كيف يخرج الاقتصاد العراقي من عباءة الاعتماد على النفط؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

من المتوقع أن يعود الاقتصاد العراقي للنمو في العام 2024 بنسبة 1.4% مقابل انكماش بنسبة 2.2% خلال العام 2023، على أن يقفز معدل النمو في العام المقبل إلى 5.3%، بحسب بيانات آخر تقرير لصندوق النقد لآفاق الاقتصاد العالمي الصادر الشهر الجاري.

ويأتي انكماش إجمالي الناتج المحلي للعراق في العام الماضي على الرغم من عودة النمو بشكل قوي في القطاع غير النفطي مسجلاً 6%، مع انحسار التضخم، وفق تقديرات الصندوق.

ووفق بيان بعثة صندوق النقد لإجراء مشاورات المادة الرابعة، في مارس/ آذار الماضي، يتوقع الصندوق أن يعاود النمو الإجمالي الارتفاع في العام 2024، على أن يستمر زخم النمو غير النفطي خلال العام، بينما تميل المخاطر نحو الزيادة وسط تزايد حالة عدم اليقين.

يأتي ذلك بينما يتوقع الصندوق على المدى المتوسط، أن يستقر النمو غير النفطي في حدود 2.5% نظراً للعقبات التي تحد من تنمية القطاع الخاص.

إيرادات النفط تقود الميزانية إلى العجز

يُعد العراق أحد أكثر الدول اعتماداً على النفط في العالم، وشكلت عائدات النفط أكثر من 99% من صادراته، و85% من موازنته الحكومية، و42% من إجمالي ناتجه المحلي على مدار العِقد الماضي، بحسب بيانات البنك الدولي.

ويرى البنك الدولي أن من شأن هذا الاعتماد المفرط على النفط أن يعرّض البلاد لتقلبات الاقتصاد الكلي، في حين تقيد أوجه الجمود في الموازنة حيز الإنفاق المتاح في المالية العامة، كما تحد من أي فرصة لوضع سياسات لمواجهة التقلبات الدورية.

شاهد أيضاً: العراق يعتمد بأكثر من 95% على النفط لتمويل موازنته السنوية

وتحول رصيد المالية العامة من فائض بنسبة 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022، إلى عجزٍ مقداره 1.3% في العام 2023.

ويعود ذلك إلى انخفاض الإيرادات النفطية، وزيادة الإنفاق بنسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي، الذي أسهمت في زيادته الرواتب والمعاشات التعاقدية بنسبة 5%، بحسب صندوق النقد.

ويتوقع الصندوق أن يصل عجز المالية العامة إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024، في ظل غياب تدابير جديدة على مستوى السياسات، على أن يتسع أكثر بعد ذلك مع الانخفاض التدريجي المتوقع في أسعار النفط على المدى المتوسط.

وسينتج عن زيادة عجز المالية العامة تضاعف الدين العام تقريباً من 44% من الناتج في العام 2023 إلى 86% من الناتج بحلول العام 2029، وفقاً لتقديرات الصندوق.

توقعات بتحول الحساب الجاري إلى العجز

يقدر صندوق النقد فائض الحساب الجاري بنسبة 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الماضي، متوقعاً أن يتحول إلى العجز بنسبة 3.6% خلال 2024، وأن يتوسع هذا العجز إلى 5.1%.

مؤشرات تحسنت

تراجع التضخم الكلي من مستوى 7.5% في يناير/ كانون الثاني 2023، إلى 4% مع نهاية العام الماضي، بحسب تقديرات صندوق النقد، وهو ما عكس انخفاض أسعار الأغذية والطاقة على المستوى الدولي، والأثر الذي أحدثته عملية إعادة تقييم سعر العملة العراقية في فبراير/ شباط 2023.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يستقر معدل التضخم عند 4%، سواء كمتوسط للعام أو كمستوى بنهاية السنة خلال العامين 2024، و2025.

كما يقدر الصندوق ارتفاع الاحتياطيات الدولية إلى 112 مليار دولار أميركي، بنهاية 2023 مقابل نحو 97 مليار دولار في نهاية 2022.

وخفضت الحكومة العراقية الدين الخارجي من 19.729 مليار دولار في 2022 إلى 15.976 مليار دولار في 2023، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في أبريل/ نيسان الجاري.

وقال العوادي إن الحكومة اتخذت سلسلة من الإجراءات التنفيذية، وتبنت حزمة من القرارات المالية، انتهت إلى تقليل الدين العام الخارجي بنسبة تتجاوز الـ 50%، لينخفض الدين من 19.729 مليار دولار أواخر العام 2022، إلى 15.976 مليار دولار في العام 2023، وصولاً إلى ما يقارب 8.9 مليار دولار في العام الحالي.

خطوات أخرى لدور أكبر للقطاع غير النفطي

يعتقد صندوق النقد بأن خفض مستوى الاعتماد على النفط، وضمان الاستدامة المالية، مع العمل في الوقت ذاته على حماية الإنفاق الاجتماعي والاستثماري بالغ الأهمية، سوف يتطلّب إجراءَ ضبط كبير لأوضاع المالية العامة، يرتكَّزُ على التَّحكُّم في فاتورة أُجور القطاع العام، وزيادة الإيرادات غير النفطية.

وبالتوازي مع ذلك، سوف يتطلب الوضع تحقيق نمو اقتصادي مرتفع لاستيعاب القوى العاملة المتزايدة بشكل سريع، وتعزيز الصادرات غير النفطية، وتوسيع نطاق الوعاء الضريبي.

اقرأ أيضاً: شركة TotalEnergies: استكمال المرحلة الأولى من مشروع للطاقة الشمسية بالعراق العام المقبل

ويرى صندوق النقد أن هناك حاجة لتنفيذ إجراء ضبط طموح لأوضاع المالية العامة، للمساعدة في استقرار الدين على المدى المتوسط، وإعادة بناء هوامش أمان وقائية للمالية العامة، مع الحفاظ على الإنفاق الرأسمالي الضروري.

ويأتي معظم جوانب ضبط أوضاع المالية العامة من خفض الإنفاق الجاري، وبخاصة السيطرة على فاتورة الأُجور عن طريق الحد من التعيينات الإلزامية، ومن العمل على تطبيق التدريجي لقاعدة التناقص الطبيعي للعاملين في القطاع العام.

وأشار الصندوق إلى ضرورة زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال توسيع قاعدة ضريبة الدخل على الأفراد، وجعلها أكثر تصاعدية، ومراجعة هيكل التعرفة الجمركية، والنظر في فرض ضرائب جديدة على البنود الكمالية.

كما يرى الصندوق أن هناك حاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية واسعة لتعزيز تنمية القطاع الخاص والتنوّع الاقتصادي.

وأوضح أن العراق يحتاج إلى رفع معدّلات النمو في القطاع غير النفطي وبشكل مستدام لاستيعاب القوى العاملة التي تتزايد أعدادها بشكل سريع، وإلى زيادة الصادرات غير النفطية والإيرادات الحكومية، بالإضافة إلى الحد من تعرض الاقتصاد لصدمات أسعار النفط.

وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد ذكر في يناير/ كانون الثاني الماضي، أن بلاده  حددت هدفا في موازنة مدتها ثلاث سنوات لتقليل الاعتماد على إيرادات النفط من 95% إلى 80%، وذلك في جلسة نقاشية بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة