مع استمرار الغرب في الضغط من خلال العقوبات على الاقتصاد الروسي، فإن بعض الشركات في البلاد تجد أن أعمالها تزدهر في ظل الصفقات التجارية المربحة مع الصين.
وبعض الشركات الروسية تضاعف أعمالها منذ بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
وتحدث التقرير عن شركة لوجستية تقوم بأعمال في المنطقة الحدودية بين الصين وروسيا والتي شهدت قفزة كبيرة في النشاط منذ غادرت الشركات الغربية البلاد قبل عامين.
سارت أعمال شركة أوراسيا للخدمات اللوجستية، والتي يقع مقرها بالقرب من نهر أمور على الحدود بين روسيا والصين، بشكل أفضل منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا حيث تضاعف حجم مبيعات الشركة لمدة عامين على التوالي.
وتعد الشركة المملوكة لرجل الأعمال نيكيتا مينينكوف واحدة من الشركات الروسية المتعددة التي تستفيد من الارتفاع الحاد في التجارة مع الصين، منذ أن تخلت الشركات الغربية عن السوق الروسية بعد غزو أوكرانيا وفرض العقوبات. وتتخصص أوراسيا في استيراد السلع، خاصة المعدات الصناعية ومعدات البناء، بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية.
اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تفرض قيودا تصديرية على عشرات الكيانات من روسيا والصين ودول أخرى
ويسلط نجاح الشركة الضوء على العلاقة الاقتصادية الوثيقة بشكل متزايد بين موسكو وبكين التي تشتري المزيد من النفط الروسي والذي يعد شريان الحياة للاقتصاد الروسي وتزوده بالسلع، وخاصة السيارات والآلات.
وتظهر بيانات التجارة الصينية لعام 2023 أن صادرات السيارات إلى روسيا كانت أعلى بنحو سبعة أضعاف مما كانت عليه في عام 2022، مع قفزة في قيمة تلك الصادرات بنحو 10 مليارات دولار.
النفط والسيارات قطاعين رابحين
ومع قيام بكين بشراء النفط الروسي بأسعار أرخص من تلك التي يفرضها المنتجون الآخرون، ارتفع إجمالي التجارة الروسية – الصينية بنسبة 64% إلى 240 مليار دولار في العامين الماضيين.
في السياق، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع إن "هذا تطور منهجي ومتبادل المنفعة للتعاون التجاري والاقتصادي". وأضاف "آمل ألا تكون هذه هي الذروة بعد وسنواصل التطور".
ومن المتوقع أن ينتعش نمو حجم التجارة العالمية إلى 3.3 % خلال العام 2024 بعد تباطؤ متوقع إلى 0.8 % خلال العام الماضي.
بهذا الشأن، يرى محللون أن استعداد الصين للقيام بأعمال تجارية أكبر مع روسيا، رغم حربها في أوكرانيا، قد يمد شريان الحياة الاقتصادي للرئيس فلاديمير بوتين بينما يسعى لولاية أخرى مدتها ست سنوات في الانتخابات التي ستجرى في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وقال المدير المساعد لمركز الإصلاح الأوروبي البحثي، زاك مايرز، إن “الزيادة في التجارة بين روسيا والصين توضح ببساطة أن العقوبات تفقد تأثيرها بمرور الوقت”. وأضاف في تصريح لرويترز “تستغل الدول غير المشاركة الفرص الاقتصادية المتبقية عندما تتراجع الشركات الغربية”.
وكانت شركات تصنيع السيارات في الصين هي المستفيدة بشكل خاص من هجرة الشركات الغربية من السوق الروسية، والتي شهدت قيام العديد من الشركات الغربية بسرعة ببيع أصولها ومصانعها بسعر رخيص.
وقفزت حصة الصين في السوق الروسية من أقل من 10% إلى أكثر من 50% خلال العامين الماضيين منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وتحوّل الوكلاء الذين كانوا يبيعون نماذج فولكسفاغن ورينو وستيلانتس إلى العلامات التجارية الصينية، بما في ذلك جيلي وشيري.
من جانبه، قال فلاديسلاف فيرشينين، رئيس المبيعات في وكالة شانغان في ميتيشي، خارج موسكو "لا يوجد بديل. لقد أصبح الأمر مربحاً… الصينيون يتأقلمون بسرعة كبيرة:.
وأضاف في حديثه مع رويترز إن “موقف المشترين يتغير بالتأكيد. والناس ينظرون إلى هذه العلامات التجارية بشكل مختلف، الناس يثقون بها”.
وارتفعت مبيعات سيارات شانغان في روسيا إلى ما يقرب من 47.8 ألفاً بنهاية العام الماضي، من 2550 في عام 2022، وفقاً لوكالة أوتوستات التحليلية.
وتظهر البيانات أنها كانت خامس أفضل علامة تجارية للسيارات مبيعاً خلال 2023، وفي فبراير/ شباط 2024، كانت ثمانية من العلامات التجارية العشر الأكثر مبيعا للسيارات في روسيا صينية.
مخاطر العلاقة
ويعتقد مايرز أن التوسع في العلاقات التجارية الصينية – الروسية ينطوي على مخاطر لكلا الجانبين. وقال "هناك خطر كبير بالنسبة إلى روسيا التي أصبحت الآن أكثر اعتماداً على الصين من اعتماد الصين على روسيا… الصين شريك لا تثق به روسيا بشدة".
وأوضح أن الغرب يظل شريكاً تجارياً أكبر بكثير للصين من روسيا، ولدى الصين الكثير لتخسره إذا بدأت العقوبات الغربية في ضرب عدد كبير من الشركات الصينية.
وقلّل بيسكوف من المخاطر، وقال “لا نرى تهديدات اقتصادية وسياسية في هذا.. لقد حدد كل من الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس شي جينبينغ هدف تعزيز حجم العلاقات التجارية والاقتصادية بما يتجاوز 200 مليار دولار حتى قبل اندلاع الحرب".
وفي الوقت الحالي، ساعدت الشركات الصينية سوق السيارات في روسيا على التعافي بعد انكماش حاد في العام 2022، عندما تم بيع أكثر من 626.2 ألف سيارة ركاب فقط. وبالنسبة إلى كامل العام الماضي، بلغت المبيعات 1.06 مليون سيارة، وهي لا تزال أقل من مستويات ما قبل الحرب البالغة 1.52 مليون في عام 2021.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي