ما العوامل التي ساعدت الجزائر في التخلص من أعباء الديون الخارجية؟

نشر
آخر تحديث
علم الجزائر

استمع للمقال
Play

"الجزائر لم ولن تلجأ إلى الديون الخارجية"، هذا ما أكده الرئيس الجزائري، عبد المحيد تبون، في مايو/ آيار الماضي، وذلك في كلمته أمام الاتحاد العام للعمال الجزائريين، بمناسبة عيد العمال.

في خطابه المذكور تطرق تبون إلى الأوضاع الاقتصادية في البلاد قبل العام 2019، حيث "الاقتصاد المنهار والأوضاع المزرية في نهاية عشرية مافياوية" على حد تعبيره.

وفي 11 يوليو/ تموز 2023، قال الرئيس الجزائري إن بلاده "لا مديونية لها"، وهي "حرة في قراراتها السياسية والاقتصادية"، وذلك خلال مراسم احتفالية جائزة الوسام الشرفي للتصدير.

قبل تصريحات تبون الأخيرة بحوالي ست سنوات، كان حجم الدين الخارجي للجزائر يمثل 1.06% من الناتج المحلي، لتسجل 1.797 مليار دولار في يونيو/حزيران 2018 (يتضمن ذلك قرضاً بنحو مليار دولار في العام 2016 مع البنك الأفريقي للتنمية).

وفي أبريل/ نيسان الماضي، وصل حجم الدين الخارجي للجزائر إلى نحو 924 مليون دولار، وفق وزير المالية لعزيز فايد، خلال مؤتمر صحافي عقده بشأن مخرجات اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد.



وقبل نهاية العام 2019، كان احتياطي النقد الأجنبي في الجزائر يصل إلى 42 مليار دولار، بينما فاتورة الاستيراد تتجاوز الـ 60 مليار دولار سنوياً، الأمر الذي ضاعف التوقعات المرتبطة بالتوجه نحو الاستدانة من الخارج، بحسب تبون.

ووفق بيانات Trading Economics عن الربع الأول من العام الجاري 2024، تتصدر الجزائر الدول الأفريقية في حجم احتياطي النقد الأجنبي بـ 64.6 مليار دولار.

وفي مايو/ آيار، قال الرئيس الجزائري إن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى 70 مليار دولار، وجدد تأكيداته على عدم التوجه نحو الاستدانة.

والسائد لدى الاقتصاديين والساسة في الجزائر أن "المديونية الخارجية تبدو صفرية"، بحسب المحلل الاقتصادي الاستاذ بجامعة أم البواقي، مراد كواشي، والذي قال لـ CNBC عربية، إن ما أعلن عنه الوزير بشأن حجم الديون الخارجية (التي هي أقل من مليار دولار) هي مخلفات او فوائد ديون سابقة، مشدداً على أن "الجزائر سددت جميع ديونها والتزاماتها الخارجية".

وسجل الاقتصاد الجزائري نمواً بين 4.1% إلى 4.2% خلال العام الماضي 2023، كما تم تصنيفه -من جانب صندوق النقد والبنك الدوليين- كثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا بعد كل من جنوب أفريقيا ومصر.

وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل النمو هذا يشكل أداءً قوياً "يرجع إلى انتعاش إنتاج الهيدروكربون والأداء القوي في قطاعات الصناعة والبناء والخدمات".



وسجل الناتج المحلي الإجمالي في الجزائر -وهي ثالث منتج للنفط في القارة الأفريقية، والمصنفة الأولى ضمن قائمة مصدري الغاز في أفريقيا- ارتفاعاً إلى 260 مليار دولار بنهاية 2023، وفق البيانات الرسمية. بينما تستهدف الحكومة وصوله إلى 400 مليار بحلول عامي 2026 و2027.

ووفق البيانات الرسمية، فإن الجزائر -لأول مرة منذ أربعة عقود- تسجل إجمالي صادرات قياسي بلغ سبعة مليارات دولار (خارج قطاع المحروقات) وتستهدف الحكومة الوصول إلى معدل 11 مليار دولار، ضمن استراتيجية تنويع الاقتصاد.

يأتي ذلك في وقت كان فيه الاقتصاد الجزائري لا يزال في طور التعافي من جائحة كوفيد-19 عندما دفعت التداعيات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا والجفاف المتكرر التضخم إلى الارتفاع، في حين عززت أسعار الهيدروكربون العالمية المرتفعة الإيرادات الحكومية والصادرات، وفق صندوق النقد الدولي.

وذكر المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي عند اختتام مشاورات المادة الرابعة لعام 2023 مع الجزائر في مارس/ آذار، أن الوضع الخارجي ظل قوياً مع فائض في الحساب الجاري للعام الثاني على التوالي. ومع ذلك، استمرت ضغوط التضخم (وذلك أساسا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية) وظلت السياسة النقدية متساهلة. ومن المتوقع أن يتسع العجز المالي، وإن كان أقل مما كان متوقعا في الميزانية المنقحة لعام 2023 بسبب معدلات التنفيذ البطيئة نسبيا.

وأضاف: التوقعات في الأمد القريب إيجابية على نطاق واسع، لكن التضخم لا يزال يشكل مصدر قلق. ومن المتوقع أن يظل النمو الحقيقي قوياً في عام 2024، عند 3.8%، بدعم جزئي من الإنفاق المالي الكبير. ومن المتوقع أن يبدأ التضخم في التباطؤ، وخاصة بفضل انخفاض أسعار المواد الغذائية الطازجة، على الرغم من أن الترسيخ عند مستوى مرتفع نسبياً يشكل مصدر قلق. ومن المتوقع أن يضيق فائض الحساب الجاري بشكل أكبر في عام 2024 مع انخفاض أسعار الهيدروكربونات.

وتعتمد التوقعات الاقتصادية في الأمد المتوسط على الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد والقدرة على جذب الاستثمار الخاص، وهي عرضة لعديد من المخاطر. وتشمل المخاطر على الجانب السلبي التضخم العنيد، وتقلب أسعار الهيدروكربون العالمية، والمخاطر المالية الناجمة عن الالتزامات الطارئة، والاحتياجات المالية الضخمة للميزانية، وارتفاع الدين العام.

ومن شأن الأحداث المناخية المتطرفة أن تؤثر على الاقتصاد والميزانية في حين يشكل التحول غير المنظم في مجال الطاقة خطرا طويل الأجل. وعلى الجانب الإيجابي، فإن الإصلاحات البنيوية المستدامة والجريئة والعميقة والجهود الحثيثة لتنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال، وجذب الاستثمار، والاستفادة من أسواق التصدير الجديدة من شأنها أن تحفز النمو وخلق فرص العمل بشكل أكبر، بحسب بيان الصندوق.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة