الأسواق الناشئة تعاني وسط عواصف عالمية متلاطمة

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

لمياء نبيل - محررة في CNBC عربية 

منذ بداية شهر أبريل (نيسان) الجاري، تشهد عملات الأسواق الناشئة على وجه الخصوص تراجعات كبرى، متجهة في أغلبها نحو أدنى مستوياتها منذ بداية عام 2024.

ويمتد الأثر إلى أسواق الأسهم في هذه البلدان، لتشهد بدورها خسائر وسط موجة من الخوف والعزوف عن المخاطرة تغذيها بشكل كبير التوترات في أكثر من منطقة حول العالم، وعلى رأسها الشرق الأوسط.

وإضافة إلى التوترات العسكرية في غزة، فإن الأوضاع الجيوسياسية تبدو مرتبكة، وسط صورة غائمة حول التطورات بين الصين والدول الغربية، بداية من التصعيد الاقتصادي والتجاري وتهديدات قضايا الإغراق التي تقودها كل من الولايات المتحدة ودول أوروبية بدعوى الإنتاج الفائق فوق حاجة الأسواق، وصولا إلى تصعيد قضايا التجسس التكنولوجي الصيني أخيرا في كل من ألمانيا وبريطانيا.

ويضاف ذلك إلى الأزمة المستمرة في أوكرانيا، وما يصاحبها من تشاحن متواصل بين روسيا والدول الغربية، وما تشمله من عقوبات وتهديدات تمس الأصول الروسية في أوروبا ونظيرتها الغربية في روسيا.

اقرأ أيضاً: مصر تقر موازنة العام المالي 2024 - 2025 .. واستهداف نمو بنسبة 4.2%

ويتزامن كل هذا الارتباك مع ترقب الأسواق والمستثمرين حول العالم لمستقبل الفائدة الأميركية، خاصة في ظل توقع أغلب المحللين بتأخر الاحتياطي الفدرالي الأميركي في خفض الفائدة هذا العام.

وتعد الفائدة الأميركية المرتفعة والمضمونة أحد أهم عوامل تخارج الأموال من الأسواق الناشئة، التي تقدم بعضها فائدة أقل، وبعضها الأخر ربما يكون أقل رسوخا وموثوقية؛ بما يقلل من فرص المخاطرة وسط أوضاع عالمية مرتبكة.

ونتيجة لكل هذه العوامل، فإن الإقبال يظل هائلا على الملاذات الآمنة، وخاصة الدولار، وهو الشغف الذي غلب على الأسواق لدرجة هبوط الين (وهو عملة ملاذ آمن بدوره) إلى أدنى مستوياته منذ عام 1990 مقابل الدولار، ما أسفر عن تلويح السلطات المالية اليابانية بـ"تدخل وشيك ونادر" لحماية العملة المحلية.

والأسبوع الماضي، أوضحت مذكرة لـ"بنك أوف أميركا" نصائح للمستثمرين بالحذر بخصوص سندات وعملات الأسواق الناشئة بسبب المخاوف بشأن أسعار الفائدة والتداولات الحادة.

وقالت المذكرة إن "الوقت قد يكون الأنسب لرفع مخاطر الأسواق الناشئة مرة أخرى، تزامنا مع تقييم البيانات الاقتصادية قبل اجتماع الفدرالي في يونيو (حزيران) المقبل"، وأضافت في تحذير صريح: "في الوقت الحالي، نتجنب عمليات الشراء الصريحة في العملات الأجنبية في الأسواق الناشئة وأسعار الفائدة ونظل حذرين بشأن فروق الأسعار".

"فلاش باك" 

وتثير هذه الصورة المعقدة مخاوف كثير من المحللين من تكرار الأزمة المالية الآسيوية التي شهدتها دول جنوب شرق آسيا في عام 1997، والتي أدت إلى صدمة عالمية وركود عميق آنذاك استمر لسنوات.

لكن في مقابل المخاطر والتراجعات، فإن الإحصاءات تشير إلى أن الأسواق الناشئة لا تزال جاذبة للأموال. وفي أحدث دليل على ذلك، قال معهد التمويل الدولي يوم الثلاثاء إن الأجانب أضافوا نحو 32.7 مليار دولار إلى محافظهم في الأسواق الناشئة في مارس (آذار) الماضي، وهو خامس شهر على التوالي من إجمالي صافي التدفقات الأجنبية إلى الأسواق الناشئة.

وقالت مجموعة التجارة المصرفية التابعة لمعهد التمويل الدولي إن التدفقات كانت إيجابية لكل من السندات والأسهم الشهر الماضي، حيث استوعبت الأسهم 10.2 مليار دولار والديون 22.5 مليار دولار. وأظهرت البيانات أن هذه هي المرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول) 2021 التي تسجل فيها السندات والأسهم في الصين وباقي الأسواق الناشئة خارجها، تدفقات شهرية متزامنة.

اقرأ أيضاً: المركزي الروسي: تباطؤ التضخم ليس كافيا حتى الآن لبدء خفض أسعار الفائدة

ويقارن الرقم الشهري الإجمالي بتدفقات واردة بقيمة 20.5 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي، وبفارق هائل عن تدفقات خارجية بقيمة 9.1 مليار دولار في مارس 2023.

وعادت التدفقات الإيجابية إلى كل من الأسهم والديون الصينية للمرة الأولى منذ يونيو (حزيران) 2023، ولو بشكل طفيف. واستحوذت الأسهم الصينية على 1.7 مليار دولار والسندات 2.1 مليار دولار.

وقال جوناثان فورتون، الخبير الاقتصادي في معهد التمويل الدولي: "شهدت ديون الأسواق الناشئة باستثناء الصين تدفقات أقوى، مدعومة بشكل أساسي بإصدارات كبيرة من قبل عدد قليل من الأسواق الناشئة المختارة والتأثير الإيجابي من تجارة المناقلة.

وعلاوة على ذلك، فإن شهية السوق للديون بالعملة المحلية في مجمع الأسواق الناشئة ساهمت أيضًا في دعم الرقم الإجمالي".

ومع ذلك، قال معهد التمويل الدولي إن "التوقعات تبقى غامضة"، نظرا لعدم اليقين المحيط بوتيرة وحتى اتجاه السياسة النقدية في الولايات المتحدة. وأوضح فورتون أن "عوائد العملات في الأسواق الناشئة ستظل مرتبطة بشكل وثيق بالاقتصاد الأميركي.

ولا يزال هناك قدر كبير من المخاطر في التوقعات، ويرتبط بشكل أساسي بمزيد من التصعيد في الصراعات الجيوسياسية، وعودة ارتفاع التضخم وما يترتب على ذلك من موقف أكثر تشددًا من بنك الاحتياطي الفدرالي".

ويأتي الحذر بعدما تم الاستشهاد بالتضخم المستمر وأسعار الفائدة المرتفعة على المدى الطويل كمخاطر رئيسية على الاستقرار المالي في أحدث استطلاع أجراه بنك الاحتياطي الفدرالي.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة