المطاعم الفاخرة في الصين.. إحدى أشد ضحايا الركود الاقتصادي معاناة

تضررت صناعة الطعام الفاخر التي كانت مزدهرة في الصين خلال الفترة السابقة، بشدة بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادية، حيث تراجع عدد الأشخاص الذين كانوا ينفقون بدون قيود في السابق.

لعقود من الزمن، كان دليل ميشلان السياحي للمطاعم والفنادق هو الكلمة الأخيرة في مجال تناول الطعام الفاخر.

كان الحصول على مكان في عالم الذواقة - والذي يرمز إليه بمنح الدليل نجمة أو نجمتين أو ثلاث نجوم للمطعم الاستثنائي - ربما كان لسنوات عديدة بمثابة ترخيص للتدفقات النقدية الكبيرة، مع تدفق لا ينتهي من الأثرياء، حيث يأتي العملاء للبقاء على اطلاع بأحدث الاتجاهات في مجال الطهي، بغض النظر عن السعر، بحسب تقرير لموقع South China Morning Post.

ولم يكن مشهد تناول الطعام في الصين في مثل هذه المطاعم أمراً غريباً. كان الحجز مطلوباً قبل أسابيع في مطعم فو تشون جو، وهو مطعم حائز على نجمة ميشلان واحدة في فندق وسبا بوكوان - وهو مسكن فاخر يقع بالقرب من بكين.

وحتى مع متوسط ​​سعر يبلغ 600 يوان (83 دولاراً) للشخص الواحد، كانت قاعة الطعام مزدحمة دائماً. ونادراً ما شوهدت طاولة فارغة بمطعم Rive Gauche الفرنسي بالفندق على الرغم من أن متوسط ​​السعر يتجاوز 1000 يوان للفرد.

ولكن بحلول نهاية العام الماضي، بدأ مشهد تناول الطعام الفاخر في جميع أنحاء الصين يتغير. حتى رواد المطاعم الأكثر ثراء بدأوا في الإنفاق بحذر أكبر مع مواجهة البلاد ركوداً اقتصادياً.

اقرأ أيضاً: إلى أين يتجه اقتصاد الصين؟

وقال رئيس الطهاة التنفيذي بالفندق والمشرف على كلا المطعمين، باسل يو: "في الماضي، ربما كان بعض العملاء يتناولون العشاء بالخارج مرة واحدة في الأسبوع أو الأسبوعين. الآن، قد يختارون تناول الطعام الفاخر مرة واحدة فقط في الشهر.  لقد تحول العديد من الأشخاص الآخرين إلى الطهي في المنزل أو الخروج لشيء أبسط".

لم تعد الحجوزات سلعة رائجة، حيث أصبح من السهل على رواد المطعم تأمين الطاولات بعد الذهاب إلى المطعم. وأولئك الذين يجلسون لتناول الطعام يراقبون ميزانياتهم عن كثب.

وقال يو: "في السابق، كان الناس على استعداد لإنفاق 600 يوان إلى 700 يوان على زجاجة من النبيذ. الآن، يفضل هؤلاء العملاء أنفسهم شراء زجاجتين من النبيذ بنفس المبلغ".

ينتشر الشعور بهذا التدهور في جميع الأنحاء. تم إغلاق العديد من المطاعم الراقية التي يبلغ متوسط ​​سعرها أكثر من 1000 يوان للشخص الواحد منذ العام الماضي، ولم يكن الحصول على مكان في دليل شهير مثل ميشلان ضماناً للسلامة من التداعيات الاقتصادية.

أُغلق أوبرا بومبانا - فرع بكين لمطعم 8½ Otto e Mezzo Bombana الإيطالي ذو الثلاث نجوم في هونغ كونغ - في أبريل/ نيسان، كما فعل مطعم TRB Forbidden City وRefer في العاصمة نفس الشيء في الأشهر السابقة.

تداعيات أسوأ في شنغهاي

شهدت شنغهاي، السوق الأكثر ازدهاراً في الصين لتناول الطعام الفاخر، أسوأ تداعيات هذا التدهور.

اعتباراً من شهر يونيو/ حزيران، كان في المدينة حوالي 1854 مطعماً بمتوسط ​​تكلفة لوجبات الشخص الواحد يزيد عن 500 يوان - ضعف التكلفة في بكين، وثلاثة أضعاف تكلفة شنتشن، وأربعة أضعاف الرقم في قوانغتشو - وفقاً لموقع canyin88، وهو مزود بيانات في هذه الصناعة.

منذ أبريل/ نيسان الماضي، تقلصت نسبة مطاعم شنغهاي ذات متوسط ​​الإنفاق المذكور للعميل من 1.44% إلى 0.8%، مع إغلاق أكثر من 900 مؤسسة أبوابها.

اقرأ أيضاً: تراجع مبيعات السيارات في الصين بنحو 7% في يونيو

قال رئيس لجنة الاتحاد العالمي لصناعة المطاعم الصينية، وهي منظمة غير حكومية تعمل على الترويج لقطاع الأغذية في البلاد في جميع أنحاء العالم، هوانغ قنغ: "على مدى السنوات القليلة الماضية، خاصة أثناء الوباء (كورونا)، انخفض الدخل على جميع المستويات في الصين وتقلصت قاعدة العملاء الصغيرة بالفعل التي يمكن أن تتردد على المطاعم الفاخرة، مع انخفاض وتيرة تناول الطعام أيضاً".

وقال هوانغ، وهو أيضاً مؤسس سلسلة المطاعم الصينية Huang Ji Huang التي تضم أكثر من 600 موقع حول العالم، إن الارتفاع السابق في مؤسسات تناول الطعام الراقية يمكن أن يعزى إلى أولئك الذين واجهوا انتكاسات مهنية في السنوات الأخيرة وتحولوا إلى صناعة المطاعم بحثاً عن فرص جديدة.

وأضاف أن آخرين دخلوا إلى هذا المجال مع افتقارهم إلى المعرفة المسبقة، معتقدين أن إدارة مطعم أمر سهل. وأدى ذلك إلى اشتداد المنافسة للاحتفاظ بقاعدة العملاء المتقلصة - وتمكين الموظفين من تلبية احتياجاتهم.

وذكر هوانغ: "على الرغم من زيادة عدد المطاعم الراقية، إلا أن الطهاة القادرين على إعداد المأكولات الراقية في الصين نادرون للغاية".

وتابع: "إذا تم صيد هؤلاء الطهاة في المطاعم المفتوحة حديثاً، فإن جودة القائمة [تتدهور]. وهذا أيضاً أحد أسباب ارتفاع معدل الإغلاق".