كيف تشكل هجمات أوكرانيا على المصافي الروسية تهديداً لأسواق الطاقة العالمية؟

نشر
آخر تحديث
كيف تشكل هجمات أوكرانيا على المصافي الروسية تهديداً لأسواق الطاقة العالمية؟- AFP

استمع للمقال
Play

تُظهر حملة الهجمات التي شنتها أوكرانيا ضد مصافي النفط الروسية كيف يمكن للطائرات المسيرة الرخيصة نسبياً المستخدمة للذكاء الاصطناعي أن تشكل تهديداً كبيراً لأسواق الطاقة العالمية.

ضربت الطائرات المسيرة التي أطلقتها أوكرانيا 18 مصفاة نفط روسية هذا العام بقدرة إجمالية تبلغ 3.9 مليون برميل يومياً، وفقاً لتقرير نشره بنك JPMorgan في وقت سابق من هذا الشهر. وقال البنك إن نحو 670 ألف برميل يومياً من طاقة التكرير الروسية متوقفة حالياً بسبب تلك الهجمات.

وتنمو قدرات أوكرانيا مع طائراتها المسيرة التي تظهر الآن مدى أطول بكثير. في وقت سابق من هذا الشهر، ضربت كييف ثالث أكبر مصفاة للنفط في روسيا، Taneco، التي تقع على بعد 1300 كيلومتر - حوالي 800 ميل - من الخطوط الأمامية، وفقاً لما نقلته شبكة CNBC عن بنك JPMorgan.

وتستخدم أوكرانيا بشكل متزايد طائرات بدون طيار مدعمة بالذكاء الاصطناعي، مما يساعد الأسلحة على التنقل وتجنب التشويش، بحسب البنك.

اقرأ أيضاً: الذهب ليس الوحيد.. ما أبرز السلع الأساسية التي قفزت أسعارها مؤخراً؟

وقالت رئيسة استراتيجية السلع العالمية في بنك JPMorgan، ناتاشا كانيفا، للعملاء في تقرير أبريل/ نيسان: "إن تقديرات الذكاء الاصطناعي توفر أيضاً دقة الضربات، مما يزيد من تأثير الضربات إلى أقصى حد من خلال استهداف مناطق محددة مثل أبراج التقطير، والتي يتطلب إصلاحها تكنولوجيا غربية". 

وأضافت: "هذا يجعل الإصلاحات مكلفة وغالباً ما تتطلب معدات لا تستطيع الدولة (روسيا) إنتاجها".

مخاوف أميركية

أوضح وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الثلاثاء 9 أبريل/ نيسان، أن إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بالقلق بشأن الضربات في تعبير نادر عن الخلاف العلني مع حلفاء الولايات المتحدة في كييف.

وقال أوستن أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي: "من المؤكد أن تلك الهجمات يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر فيما يتعلق بوضع الطاقة العالمي". "بصراحة، أعتقد أن من الأفضل لأوكرانيا أن تلاحق الأهداف التكتيكية والعملياتية التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على المعركة الحالية".

حثت الولايات المتحدة أوكرانيا على وقف الهجمات على البنية التحتية للطاقة الروسية خشية أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام والتحريض على الانتقام من موسكو، حسبما قال ثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشات لصحيفة Financial Times الشهر الماضي.

وقد تتفاقم الخسائر في طاقة التكرير الروسية، حيث تهدف أوكرانيا إلى بناء صناعة متكاملة للطائرات المسيرة وإنتاج مليون وحدة محلياً هذا العام، وفقاً لتقرير JPMorgan. وإذا تمكنت كييف من توسيع نطاق تلك الطائرات إلى 1500 كيلومتر (حوالي 932 ميلاً)، فمن المحتمل أن تضرب 21 مصفاة بطاقة أكثر من 4.4 مليون برميل يومياً من الطاقة المكررة، وفقاً للتقرير.

وقال خبير الطاقة والشريك المؤسس في شركة Again Capital، جون كيلدوف: "هناك مجال لأن يمثل هذا مشكلة أكبر، لأننا أصبحنا نعتمد على وصول الإمدادات الروسية إلى السوق العالمية، مما يسمح لإمدادات أخرى غير روسية بالذهاب إلى أماكن أخرى".

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر منع الولايات المتحدة وبريطانيا استيراد المعادن من روسيا على المنتجين المحليين؟

نشر طائرات مسيرة تعمل بالذكاء الاصطناعي له أيضاً آثار أوسع على أسواق الطاقة العالمية، وفقاً لأحد كبار محللي الأبحاث في Bernstein، بوب براكيت. وقال براكيت لعملائه في مذكرة، الجمعة 12 أبريل/ نيسان، إن إنتاج الطائرات المسيرة رخيص مقارنة بملايين الدولارات من الأضرار التي يمكن أن تسببها، ويمكن أن تمكن الجهات غير الحكومية من تحدي القوات المقاتلة المتفوقة.

وكتب براكيت: "يمكن لهذه الطائرات بدون طيار أن تعطل التجارة العالمية المنقولة بحراً بسهولة وبشكل غير متماثل"، محذراً من أن مصدري النفط مثل روسيا ليسوا الدول الوحيدة التي تحتاج إلى القلق. 

وأضاف أن مستوردي النفط، مثل الصين والهند، سيتعين عليهم الآن القلق بشأن انقطاع تدفقات النفط الخام بسبب هجمات الطائرات المسيرة.

التأثير على أسعار النفط والبنزين

تأتي حملة ضربات الطائرات المسيرة في أوكرانيا في نفس الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات في الشرق الأوسط، وسط خطورة من وقوع مواجهة مباشرة بين إيران العضو في منظمة أوبك، وإسرائيل.

وارتفع النفط الخام الأميركي نحو 20% هذا العام، في حين ارتفع خام برنت القياسي العالمي 17% مع احتدام الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية على خلفية ارتفاع الطلب على الخام وتقلص العرض. وارتفعت العقود الآجلة للبنزين بنحو 33% منذ بداية العام.

وقال رئيس شركة Rapidan Energy، بوب ماكنالي، إن ضربات الطائرات المسيرة ليست مشكلة رئيسية لأسعار النفط في الوقت الحالي لأن الهجمات على مصافي التكرير تؤثر في المقام الأول على إنتاج روسيا من الديزل في وقت السوق فيه متخمة بالفعل.

لكن روسيا تعد أيضاً مصدراً رئيسياً لمادة البنزين التي تسمى النافتا. وقال ماكنالي، الذي شغل منصب مسؤول كبير في مجال الطاقة في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، إنه إذا تقلصت أسواق النافتا بسبب الهجمات، فقد يكون لذلك تأثير على أسعار الغاز وأرصدته.

وقال Goldman Sachs في مذكرة بحثية، الشهر الماضي، إن الضربات إيجابية بالنسبة لأسعار الديزل، لكن التأثير على النفط الخام متباين. 

وأضاف أنه يمكن أن يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى انخفاض الطلب على النفط من المصافي، وهو أمر سلبي بالنسبة للأسعار. لكن السوق تشعر بالقلق من أن أوكرانيا قد تضرب بشكل متزايد إنتاج النفط والبنية التحتية للنقل، الأمر الذي سيؤثر على صادرات الخام الروسية.

وقال رئيس استراتيجية السلع في شركة TD Securities، بارت ميليك، إن الهجمات الحالية قد يكون لها تأثير غير مباشر على أسواق النفط. 

وأضاف ميليك أنه مع انخفاض صادرات الوقود الروسية بسبب الهجمات، فإن الدول التي تعتمد على تلك الصادرات تحتاج بعد ذلك إلى الحصول على الوقود من مصافي التكرير. 

وذكر أن تلك المصافي تحتاج إلى مزيد من الخام لتلبية الطلب، وهو ما يمكن أن يضغط على إمدادات النفط.

ضغوط على المرشح بايدن

يشكل الإنتاج الروسي بالفعل مشكلة لإدارة بايدن. وتعهدت موسكو بخفض إنتاجها وصادراتها النفطية بمقدار 471 ألف برميل إضافية يومياً في الربع الثاني للوفاء بالتزاماتها تجاه تحالف "أوبك+".

وقد تؤدي هذه التخفيضات إلى دفع سعر خام برنت إلى 100 دولار بحلول سبتمبر/ أيلول، الأمر الذي سيضغط على إدارة بايدن، المرشح الديمقراطي، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية مباشرة، وفقاً لتقرير JPMorgan الشهر الماضي.

ويتوقع البنك الاستثماري أن تصل أسعار الغاز الأميركي إلى 4 دولارات للغالون بحلول مايو/ أيار، وهو أعلى مستوى منذ صيف 2022.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة