابق في 2014".
ووفق المرصد الأورومتوسطى، فإن ما يزيد عن 60% من البنية التحتية بالقطاع قد تعرضت للدمار. وتشير التقديرات إلى أن ما يزيد عن 305 ألف وحدة سكنية لحق بها الدمار الكلي أو الجزئي، بإجمالي خسائر فاق الـ 7.5 مليارات دولار في هذا القطاع فقط. بينما تقدر الخسائر المباشرة وغير المباشرة بحوالي 22 مليار دولار وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من بينهم 11 مليار دولار خسائر اقتصادية أولية مباشرة.
وقد وضعت رئيسة الإحصاء الفلسطيني، علا عوض، بالتشاور مع أعضاء اللجنة الاستشارية للإحصاءات الاقتصادية من الأكاديميين والاقتصاديين المحليين، بالاضافة إلى وزارة المالية وسلطة النقد الفلسطينية، مجموعة سيناريوهات لمآلات الاقتصاد الفلسطيني على حسب تطورات الحرب، تقيس من خلالها تداعيات كل سيناريو على الوضع الاقتصادي ( للإطلاع على مزيد من التفاصيل بشأن تلك السيناريوهات).
شاهد على CNBC عربية أيضاً:
100 يوم من الحرب في غزة .. الخسائر فادحة ومستمرة
عام 2023 وحرب غزة.. خسائر في الأرواح والممتلكات
وفي إسرائيل، يرزح الاقتصاد تحت وطأة الحرب، متكبداً خسائر مليارية من المرجح أن تتفاقم كلما طال أمد الحرب، وبالنظر إلى أن التقديرات الرسمية تشير إلى خسائر مقدرة بنحو مليار شيكل يومياً، أو بما يعادل 267 مليون دولار.
وطبقاً لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرايلي، فإن كلفة الحرب في إسرائيل يمكن أن تصل إلى 200 مليار شيكل أو ما يعادل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل. ويتوقع أن تسجل إسرائيل خسائر بقيمة 50 مليار شيكل في العام الجاري 2024.
وسط استمرار الحرب .. إسرائيل تشهد أول تخفيض لتصنيفها الائتماني على الإطلاق
المركزي الإسرائيلي: الإنفاق على حرب غزة سيبلغ 10% من الناتج المحلي
توقعات بارتفاع عجز الميزانية بإسرائيل لـ6.6% في 2024
بنك إسرائيل يخفض الفائدة لأول مرة منذ 2020 ويكشف تقديراته لكلفة الحرب
في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي الأردني، مازن أرشيد، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية: "قد تستغرق عملية تعافي اقتصاد غزة من النزاع الأخير عقوداً من الزمن، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي السنوي للقطاع بمقدار 655 مليون دولار في العام الماضي، وهو ما يعادل 24% من إجماليه".
من ناحية أخرى، يلفت أرشيد إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي أظهر مرونة في بعض القطاعات مثل التكنولوجيا والاستثمارات الأجنبية، حيث أكدت شركات رأس المال الاستثماري وشركات التكنولوجيا الكبرى دعمها للنظام البيئي للتكنولوجيا الإسرائيلية، مع استمرار بعض المشاريع الكبرى مثل مصنع Intel لصناعة الرقائق بتكلفة 25 مليار دولار. ومع ذلك، تضررت بعض القطاعات بشدة مثل السياحة والبناء، حيث توقفت المشاريع وانخفضت أعداد السياح بشكل كبير.
اقرأ أيضاً: إسرائيل: قطاع التكنولوجيا "مستمر" رغم الحرب
أما فيما يخص دول الجوار، فقد تأثرت بالصراع من خلال انخفاض السياحة والمخاوف الأمنية، وبما أثر على الاقتصادات المحلية في مصر والأردن ودول أخرى في المنطقة. على سبيل المثال، شهدت حجوزات السفر إلى الشرق الأوسط انخفاضًا بنسبة 26٪ في الأسابيع الثلاثة التي تلت الهجمات.
ومن الناحية الإقليمية، خفض صندوق النقد الدولي توقعات نمو اقتصاديات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.9٪ للعام 2024 بسبب الصراع وتقليص إنتاج النفط، مما يشير إلى التأثير الواسع للصراع على النمو الاقتصادي في المنطقة.
ويتابع الخبير الاقتصادي الأردني، في معرض حديثه مع CNBC عربية، قائلاً: إذا ما تفاقم الصراع، قد تتسع دائرة التأثيرات الاقتصادية لتشمل تعطيل التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، خاصة إذا تأثرت الملاحة في البحر الأحمر أو تصاعدت التوترات في مناطق أخرى مثل لبنان والعراق وسوريا، مما يعرض الاقتصاد العالمي لمزيد من الضغوط، خاصة في ظل التعافي الهش من جائحة كوفيد-19.
وتبقى السيناريوهات المستقبلية غير واضحة المعالم وتعتمد على عدة عوامل بما في ذلك مدى استمرارية الصراع، استجابة المجتمع الدولي، والتطورات الجيوسياسية في المنطقة.
ويختتم أرشيد تصريحاته بقوله: إذا استمر الصراع وتوسع نطاقه، قد نشهد تأثيرات سلبية متزايدة على الاقتصاد العالمي من خلال ارتفاع أسعار النفط، اضطرابات سلاسل التوريد، وزيادة عدم الاستقرار الجيوسياسي الذي قد يثني المستثمرين عن الاستثمار في المنطقة. من ناحية أخرى، قد تؤدي جهود الإعمار والدعم الدولي إلى تحفيز النمو الاقتصادي في المدى الطويل، لكن هذا يتطلب استقرارًا سياسيًا وأمنيًا كأساس للتعافي وإعادة الإعمار.
في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، يقول الأكاديمي الأميركي، آلان كفروني، الاستاذ في كلية هاملتون في نيويورك: "حتى الوقت الحالي، فإن التأثير الاقتصادي العالمي الرئيسي لحرب غزة والتوترات المرتبطة بها في الشرق الأوسط ناتجاً عن هجمات الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل في الشرق الأوسط".
ويضيف: "لقد تحملت إسرائيل وأوروبا وطأة الهجمات، ذلك أن السفن القادمة من آسيا قد تم تحويل مسارها حول رأس الرجاء الصالح.. كما تضاعفت أسعار الشحن البحري من آسيا إلى أوروبا ثلاث مرات، وتضاعفت من آسيا إلى الولايات المتحدة.. كذلك أدت الهجمات إلى ارتفاع تكاليف التأمين".
ويضيف: " أدت عمليات التحويل إلى تضخم متواضع وإغلاق بعض المصانع، وخاصة في أوروبا، تعتمد بشكل كبير على طريق البحر الأحمر، كما أنها تضررت بشدة من الحرب في أوكرانيا.. على سبيل المثال، أوقفت كل من شركتي Tesla وVolvo خطوط إنتاجهما الأوروبية، ومع ذلك، لم يكن لهما حتى الآن تأثير يذكر على الولايات المتحدة، أو على الصعيد العالمي".
ويشير الأكاديمي الأميركي في معرض حديثه مع CNBC عربية، إلى أن تزايد هجمات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على منشآت الحوثيين في اليمن، لكنه يعتقد بأن وقف إطلاق النار في غزة وحده هو الذي سيحد من هذه الهجمات الحوثية (وتهديداتها لحركة التجارة العالمية). وقد وفرت قوات العمل البحرية التابعة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة - وقريباً الاتحاد الأوروبي - التي تعمل بشكل دفاعي في البحر الأحمر، بعض الحماية للسفن ولكنها لم تغير المخاطر بشكل أساسي.
يكمن الخطر الاقتصادي الرئيسي -في تقدير كفروني- في المزيد من التصعيد الناتج عن الهجمات على القوات الأميركية في الأردن وعمليات الانتقام. ويبدو أن كلاً من واشنطن وطهران ترغبان في تجنب الهجمات المباشرة، لكن لا يمكن استبعاد التصعيد. ويمكن أن يؤثر على مضيق هرمز الذي يمر عبره 30% من النفط المنقول بحرا، مما قد يؤدي إلى إغلاقه مما سيكون له تأثير هائل على الاقتصاد العالمي".
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي