مصطفى عيد - محرر في CNBC عربية
أعلنت الجزائر، السبت 27 أبريل/ نيسان، عن تحقيق نسبة نمو اقتصادى بلغت 4.1 % في العام الماضي 2023، فيما تشير التقديرات للعام الحالي 2024 لنسبة نمو بنحو 3.8 % مع زيادة الإنفاق الحكومي.
ووفق وزير المالية الجزائرى، لعزيز فايد، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة، بعنوان "مخرجات اجتماعات الربيع 2024 لمجموعة البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والقضايا الاقتصادية ذات الصلة"، فإن نسبة النمو البالغة 4.1% في العام 2023 هي نفس التقديرات التى توقعها صندوق النقد الدولى تقريبا".
"التوقعات إيجابية على المدى القريب" هكذا يرى صندوق النقد الدولي، في تقريره عن مشاورات المادة الرابعة للعام 2023 مع الجزائر، المستقبل القريب للاقتصاد الجزائري.
ويعتقد الصندوق بأن تحقق الجزائر نمواً اقتصادياً جيداً على الرغم من تعدد الرياح المعاكسة والتي يتمثل أبرزها التداعيات الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية وتأثيرها على السلع والتضخم.
يواجه الاقتصاد الجزائري كحال عديد من اقتصادات المنطقة عدداً من التحديات المتتالية منذ تداعيات أزمة كوفيد 19 في العام 2020، وما تلاها من حروب واضطرابات، وأزمات محلية وغيرها.
لكن آخر تقرير من البنك الدولي عن أحدث المستجدات الاقتصادية للجزائر، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قال إن العام 2022 شهد عودة الاقتصاد الجزائري لمستوى ما قبل الجائحة، وإن هذا الانتعاش تواصل في النصف الأول من العام 2023.
كما توقع البنك في تقريره أن يعود النمو في الجزائر إلى المسار الذي كان عليه قبل الجائحة خلال العام 2024، مدعوماً بشكل خاص بقطاعي المحروقات والزراعة.
ومن المتوقع أن تستمر زيادة الاستثمارات، ومنها الاستثمار في المشروعات الصناعية الكبرى، في دعم نمو الاقتصاد بين العامين 2023 و2025، وسيكون استمرار الجهود من أجل تحسين بيئة الأعمال، واجتذاب استثمارات القطاع الخاص من العوامل الرئيسية في الحفاظ على هذا المسار.
رغم الرؤية الإيجابية، يتوقع صندوق النقد الدولي، في تقريره الصادر في أواخر مارس/ آذار، أن يحقق اقتصاد الجزائر معدل نمو يصل إلى 3.8% خلال العام 2024 (وهو أقل من توقعات الحكومة السابقة عند 4.2% ويتفق مع توقعاتها الحالية).
يأتي النمو هذا العام مدعوماً جزئياً بالإنفاق المالي الضخم، على أن يواصل معدل النمو التراجع في العام المقبل مسجلاً 3.1%، بحسب تقديرات الصندوق.
بينما يتوقع الصندوق أن يصل متوسط معدل التضخم في العام الجاري إلى 7.6% مقابل تقديرات 9.3% خلال العام 2023، على أن يواصل التراجع إلى 6.4% في العام 2025.
ومن المتوقع أن يصل معدل الاستثمار إلى 38.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2024 وهو نفس المستوى لتقديرات العام 2023، موزعاً بين 7% استثمارات حكومية، و31.6% غير حكومية.
ويتوقع صندوق النقد أن يتوسع العجز الكلي للميزانية خلال العام الجاري إلى 8.5% من الناتج المحلي الإجمال مقابل تقديرات بنسبة 3% للعجز في العام الماضي، على أن يتراجع إلى 7.8% في العام المقبل.
ويأتي ذلك مع التوقعات بتراجع إيرادات الميزانية إلى 27.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل تقديرات 31.1% للعام الماضي، على أن تواصل التراجع إلى 26.8% العام المقبل.
بينما من المتوقع ارتفاع المصروفات إلى 36.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري مقابل تقديرات 34.1% للعام 2023، لكن من المتوقع أن تتراجع مرة أخرى العام المقبل إلى 34.7% من الناتج المحلي.
كما تشير تقديرات الصندوق إلى تراجع الدين الحكومي إلى 46.4% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الجاري مقابل تقديرات بنسبة 49.5% بنهاية العام 2023، على أن يرتفع مرة أخرى إلى 49.7% في العام 2025 ومتجاوزاً مستوى الـ 50% خلال السنوات التالية.
وبحسب ما يراه صندوق النقد، من المتوقع أن يتقلص فائض ميزان الحساب الجاري للجزائر إلى 0.1% من الناتح المحلي الإجمالي خلال 2024 مقابل 2.2% في العام الماضي، مع انخفاض أسعار النفط والغاز، على أن يتحول إلى عجز بنسبة 1.5% من الناتج خلال العام المقبل.
من المتوقع أيضاً أن تنخفض قيمة الصادرات بنسبة 0.6% خلال العام الجاري على أساس سنوي، على أن ترتفع الواردات بنسبة 11.2% في 2024، بحسب تقديرات صندوق النقد.
ويعتقد صندوق النقد الدولي بأن احتياطي النقد الأجنبي للجزائر سيرتفع خلال العام الجاري إلى 71.3 مليار دولار بنهاية العام الجاري مقابل تقديرات بوصوله إلى 68.9 مليار دولار في نهاية 2023، على أن يتراجع بنهاية العام المقبل إلى 69.3 مليار دولار.
ورغم توقعات زيادة الاحتياطي فإن رصيده المقدر بنهاية العام الجاري يغطي واردات 13.5 شهر مقابل 14.1 شهر لرصيده المقدر في نهاية 2023، بحسب بيانات الصندوق.
يعد إنتاج الهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي) وعائدات التصدير الأساس في اقتصاد البلاد، بحسب البنك الدولي، وشكل قطاع الهيدروكربونات 19% من إجمالي الناتج المحلي، و93% من صادرات المنتجات، و38% من إيرادات الموازنة بين عامي 2016 و2021.
وتطمح الجزائر إلى تنويع اقتصادها لتنويع مصادر إيراداتها وتحسين فرص العمل، لاسيما للشباب، وفق البنك الدولي.
ومنذ عام 2020، اتخذت الحكومة خطوات لتعزيز الاستثمار الأجنبي والمحلي، عبر إصدار قانون جديد للهيدروكربونات، ورفع القيود جزئياً على الملكية الأجنبية للشركات المحلية، واعتماد قانون جديد للاستثمار، والعمل على إصدار قانون جديد للمال والائتمان، وكذلك قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقال الممثل المقيم للبنك الدولي في الجزائر، كمال براهم في بيان للبنك في أكتوبر الماضي: "تتمتع الجزائر بالقدرة على تنويع اقتصادها، والحد من اعتمادها على الواردات، وزيادة الصادرات خارج المحروقات، مع توفير فرص عمل بصورة مستدامة في القطاع الخاص".
وأضاف: "بالرغم من أنه من المبكر إرجاع ذلك إلى الإصلاحات الأخيرة، فإن الأداء الاقتصادي المستدام يبعث على التفاؤل، كما ينبغي تعزيز الجهود الرامية إلى تحفيز استثمارات القطاع الخاص".
وبينما شكلت القطاعات خارج المحروقات خلال الفترة بين عامي 2018 و2022 نحو 78% من إجمالي الناتج المحلي، فإن المحروقات مثلت أكثر من 92% من صادرات المنتجات و43% من إيرادات الميزانية، بحسب تقرير البنك الدولي.
يرى صندوق النقد أن الآفاق الاقتصادية للجزائر على المدى المتوسط تتوقف على الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد والقدرة على جذب الاستثمارات الخاصة، وهي معرضة لعدة مخاطر.
وتشمل المخاطر على الجانب السلبي التضخم العنيد، والتقلب في أسعار النفط والغاز الدولية، والمخاطر المالية الناجمة عن الالتزامات الطارئة، والاحتياجات المالية الكبيرة في الميزانية، وارتفاع الدين العام، وفقاً للصندوق.
ومن شأن الأحداث المناخية المتطرفة أن تؤثر على الاقتصاد والميزانية، في حين أن التحول غير المنظم للطاقة يشكل خطراً على المدى الطويل.
وعلى الجانب الإيجابي، فإن الإصلاحات البنيوية المستدامة والجريئة والعميقة والجهود الحازمة لتنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال، وجذب الاستثمار، والاستفادة من أسواق التصدير الجديدة، من الممكن أن تعمل على تحفيز النمو وخلق فرص العمل، بحسب الصندوق.
ويعتقد البنك الدولي أن الآفاق الاقتصادية لعامي 2024 و2025 ستبقى مرهونة بتقلب أسعار النفط العالمية والظروف المناخية غير المستقرة، مما يؤكد أهمية تعزيز تنويع الاقتصاد لتدعيم قدرة الاقتصاد الجزائري على الصمود.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي