أحدث قرار الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، شرارة بدء حرب تجارية بين التكتل الأوروبي والمارد الصيني، حيث ردت بكين، الخميس، بأنها "تحتفظ بحق" التقدم بشكوى لدى منظمة التجارة العالمية.
كما أعربت بكين عن أملها في أن يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في الرسوم المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية ويتوقف عن المضي قدماً في الاتجاه الخاطئ لحماية صناعة السيارات الخاصة به من المنافسة، وذلك وفقاً لوكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".
ويوم أمس الأربعاء، أعلنت بروكسل زيادة الرسوم الجمركية الأوروبية على واردات السيارات الكهربائية الصينية لتصل إلى حوالي 38%، فيما تسعى إلى تجنب حرب تجارية مع بكين المتّهمة بتوفير دعم لشركات تصنيع السيارات المحلية بشكل غير قانوني.
شكوى أمام منظمة التجارة
وقال الناطق باسم وزارة التجارة هي يادونغ خلال مؤتمر صحافي الخميس إن "الصين تحتفظ بحق تقديم شكوى لدى منظمة التجارة العالمية واتخاذ كل التدابير اللازمة للدفاع بحزم عن حقوق الشركات الصينية ومصالحها".
شاهد أيضاً: هل أصبحت صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا بخطر بسبب "المارد الصيني"؟
ودان المتحدث قرار بروكسل معتبراً أنه يفتقر إلى "أساس واقعي وقانوني".
وأوضح يادونغ "هذا الإجراء لا يضر بالحقوق والمصالح القانونية لقطاع صناعة السيارات الكهربائية الصينية فحسب، بل سيؤثر أيضاً على سلاسل الإنتاج والتوريد في كل أنحاء العالم، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي".
وسيبدأ تطبيق الرسوم الإضافية بشكل تدريجي اعتباراً من الرابع من يوليو/ تموز ثم بشكل نهائي بدءاً من نوفمبر، تشرين الثاني، ما لم تصوت غالبية مؤهلة من دول الاتحاد الأوروبي، أي 15 دولة تمثل 65% على الأقل من عدد سكان الكتلة، على رفضها.
ردود فعل رافضة
وتشير ردود الفعل الصادرة عن الصين وغيرها من الأطراف المتورطة في النزاع، بما في ذلك شركات صناعة السيارات الأوروبية والصينية، إلى معارضة واضحة لقرار الاتحاد الأوروبي وإلى حرص على خفض التصعيد، وفق «رويترز».
ويقول خبراء الصناعة إن أوروبا والصين لديهما أسباب لرغبتهما في التوصل إلى اتفاق في الأشهر المقبلة لتجنب إضافة مليارات الدولارات من التكاليف الجديدة على صانعي السيارات الكهربائية الصينيين؛ حيث تسمح عملية الاتحاد الأوروبي بالمراجعة.
وقالت الصين إنها ستتخذ إجراءات لحماية مصالحها بعد أن أعلنت المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء أنها ستفرض رسوماً إضافية تصل إلى 38.1 في المائة على السيارات الكهربائية الصينية المستوردة اعتباراً من يوليو/ تموز.
وقالت شينخوا، في تعليق لها: "في ضوء هيكليهما الاقتصاديين وحجمهما الكبير، فإن أفضل ما يخدم الصين والاتحاد الأوروبي هو التعاون في القضايا الاقتصادية والتجارية الرئيسية".
ورفضت بكين حجج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأن صناعة السيارات الكهربائية الصينية تعمل بدرجة من الإنتاج الزائد التي تهدد شركات صناعة السيارات الأجنبية من خلال الصادرات المدعومة. وتقول إن الرسوم ستؤدي إلى إبطاء اعتماد السيارات الكهربائية وتعريض أهداف تغير المناخ للخطر ورفع التكاليف على المستهلكين.
اقرأ أيضاً: تحذيرات أوروبية من حرب تجارية مع الصين بسبب فرض رسوم جمركية
وتأتي خطوة الاتحاد الأوروبي بعد أقل من شهر على كشف واشنطن عن خطط لرفع الرسوم على السيارات الكهربائية الصينية إلى 100%.
نسبة الرسوم
وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيحارب أيضاً الإعانات الصينية من خلال رسوم إضافية تتراوح بين 17.4% لشركة "بي واي دي" و38.1 في المائة لشركة "سايك"، بالإضافة إلى رسوم السيارات القياسية البالغة 10%. وهذا يرفع أعلى معدل إجمالي إلى ما يقارب 50%.
وقالت شركة "سايك" المملوكة للدولة، التي تعتمد على شركات مشتركة مع "فولكسفاغن" و"جنرال موتورز" لتكون أكبر شركة صناعة سيارات في الصين، يوم الخميس، إنها قلقة للغاية بشأن الرسوم.
وفي مؤشر على عدم نية الصين التراجع عن تقديم الدعم، أعلنت حكومة مدينة شنتشن، يوم الخميس، عن إجراءات لتشجيع دمج السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة بالشبكة الكهربائية، بما في ذلك تقديم إعانات تصل إلى 15 مليون يوان، نحو 2 مليون دولار، لكل مشروع سيارة إلى شبكة.
التأثير على الأسهم
ويقول المحللون إن صناعة السيارات الصينية، وهي مزيج من شركات مملوكة للدولة وشركات خاصة، تتمتع بمزايا في التكلفة مقارنة بالمنافسين الأجانب وذلك جزئياً بسبب الإعانات الحكومية وسيطرة الدولة على تنقية معادن البطاريات.
لكن المنافسة الشديدة في سوق السيارات الكهربائية الصينية، الأكبر في العالم، دفعت الشركات أيضاً إلى الابتكار بطرق أدت إلى خفض التكاليف.
ولم تتأثر أسهم معظم شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية بالأنباء، وهو أمر كان متوقعاً. وقفزت أسهم BYD المدرجة في هونغ كونغ بأكثر من 7 %، لتسير في طريقها لتحقيق أكبر مكسب يومي لها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يفرض رسوماً جمركية أعلى على السيارات الكهربائية الصينية
ووفقاً لمذكرة بحثية صادرة عن مصرف سيتي، فإن نتيجة زيادة الرسوم الجمركية من الاتحاد الأوروبي إيجابية بعض الشيء بالنسبة إلى بي واي دي مقارنة بتوقعاتنا السابقة برسوم 30%، مما يحسن رؤية نمو صادرات BYD في الربعين الثاني والثالث من عام 2024.
وارتفعت أسهم "غيلي أوتو" بأكثر من 3%، وقفزت "ليف موتور" بنسبة 3%، وانخفضت أسهم "غريت وول موتور" المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 1.2%. وفي شنغهاي، انخفضت أسهم "سايك موتور" بنسبة 1.6%.
في السياق، قال كبير المحللين في شركة الاستشارات "تريفيوم تشاينا"، جو مازور، إن صانعي السيارات الكهربائية الصينيين سيضطرون إلى تحميل بعض الزيادات في التكاليف للمستهلكين.
وأضاف: "لكن هذا لا يشكل ضربة قاضية لصناعة السيارات الكهربائية الصينية في أوروبا بأي حال من الأحوال".
وفرضت شركات صناعة السيارات الصينية أسعاراً أعلى على الصادرات مقارنة بسوقها المحلية، ما يوفر بعض الحماية من الرسوم الجمركية. على سبيل المثال، تفرض "بي واي دي" BYD أسعاراً أعلى بأكثر من الضعف - وأحياناً تصل إلى ثلاثة أضعافK السعر الذي تحصل عليه مقابل 3 موديلات رئيسية في الصين.
معارضة أوروبية
وفي حين أن صانعي السيارات الأوروبيين يواجهون تحدياً يتمثل في تدفق السيارات الكهربائية الأقل تكلفة من منافسيهم الصينيين، فإن هناك معارضة قليلة أو معدومة للرسوم الجمركية من صناعة السيارات في القارة الأوروبية.
وكانت ألمانيا والمجر والسويد أبدت في السابق مخاوف إزاء زيادة الرسوم الجمركية.
ومن بين أكبر المعارضين بعض أكبر شركات صناعة السيارات الأوروبية مثل «بي إم دبليو» و«فولكسفاغن» و«ستيلانتيس» و«مرسيدس بنز».
وتعتمد شركات صناعة السيارات الألمانية بشكل خاص على المبيعات في الصين وتخشى انتقام بكين. كما تستورد شركات صناعة السيارات الأوروبية سياراتها الخاصة المصنوعة في الصين.
وانخفضت أسهم بعض كبرى شركات صناعة السيارات الأوروبية، التي تحقق جزءاً كبيراً من مبيعاتها في الصين، يومي الأربعاء والخميس، بسبب المخاوف من رد فعل صيني مضاد.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي