تحل اليوم الأحد الذكرى الرابعة لأحد أشد الحوادث ألماً على العالم العربي خلال السنوات الأخيرة، وهو الانفجار الهائل الذي حدث في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب 2020.
أودى الانفجار بحياة أكثر من 220 شخصاً وأسقط نحو 6500 جريح، بخسائر زادت عن ثمانية مليارات دولار وتضررت أكثر من 200 ألف وحدة سكنية حول المرفأ.
📌اليوم تحل الذكرى الرابعة لكارثة انفجار مرفأ بيروت والذي أدى إلى مقتل حوالي 220 شخصاً وإصابة 7 آلاف آخرين وتضرر اكثر من 200 ألف وحدة سكنية
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) August 4, 2024
📌تزامناً مع الذكرى التي هزت لبنان ترتفع الأصوات المطالبة باستئناف التحقيقات في الحادث والمتوقفة منذ عامين
📌ومع ذلك يستعيد المرفأ عافيته… pic.twitter.com/TqidM7v5YX
ماذا حدث؟
في السادسة مساءً من رابع أيام شهر أغسطس آب في عام 2020، الذي شهد انتشار جائحة كورونا على مستوى العالم، تفاجئ الناس في العاصمة اللبنانية بيروت بانفجار هائل أطاح بكل ما حوله في منطقة مرفأ بيروت وهو ما تسبب في دمار بجزء كبير من العاصمة، وحالة ذعر بين المواطنين.
هز الانفجار كل أنحاء العاصمة وتساقط زجاج عدد كبير من المباني والمحال والسيارات، بل امتد الأمر إلى سماع أشخاص في جزيرة قبرص المواجهة للبنان دوي الانفجار أيضاً.
وامتدت أضرار الانفجار إلى مقرّ رئاسة الجمهورية الواقع في الضاحية الشرقية لبيروت (قصر بعبدا)، ومقر رئاسة الحكومة في وسط العاصمة، وبمطار بيروت الدولي في الضاحية الجنوبية.
وأعلن المجلس الأعلى للدفاع في لبنان بعد اجتماع طارئ بيروت "مدينة منكوبة".
يعود الانفجار إلى مواد كيماوية خطيرة وشديدة الانفجار كانت مهملة في مستودع بالميناء لسنوات دون رقابة أو متابعة، وقال رئيس الحكومة اللبنانية وقتها، حسان دياب، خلال اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع: "من غير المقبول أن تكون هناك شحنة من نيترات الأمونيوم تقدر بـ2750 طناً موجودة منذ ست سنوات في مستودع من دون اتخاذ إجراءات وقائية".
وقال مصدر أمني قال لوكالة فرانس برس وقتها، إن المواد الموجودة في المستودع مصادرة منذ سنوات من باخرة أصيبت بعطل في مرفأ بيروت، وموضوعة في "العنبر رقم 12 في المرفأ"، مشيراً الى أنه لم تتم "متابعتها بالشكل المطلوب".
ويدخل الأمونيوم في تركيبة مواد شديدة الانفجار.
اقرأ أيضاً: لبنان يسابق التصعيد الأمني.. وإجراءات لتأمين الغذاء والوقود والدواء
وقال رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع: "كارثة كبرى حلت بلبنان"، مشددا على "اتخاذ الاجراءات القضائية والأمنية الضرورية، ومساعدة المواطنين ومعالجة الجرحى والمحافظة على الممتلكات".
وقدر قال محافظ بيروت في ذلك الوقت، مروان عبود، خلال لقاء مع CNBC عربية، حجم الأضرار المادية المباشرة التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة بقيمة بين ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار، وحجم الاضرار المباشرة وغير المباشرة بنحو 15 مليار دولار.
ماذا نعرف عن مرفقأ بيروت؟
مرفأ بيروت يسهم في نسبة 70% من حركة التبادل التجاري بين لبنان ودول العالم، ويتعامل مع 300 مرفأ عالمي وترسو فيه 3100 سفينة سنوياً، وحقق 150 مليون دولار إيرادات خلال عام 2023 بعد استعادة عافيته تدريجياً خلال الفترة التي تلت الانفجار.
يعود تاريخ مرفأ بيروت منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد في الرسائل المتبادلة بين الفراعنة والفينيقيين، وفي العصر الروماني تطور ليصبح مركزاً تجارياً واقتصادياً. وفي العصر الأموي أصبح مرفأ بيروت مركزاً للأسطول العربي الأول. أما في العصر الصليبي فقد لعب دوراً هاماً في التجارة البحرية بين الشرق والغرب.
تعزز هذا الدور في العصر المملوكي عندما تحول إلى المرفأ إلى مركز تجاري يزوره حجاج الأراضي المقدسة. وبحلول نهاية القرن التاسع عشر تأسس مرفأ بيروت الحالي، بحسب الموقع الإلكتروني للمرفأ.
امتياز مرفأ بيروت
في 19 يونيو/ حزيران عام 1887 منحت السلطة العثمانية امتياز المرفأ لشركة عثمانية باسم "شركة مرفأ وأرصفة ومستودعات بيروت". وتعزز الامتياز فيما بعد عندما حصلت الشركة من الجمارك على الحق الحصري في تخزين ونقل جميع البضائع العابرة التي تمر عبر الجمارك. وتم إنجاز أعمال البناء وخاصة بناء سد بحري لتوسيع وتطوير الميناء وتم الاحتفال بالافتتاح بمناسبة إنجاز هذه الأعمال في نهاية عام 1894، وتم تطوير وتوسيع الأحواض بين رأس الشامية ورأس المدور.
في 20 مايو/ أيار 1925 حصلت شركة ميناء بيروت وأرصفة ومستودعات على الجنسية الفرنسية. وفي 13 أبريل/ نيسان 1960 تم تغيير اسم الشركة وتم منح امتياز لمدة 30 سنة لشركة لبنانية تدعى "شركة إدارة واستغلال مرفأ بيروت" والتي عملت على توسيع المول 3 وحاجز الأمواج وإنجاز رصيف 14.
وفي نهاية عام 1990 انتهى الامتياز. وشكلت الحكومة لجنة مؤقتة على إدارة مرفأ بيروت.
تطوير الميناء
في أوائل التسعينيات، حدثت مرحلة من التطوير وإعادة البناء. تم إعادة تأهيل مرفأ بيروت وتوسيعه ليشمل أربعة أرصفة ورصيفين جديدين (15، و16) ومحطة حاويات جديدة بسعة 700 ألف حاوية نمطية / سنة.
بدأ تشغيل محطة الحاويات في فبراير/ شباط 2005. وكانت مجهزة بست رافعات جسرية من السفينة إلى الشاطئ (امتداد 60 متراً) و18 رافعة جسرية بإطارات مطاطية.
البنية التحتية لمرفأ بيروت
وصلت المساحة الإجمالية لحوض الميناء إلى 1.2 مليون متر مربع، والمساحة الإجمالية للحوض المائي إلى 1.002 مليون متر مربع، ووصل الطول الإجمالي للأرصفة إلى 5655 متراً منها 1654 متراً لعمليات الشحن العام، و1334 متراً لعمليات الحاويات.
وتضمن المرفأ أربعة مستودعات للبضائع العامة، وثلاثة مستودعات لعمليات التجميع، وثلاثة مستودعات للسيارات، ومستودع مفتوح للسيارات ومحركات الأحمال الثقيلة، ومستودع للبضائع الخطرة.
اقرأ أيضاً: فيتش: توقف لبنان عن نشر الحسابات والبيانات المالية يعيق قدرتنا على التصنيف
كما شمل الميناء منطقة حرة، تضم سوقاً حرة، وثلاثة مباني صناعية، و52 مستودعاً/ مبنى، ومستودع، إلى جانب منطقة حرة لوجستية، وصوامع بسعة كلية 120 ألف طن، وموقف للسيارات، ومعدات POB للبضائع العامة، ومحطة حاويات بمساحة تكديس 600 ألف متر مربع، وبسعة 1.2 مليون حاوية مكافئة لعشرين قدماً/سنة.
ماذا حدث بعد الانفجار؟
قدم رئيس الحكومة حسان دياب استقالته بعد الانفجار بأيام، ولم تمر أيام قليلة حتى عاد المرفأ إلى العمل، وقال مدير مرفأ بيروت الحالي، عمر عيتاني، والذي تولى المهمة بعد تسعة أشهر من الانفجار، إن العمل بالميناء عاد في اليوم الثالث بعد الانفجار بقدرة تشغيلية 30%، ومنذ عامين استعاد المرفأ قدرته التشغيلية بحدود 80%.
في أبريل/ نيسان 2021، عرضت شركات ألمانية خططاً بمليارات الدولارات لإعادة بناء المرفأ والأحياء المتاخمة له والتي تضمنت إعادة إعمار المرفأ، وبناء منطقة سكنية جديدة تضم متنزهاً ومناطق على الشاطئ، بما قد يوفر ما يصل إلى 50 ألف وظيفة جديدة وتفتح المجال أمام أنشطة اقتصادية بمليارات الدولارات، لكن الصفقة لم تتم.
في فبراير/ شباط 2022، منح لبنان شركة CMA CGM الفرنسية عقداً لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت لمدة 10 سنوات، بعد مناقصة. ويشمل العقد أيضاً خطة استثمارية حجمها 33 مليون دولار لإعادة بناء وتحديث مرفأ بيروت.
وذكر مدير المرفأ أن القدرة الاستيعابية عادت تدريجياً بعد المناقصة، ومنذ عامين وصلت القدرة بحدود 100%.
منذ شهرين فقط، أطلقت الحكومة اللبنانية مخططاً توجيهياً لخطة إعادة الإعمار وإعادة الصيانة بالتعاون مع الحكومة الفرنسية، بحسب عيتاني، وذلك بعد توقيع اتفاقية مع مرفأ مرساي الفرنسي للاستفادة من الخبرات والدعم الفني.
مدير مرفأ بيروت لـ CNBC عربية:
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) August 4, 2024
📌إعادة الإعمار الكامل للمرفأ ستكتمل خلال 3 سنوات كحد أقصى
📌المرفأ استعاد قدرته التشغيلية بحدود 80% منذ عامين
📌لم نتلق أي دعم مادي من أحد واعتمدنا فقط على إيرادات المرفأhttps://t.co/uhte9UZbiV#عاجل pic.twitter.com/0ErFU1DVnM
وذكر عيتاني أنه تم تطوير خطة إعادة الإعمار الموضوعة من قبل المرفأ لتتماشى مع التطورات الحديثة.
ستستغرق الخطة الموضوعة بعد تحديثا ثلاث سنوات من أجل إتمام تنفيذها بتكلفة تتراوح بين 80 مليوناً و110 ملايين دولار، وبتمويل من إيرادات المرفأ، والتي سجلت في عام 2023 نحو 150 مليون دولار.
ولم يتلقَ لبنان دعماً مالياً لعملية تطوير المرفأ والتي يعتمد فيها على فائض إيراداته، حيث مثلت المصروفات التشغيلية نحو 18% من هذه الإيرادات فقط العام الماضي وتم إرسال الباقي على خزينة الدولة، وبالتالي تتيح الإيرادات حيزاً مالياً لتمويل التطوير، ولكن ربما تتأثر إيرادات المرفأ هذا العام باضطرابات الشحن البحري وما يحدث في البحر الأحمر.
وذكر مدير مرفأ بيروت أن تم إعداد كراستي شروط لمناقصات سيتم عرضهما خلال أسبوعين على الموقع الإلكتروني للمرفأ، وهناك ست كراسات أخرى سيتم إعدادها وعرضها في وقت لاحق تتعلق بالطاقة الشمسية، ومخطط إعادة صيانة الأحواض والأرصفة، ومحطة ركاب حديثة تتماشى مع الواقع، وخطة النقل داخل المرفأ.
تتعاون إدارة المرفأ مع وزارة الاقتصاد اللبنانية باعتبارها المسؤولة عن مرافق تخزين القمح والحبوب التي يتم استيرادها عبر الميناء، وقال عيتاني إنه تم تخصيص نحو 25 ألف متر لبناء صوامع جديدة للقمح على أرض المرفأ بما يتماشى مع التطورات والاحتياجات.
لم تنسَ إدارة المرفأ ضحايا الحادث الأليم، حيث خصصت مكاناً لإقامة نصب تذكاري لهم، لكن الذكرى الرابعة للانفجار تحل وسط تمسك أهالي الضحايا والمتضررين بمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة، خاصة بعد توقف ملف التحقيق منذ سنتين والذي يواجه عراقيل عدة مرتبطة بالأزمة السياسية في البلاد.
اللبنانيون يحيون الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت .. ودعوات متواصلة لتحقيق العدالة https://t.co/cXc4ZdEWhG
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) August 4, 2024
فيما يتعلق بما حول المرفأ، استعادت بيروت جزءاً يسيراً من مبانيها ومستشفياتها ومطاعمها وشوارعها بمعدل لا يتخطى 50%، لكن نسبة كبيرة من المنازل والبيوت والمحال لا قدرة لسكانها ومالكيها بالعودة اليها بسبب الصعوبات المادية وارتفاع أسعار الإيجارات.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي