مع اقتراب موعد عودة مركبة الفضاء Starliner التابعة لشركة Boeing بعد اتفاق الشركة مع وكالة الفضاء الأميركية NASA على عودتها بدون رائدي الفضاء اللذين استقلاها في رحلة ذهابهما إلى محطة الفضاء الدولية، لا تزال هناك حالة من المخاوف والترقب لمسار رحلة العودة خاصة مع القلق من خروج المركبة عن مسارها والاصطدام بالمحطة.
الإعلان مؤخراً عن عودة المركبة دون رائدي الفضاء أظهر وجه خلاف بشأن عوامل الأمان في المركبة بين الشركة، التي تعاني بالفعل من مشكلات سلامة ترتبط بالطائرات التي تصنعها، وبين وكالة الفضاء.
تصر Boeing على أن Starliner آمنة للعودة إلى الأرض مع الطاقم، وذلك بخلاف ما تراه أو تتخوف منه NASA.
من المقرر أن تنفصل Starliner بشكل مستقل عن محطة الفضاء في حوالي الساعة 6:04 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم الجمعة السادس من سبتمبر/ أيلول، لبدء رحلة العودة إلى الأرض، إذا سمحت الظروف الجوية. تستهدف الشركة والوكالة حوالي الساعة 12:03 صباحاً، يوم السبت السابع من سبتمبر، للهبوط واختتام اختبار الطيران، بحسب ما ذكرته NASA على موقعها الإلكتروني.
محركات الدفع ومخاوف الخروج عن السيطرة
لا تزال أسباب عدم اليقين غير واضحة بشأن عوامل السلامة والأمان في المركبة، لكن مهندسي NASA يركزون على محركات الدفع الخاصة بـ Starliner، والتي عانت بعضها من الأعطال عندما التحمت المركبة الفضائية بمحطة الفضاء الدولية في يونيو/ حزيران الماضي، بحسب موقع Business Insider.
أخبرت مصادر موقع Ars Technica في وقت سابق، أن هناك قلقاً داخل الوكالة من أنه إذا فشلت التركيبة الصحيحة من المحركات عندما تنفصل Starliner عن محطة الفضاء الدولية، فقد تخرج المركبة عن السيطرة وتصطدم بالمحطة.
وقال عالم الفلك في مركز هارفارد وسميثسونيان للفيزياء الفلكية، جوناثان ماكدويل، لموقع Business Insider: "إذا كنت تنفصل عن محطة الفضاء وفقدت أكثر من عدد معين من محركات الدفع الخاصة بك، فهناك احتمال أن تعلق في الانجراف أو حتى تتحطم في محطة الفضاء".
تقرير مدمر
تعرضت Boeing لسلسلة من الأزمات الكبيرة خلال الفترة الأخيرة، لكنها الآن تواجه المزيد من الأسئلة حول براعتها الهندسية.
فحتى عندما كانت وكالة NASA تبحث ما إذا كانت ستلجأ إلى SpaceX، التي تتنافس مع Boeing، على رحلات رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، أصدر المفتش العام لوكالة الفضاء تقريراً مدمراً حول ممارسات Boeing الهندسية.
اقرأ أيضاً: ستعود فارغة.. كبسولة "ستارلاينر" التابعة لبوينغ لن تعيد رائدي فضاء ناسا إلى الأرض
انتقد التقرير عمل Boeing على النسخة التالية من صاروخ نظام الإطلاق الفضائي، الذي يأمل في إطلاق رواد فضاء إلى القمر. وأشار إلى "قضايا مراقبة الجودة" في Boeing و"الافتقار إلى قوة عاملة مدربة ومؤهلة".
وخلص التدقيق إلى أن مهندسي الشركة لديهم "خبرة غير كافية في إنتاج الفضاء الجوي" وقدر أن تكلفة بناء المرحلة العليا من نظام الإطلاق الفضائي سترتفع إلى ما يقرب من 2.8 مليار دولار، أي ما يقرب من ثلاثة أمثال ما توقعته NASA في عام 2017.
ويضيف ذلك إلى الضرر الذي لحق بسمعة Boeing كشركة هندسية في الأشهر الأخيرة، حيث لا تزال الشركة المصنعة للطائرات تتعامل مع تداعيات انفجار في الهواء على متن إحدى طائراتها من طراز 737 ماكس في يناير/ كانون الثاني.
مستقبل مجهول لرحلات Starliner
تعد مشكلة Starliner هي الأحدث في سلسلة طويلة من المشاكل التي ضربت برنامج الفضاء الخاص بـ Boeing.
فازت شركة الطيران العملاقة، وSpaceX بعقود في عام 2014 لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، حيث بلغت قيمة الأولى 4.2 مليار دولار مقابل 2.6 مليار دولار للثانية.
وعلى الرغم من ذلك، تفوقت شركة SpaceX بسهولة على Boeing في الإطلاق، حيث اجتازت مركبتها الفضائية Crew Dragon بنجاح في 2020 نفس الاختبار الذي تكافح Starliner الآن لإكماله.
وفي الوقت نفسه، واجهت Starliner مشاكل، بما في ذلك رحلة تجريبية في عام 2019 كان لا بد من إلغائها لأن ساعة المركبة الفضائية كانت مضبوطة على الوقت الخطأ.
وتكلف عودة الكبسولة المتأخرة من المدار شركة Boeing ما يقدر بنحو 125 مليون دولار، مما يزيد من المشاكل المالية الكبيرة التي تعاني منها الشركة بالفعل.
إذا قررت NASA اللجوء إلى SpaceX، فمن غير الواضح ما قد يعنيه ذلك لمستقبل برنامج Starliner التابع لشركة Boeing.
مع توقع تقاعد محطة الفضاء الدولية في عام 2030 ومن غير المرجح أن تطير Starliner مرة أخرى حتى العام المقبل على أقرب تقدير، قال جوناثان ماكدويل إنه من الصعب تحديد مقدار الاستخدام الذي ستحظى به مركبة Boeing الفضائية التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات.
وقال: "يجب أن أفكر في أن كبار المسؤولين في Boeing يندمون على دخولهم هذه اللعبة".
وأضاف ماكدويل: "إنه أمر مهم لشركة Boeing، لكن هذا البرنامج على وجه الخصوص كان كارثة مالية بالنسبة لهم، وكارثة علاقات عامة بالنسبة لهم. ومن غير المرجح أن يطير هذا العدد الكبير من المرات".
مهما حدث مع Starliner، فإن الوضع الحالي يمثل فوزاً كبيراً لرجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك وشركته SpaceX، التي أصبحت تقوم بمهام منتظمة إلى محطة الفضاء الدولية منذ عام 2020.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي