أثارت الدعوات التي أطلقها بعض أعضاء الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأميركية لانسحاب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن من الترشح عن الحزب في سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/ تشرين الثاني الجدل بشأن مدى إمكانية حدوث ذلك، ومدى تكرار هذه الحادثة من قبل على مدار التاريخ الأميركي.
ويعد رفض بايدن لتلك الدعوات، رغم سنه البالغ 81 عاماً والمخاوف من عدم استطاعته هزيمة دونالد ترامب، أو عدم القدرة على القيام بمهامه كرئيس لمدة أربع سنوات أخرى في حالة انتخابه كرئيس، مسايراً للتاريخ الأميركي الحديث والذي لم يشهد تقريباً سوى حالات انسحاب نادرة في مثل هذه المرحلة.
بينما شهد التاريخ الأميركي انسحاب مرشح في مرحلة سابقة على هذه المرحلة، والتي كانت خلال مرحلة الانتخابات التمهيدية للترشح عن الحزب، وهو ليندون جونسون والذي كان آخر رئيس اختار طوعاً عدم الترشح لفترة ولاية أخرى منسحباً من سباق عام 1968 قبل تلقي الترشيح رسمياً، بحسب وكالة الأنباء الأميركية أسوشيتد برس.
اقرأ أيضاً: اسم "ميشيل أوباما" إلى الواجهة.. الديمقراطية الوحيدة القادرة على هزيمة "ترامب"!
لم يشارك نائب الرئيس آنذاك هيوبرت همفري في الانتخابات التمهيدية ولكن تم اختياره من أغلبية كبيرة من المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب. ودفعت ردة الفعل العنيفة على تلك العملية، التي أسفرت عن ترشيح همفري، الحزب إلى تغيير قواعده، مما أدى إلى ظهور النظام الأولي اليوم الذي يكافئ المرشحين على أساس أدائهم في بطاقات الاقتراع الأولية والتجمعية.
كان توماس إف إيغلتون في فترة ولايته الأولى كعضو في مجلس الشيوخ عن ولاية ميسوري عندما طلب المرشح الرئاسي منه، السيناتور جورج ماكغفرن في عام 1972، أن ينضم إليه في تذكرة الترشح الديمقراطية للانتخابات الرئاسية كمرشح لمنصب نائب الرئيس، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
تم اختيار إيغلتون في اللحظة الأخيرة. كان ماكغفرن يتوقع أن يغير السيناتور إدوارد إم كينيدي رأيه ويصبح نائباً له بمجرد حصول ماكغفرن على الترشيح الرئاسي في المؤتمر الوطني الديمقراطي في ميامي بيتش. لكن كينيدي رفض.
وبعد دراسة المرشحين المحتملين الآخرين، استقرت الحملة على اختيار إيغلتون، البالغ من العمر وقتها 42 عاماً، وهو سيناتور كاثوليكي شاب يتمتع بسجل تصويت ليبرالي ورأي جيد في العمل. بعد ظهر ذلك اليوم، في 13 يوليو/ تموز 1972، سأل فرانك مانكيفيتش، أحد كبار مساعدي ماكغفرن، السيناتور إيغلتون عما إذا كان هناك أي شيء وقع له في الماضي قد يحرج الحملة، وهو ما نفاه إيغلتون.
لم يخبر إيغلتون مانكيفيتش بأنه دخل المستشفى ثلاث مرات بسبب الاكتئاب، وأن علاجه شمل العلاج بالصدمات الكهربائية مرتين، لكن الشائعات بدأت تنتشر بين السياسيين والصحفيين.
عقد إيغلتون مؤتمراً صحفياً يوم 25 يوليو، بعدما أطلع ماكغفرن الذي كان يقضي إجازته على الأمر خلال وجبة الإفطار. وقال إيغلتون للصحفيين إنه عولج من "الإرهاق العصبي". لكن رداً على الأسئلة، أقر بأن العلاج شمل الاستشارة النفسية والصدمات الكهربائية.
في ذلك اليوم قال ماكغفرن: "أعتقد أن توم إيغلتون مؤهل تماماً ذهنياً وجسدياً وروحياً ليكون نائب رئيس الولايات المتحدة، وإذا لزم الأمر، لتولي الرئاسة في أي لحظة". ومع تصاعد الاعتراضات على إيغلتون، أصر ماكغفرن على أنه يؤيده "بنسبة 1000%".
لكن الضغط من قادة الحزب والمساهمين في الحملة وأعضاء فريق عمل ماكغفرن، دفعه إلى إجبار إيغلتون على الانسحاب عندما التقيا في 31 يوليو/ تموز في واشنطن، والذي انسحب بعد 18 يوماً من ترشيحه قائلاً إنه فعل ذلك من أجل "وحدة الحزب".
وبعد تحقيق الرئيس ريتشارد نيكسون فوزاً مدوياً في إعادة انتخابه أمام ماكغفرن، قال أتباع الأخير إن ما حدث هو السبب في حجم الخسارة. وقال إيغلتون إنه كان مجرد "صخرة واحدة في انهيار أرضي".
اقرأ أيضاً: دعوات "انسحاب بايدن".. هل تعني فوزاً مبكراً لـ "ترامب"؟ (خاص CNBC عربية)
وبعد سنوات عديدة، قال ماكغفرن إنه شعر بالندم لإقالة إيغلتون، وإنه "إذا تكرر الأمر مرة أخرى، كنت سأحتفظ به". وأشار إلى أن الاثنين كانا في السنوات الأخيرة على علاقة جيدة، وأنه يعتبر إيغلتون واحداً من أفضل 10 أو 12 عضواً في مجلس الشيوخ الذين عمل معهم.
بعد عودته إلى الكونغرس عقب انسحابه من سباق الانتخابات، تولى إيغلتون دوراً رائداً في التشريع لوقف قصف الولايات المتحدة لكمبوديا في عام 1973. وعندما أعلن في عام 1984 أنه لن يسعى لولاية رابعة، ووصف تشريع كمبوديا بأنه أهم إنجازاته في مجلس الشيوخ.
في عام 1912 توفي المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جيمس شيرمان قبل أيام قليلة من الانتخابات العامة عن عمر 57 عاماً بعد معاناة مع مرض برايت (التهاب الكلية الحاد)، وذلك بعد أن عمل في هذا المنصب خلال الفترة من عام 1909 إلى 1912، بحسب موقع Encyclopaedia Britannica.
ظل شيرمان إلى جانب المرشح الجمهوري للرئاسة ويليام هوارد تافت خلال الانتخابات. بعد أن خسر تافت الانتخابات، تم استبدال اسم نائب الرئيس لاحقاً في إجراء رسمي بحت.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي