هروب رئيسة وزراء بنغلادش خارج البلاد والجيش يعد لتشكيل حكومة مؤقتة

استقالت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة اليوم الاثنين وفرت من البلاد بعد سقوط نحو 250 قتيلا في حملة لقمع مظاهرات بدأت باحتجاجات على نظام الحصص في الوظائف الحكومية وتحولت إلى حركة طالبت باستقالتها.

واقتحمت حشود مبتهجة مقر الإقامة الرئاسي دون أن تجد من يعترض طريقها، ونهب بعضهم أثاثا وأجهزة تلفزيون. وظهر رجل وهو يحمل كرسياً على رأسه وخرج آخر بمجموعة من المزهريات.

وفي موقع آخر في العاصمة داكا، تسلق متظاهرون تمثالا كبيرا لزعيم الاستقلال الشيخ مجيب الرحمن، والد حسينة، وشرعوا في قطع رأس التمثال بفأس.

وأنهت رحلة حسينة إلى المنفى الفترة الثانية لها في السلطة التي امتدت 15 عاما. وعلى مدار 20 عاما ظلت حسينة زعيمة للحركة السياسية التي ورثتها عن والدها الذي اغتيل مع معظم أفراد أسرته في انقلاب عام 1975.

وقال نجلها سجيب واجد جوي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن حسينة غادرت البلاد حفاظا على سلامتها وإذعانا لإصرار عائلتها على ذلك.

وأضاف جوي أن حسينة "شعرت بخيبة أمل كبيرة لأنه بعد كل عملها الشاق، ثارت أقلية ضدها"، مشيرا إلى أنها لن تسعى للعودة إلى الساحة السياسية.

اقرأ أيضاً: قطر للطاقة وExcelerate Energy الأميركية توقعان اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى بنغلاديش

وفي وقت سابق اليوم أعلن قائد جيش بنغلاديش الجنرال واكر الزمان في خطاب أذاعه التلفزيون استقالة رئيسة الوزراء قائلا إنه سيجري تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة شؤون البلاد.

ودعا قائد الجيش إلى السلام وتعهد بالعدالة للقتلى الذين سقطوا خلال اضطرابات دامت أسابيع.

وأوضح أنه أجرى محادثات مع زعماء جميع الأحزاب السياسية الرئيسية، باستثناء حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة، وأنه سيلتقي قريبا بالرئيس محمد شهاب الدين لمناقشة الخطوات المقبلة.

وقال الزمان (58 عاما) الذي تولى قيادة الجيش في 23 يونيو حزيران "البلاد تمر بفترة ثورية".

وأضاف "أعدكم جميعا بتحقيق العدالة في جميع جرائم القتل والظلم. ونطلب منكم أن تثقوا في جيش البلاد. أتحمل المسؤولية كاملة وأؤكد لكم أن أملكم لن يخيب".

وتابع القول "أطلب منكم جميعا أن تتحلوا بالصبر قليلا وأن تمنحونا بعض الوقت وسوف نتمكن معا من حل جميع المشاكل... من فضلكم لا تعودوا إلى مسار العنف وعودوا إلى الوسائل السلمية غير العنيفة".

وقال مكتب المتحدث العسكري إن حظرا للتجول سيسري اعتبارا من منتصف الليل اليوم الاثنين حتى الساعة السادسة من صباح الثلاثاء، على أن تعود بعده جميع المدارس والمصانع والكليات والجامعات إلى أنشطتها.

وكانت الحكومة السابقة أعلنت حظر التجول الشامل بدءا من الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1200 بتوقيت جرينتش) أمس الأحد، وكذلك عطلة عامة لثلاثة أيام تبدأ من اليوم.

 حسينة تصل إلى الهند

قال مسؤولان حكوميان هنديان لرويترز إن الطائرة التي تقل حسينة (76 عاما) هبطت في قاعدة هندون الجوية العسكرية بالقرب من دلهي. وأضافا أن مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال التقى بها في القاعدة. ولم يذكر المسؤولان أي تفاصيل عن إقامتها أو خططها في المرحلة المقبلة.

ولم يصدر تعليق رسمي من الهند، التي تربطها علاقات ثقافية وتجارية قوية مع بنغلاديش، على الأحداث التي وقعت في داكا.
وذكرت قناة تايمز ناو الهندية نقلا عن مصادر أن حسينة ستغادر هندون متوجهة إلى لندن الساعة 1930 بتوقيت جرينتش. ولم يتسن لرويترز التحقق من ذلك حتى الآن.

وانتشرت أعمال عنف في بنغلاديش منذ احتجاجات طلابية الشهر الماضي ضد نظام الحصص الذي يحتفظ ببعض الوظائف في القطاع العام للمحاربين القدامى في حرب استقلال بنجلاديش عام 1971، والتي ينظر إليها باعتبارها محاباة لحلفاء الحزب الحاكم.

وتطورت الاحتجاجات إلى حملة تهدف إلى الإطاحة بحسينة، التي فازت بولاية رابعة على التوالي في يناير كانون الثاني، في انتخابات قاطعها حزب بنغلاديش الوطني، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد بزعامة منافستها رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء.
وعانت بنغلاديش، التي كانت ذات يوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، في الآونة الأخيرة من تباطؤ النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة.

ودافع جوي، نجل حسينة، عن تاريخها قائلا "لقد غيرت بنغلاديش تماما. وعندما تولت السلطة، كان ينظر إليها (بنغلاديش) على أنها دولة فاشلة. وكانت دولة فقيرة (لكنها بعد ذلك) وحتى اليوم كانت تعتبر أحد النمور الصاعدة في آسيا".

وخالدة ضياء (78 عاما)، التي تولت رئاسة الوزراء مرتين، مسجونة منذ إدانتها في قضية فساد في فبراير شباط 2018. وتدهورت صحتها وتم نقلها إلى المستشفى في عام 2019.

وذكرت وكالة فرانس برس أن رئيس بنغلاديش أمر بالإفراج عنها لكن متحدثا باسم حزب بنغلاديش الوطني قال لرويترز إنها في المستشفى لتلقي العلاج "وسوف تحصل على البراءة من كل الاتهامات بشكل قانوني وستخرج قريبا".

دعوة من الولايات المتحدة

دعت الولايات المتحدة إلى أن تكون عملية تشكيل الحكومة المؤقتة ديمقراطية وشاملة وشجعت جميع الأطراف على الامتناع عن المزيد من أعمال العنف واستعادة السلام في أسرع وقت ممكن.

كان طلاب محتجون في بنغلاديش قد دعوا إلى مسيرة نحو العاصمة داكا اليوم، في تحد لحظر التجول الشامل، بعد مقتل نحو 100 شخص أمس.

وذكرت وكالة فرانس برس أن 56 شخصا على الأقل قتلوا اليوم في أعمال عنف بأنحاء البلاد لكن لم يتسن لرويترز حتى الآن التحقق من ذلك.

وعدد القتلى أمس الأحد، الذي شمل ما لا يقل عن 13 شرطيا، كان الأعلى في تاريخ بنغلاديش الحديث بالنسبة ليوم واحد من الاحتجاجات، إذ تجاوز 67 حالة وفاة مسجلة في 19 يوليو تموز عندما نزل الطلاب إلى الشوارع احتجاجا على نظام الحصص.

وقالت وسائل إعلام محلية إن الهجمات وأعمال التخريب والحرق العمد استهدفت مبان حكومية ومكاتب حزب رابطة عوامي الحاكم ومراكز الشرطة ومنازل الممثلين العموميين مطلع الأسبوع.

وعلقت السكك الحديدية خدماتها وتوقف نشاط صناعة الملابس الضخم في البلاد إلى أجل غير مسمى.

وقالت حسينة أمس بعد اجتماع للجنة الأمن القومي بحضور قادة الجيش والشرطة والجهات المعنية الأخرى "أولئك الذين يحتجون في الشوارع الآن ليسوا طلابا ولكنهم إرهابيون يريدون زعزعة استقرار البلاد".
وأضافت "أناشد مواطنينا أن يقمعوا هؤلاء الإرهابيين بقوة".