قبل خروج الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي في 21 يوليو/ تموز، لاحظ خبراء استطلاعات الرأي اتجاهاً ثابتاً: كان الناخبون السود أقل ثباتاً في تأييد المعسكر الديمقراطي مقارنة بالانتخابات الأخيرة، بما في ذلك عام 2020.
ولاحظ الحزب الجمهوري ذلك، وخلال المؤتمر الوطني الجمهوري، بذل المتحدثون عن الحزب، مثل النائب جون جيمس ومادلين برام، جهوداً خاصة لجذب هذه الفئة الانتخابية الرئيسية.
يمثل الناخبون السود ما لا يقل عن 10% من السكان في العديد من الولايات الأكثر ترجيحاً في حسم انتخابات 2024 - من بنسلفانيا إلى ميشيغان إلى فلوريدا. كما أنهم يشكلون أهمية كبيرة في جورجيا وكارولينا الشمالية، وهي الولايات التي كانت متقاربة التأييد في الماضي القريب. لذا فإن التغييرات الصغيرة في دعم الأميركيين السود للديمقراطيين قد تؤدي إلى إبعاد الولايات الرئيسية عن الطاولة، بحسب شبكة ABC News.
وقد يستطيع ترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس المساهمة في استعادة الناخبين السود الذين ابتعدوا عن الديمقراطيين عندما كان بايدن هو المرشح. ولكن من هم بالضبط هؤلاء الناخبون السود الجدد المحتملون المتأرجحون؟ هذا سؤال صعب الإجابة عليه، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن استطلاعات الرأي نادراً ما يتم تحسينها لاستهداف فئة سكانية متنوعة وأكبر من إجمالي سكان كندا.
اقرأ أيضاً: في مؤتمر للصحفيين السود.. ترامب يتساءل هل هاريس "هندية أم سوداء؟"
ومع ذلك، من خلال مقارنة استطلاعات الرأي عالية الجودة من عام 2008 إلى عام 2024، يمكن رؤية أن العمر برز كعامل رئيسي في دعم الناخبين السود للديمقراطيين - حيث لم يعد الناخبون السود الأصغر سناً في معسكر الديمقراطيين بنفس القوة.
كم خسر بايدن من دعم السود؟
ليس من المستغرب أن يفوز أول رئيس أسود، باراك أوباما، بأكثر من 90% من الناخبين السود خلال محاولته لإعادة انتخابه في عام 2012 والتي تمتعت بإقبال قوي منهم أيضاً. لذا، للحصول على خط أساس لدعم الناخبين السود للديمقراطي الأبيض قبل ظهور الرئيس السابق دونالد ترامب على الساحة، يتعين النظر إلى الانتخابات التمهيدية لعام 2008، عندما كانت السناتور هيلاري كلينتون آنذاك واحدة من أبرز المرشحين للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي.
في ذلك الربيع، قبل تحديد الترشيح، استخدمت شركة استطلاعات الرأي Knowledge Networks أساليب قائمة على السكان لإجراء استطلاع جماعي لمسح National Annenberg Election.
مع حجم عينة بلغ 9888 في موجة ربيع 2008 وحدها، كان لهذا الاستطلاع عينة كبيرة (962) من المستجيبين السود. بشكل عام، قال 75% من البالغين السود إنهم سيصوتون لكلينتون في مباراة انتخابية عامة افتراضية مع السناتور جون ماكين آنذاك، الذي حصل على تأييد 8% فقط بينهم، وهو ما شكل فجوة بنسبة 67 نقطة مئوية.
ومع ذلك، في أوائل عام 2024، بدت الأرقام مختلفة تماماً. أجرت NORC في فبراير/ شباط، ومارس/ آذار من هذا العام استطلاع لانتخابات 2024 شمل 834 من البالغين السود، ووجد أن بايدن متقدم بين هؤلاء المستجيبين بهامش أصغر بنسبة 61% إلى 20% لترامب بفجوة 41 نقطة مئوية فقط.
لم يكن ذلك بعيداً عن استطلاع رأي أجرته مؤسسة YouGov في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان على 2004 من المستجيبين السود أو الأميركيين من أصل أفريقي، وأُجري كجزء من مشروع الناخب الأسود الوطني، والذي وجد أن تأييد بايدن بينهم سجل 62% مقابل 15% لترامب.
وأشارت شبكة ABC إلى أنه من المؤكد أنه ما زال هناك ميلاً كبيراً لصالح الديمقراطيين. لكنه جاء أقل مما تمتع به الديمقراطيون في الماضي القريب.
الأميركيون السود الأصغر سناً متأرجحون
ما الذي تغير بين عامي 2008 و2024؟ تكشف نظرة على دعم السود حسب السن عن الإجابة. ففي عام 2008، كان دعم السود لكلينتون وماكين متسقاً بشكل معقول عبر الفئات العمرية. تراوح دعم كلينتون بين 67 و84% بين الأميركيين السود في جميع الفئات العمرية.
لكن بحلول عام 2024، ظهرت فجوة عمرية واضحة بين الأميركيين السود، على الأقل عند التفكير في مواجهة بايدن وترامب. ظل الناخبون السود الأكبر سناً ديمقراطيين بشكل ساحق: على سبيل المثال، أيد المستجيبون السود الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عاماً بايدن بنسبة 70%. بينما أيد الناخبون السود الأصغر سناً بايدن بهامش أصغر كثيراً، ومن تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً منهم قدموا دعماً متساوياً تقريباً لبايدن وترامب (37.75% مقابل 37.36%).
لماذا كان الأميركيون السود الأصغر سناً أقل دعماً لبايدن؟
قد لا يتمثل العامل الرئيسي في السن بحد ذاته، لكنه قد يكون شيئاً مرتبطاً بهذا السن، مثل الميل إلى المشاركة في التصويت. في أبريل/ نيسان، باستخدام نفس مجموعة البيانات، وجدت أن أداء ترامب كان أفضل بكثير - وبايدن أسوأ بكثير - بين الناخبين السود الذين شاركوا بشكل أقل خلال الانتخابات السابقة.
كان هامش بايدن على ترامب 81 نقطة بين الناخبين السود الذين صوتوا في 2018 و2020 و2022، بينما كان 10 نقاط فقط بين أولئك الذين لم يصوتوا في أي من تلك الانتخابات الثلاث.
يميل الناخبون الأصغر سناً إلى المشاركة بشكل أقل اتساقاً، لذلك ربما كان ضعف أداء بايدن بين الناخبين الشباب نقطة ضعف حقيقية مع الناخبين غير المنتظمين.
ربما يتمثل عامل آخر في انخفاض دعم هذه الفئة لبايدن في الخبرات الشخصية للناخبين السود في السياسة. فمن الناحية النظرية، ربما كان الناخبون السود الذين كانوا في مرحلة الشباب أثناء حقبة الحقوق المدنية مخلصين بشكل خاص للحزب الديمقراطي بسبب الدور الذي لعبه الحزب في تمرير التشريعات التاريخية مثل قانون حقوق التصويت لعام 1965 عندما كانوا أكثر قابلية للتأثر.
لكن من تبقى من هذه الفئة أصبحوا الآن في أواخر السبعينيات من العمر، كما استمر دعم السود للديمقراطيين بمختلف الفئات العمرية في الفترات التالية لهذه الحقبة، مما يشير إلى أن هناك عوامل أخرى أثرت مؤخراً على فئات الشباب منهم.
اقرأ أيضاً: لماذا تنتخب الولايات المتحدة أكبر عدد من السياسيين الطاعنين في السن؟
قبل 30 عاماً، نشر عالم السياسة مايكل داوسون كتاباً بعنوان "وراء البغل"، والذي زعم أن الناخبين السود يشكلون كتلة تصويتية متماسكة بشكل غير عادي بسبب ما يسمى "المصير المرتبط". وكتب داوسون أن الأميركيين السود يرون، إلى حد كبير، أن فرصهم مرتبطة بفرص المجتمع الأسود، لذا فهم يصوتون بأغلبية ساحقة للحزب الذي يرون أنه الأفضل لهذا المجتمع.
قاس استطلاع أوائل عام 2024، هذه الفكرة جزئياً من خلال سؤال المستجيبين السود: "هل تعتقد أن ما يحدث بشكل عام للسود في هذا البلد سيكون له علاقة بما يحدث في حياتك، أم لا؟" بشكل عام، كان المستجيبون لدينا يميلون إلى الموافقة، حيث قال 75% أن ما يحدث بشكل عام للسود له "الكثير" أو "بعض" العلاقة بحياتهم الخاصة.
لكن كانت هناك فجوة عمرية هنا أيضاً، وإن كانت أصغر: أفاد المستجيبون السود الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاماً بأعلى شعور بالمصير المرتبط (79%)، في حين أفاد أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً بأدنى شعور (60%). من المعقول إذن أن تساعد التصورات الأضعف للمصير المرتبط بين الناخبين السود الأصغر سناً في تفسير اختلاف تأييد الفئات العمرية لبايدن.
ماذا يعني هذا لحملة الخريف؟
لسنوات، كرست الحملات الديمقراطية الكثير من الوقت والطاقة على وجه التحديد لتعبئة الناخبين السود. ومن المؤكد أن هذا سيكون هو الحال أيضاً هذا العام، حتى لو استمر أداء بايدن على نفس المستوى، فسيظل الديمقراطيون يستفيدون من ارتفاع نسبة المشاركة السوداء - لكن بعض الحسابات السريعة تُظهر أن هذه الفوائد قد تتضاءل مقارنة بالسنوات السابقة.
لذا إذا كان الديمقراطيون يفقدون دعم الناخبين السود الأصغر سناً أو الناخبين السود الأقل مشاركة، فقد يجدون أن جهودهم في حث الناخبين على التصويت لم تؤتِ نفس الثمار كما كانت في السنوات الماضية.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي