كشف إعصار هيلين عن ثغرة كبيرة في سلسلة توريد أشباه الموصلات، وذلك بعد أن أدت الفيضانات في مناجم كارولينا الشمالية إلى وقف إنتاج الكوارتز فائق النقاء الحيوي لتصنيع الرقائق الإلكترونية.
الإعصار، الذي يُعتبر الأكثر دموية الذي يضرب الولايات المتحدة منذ إعصار كاترينا في عام 2005، أغرق بلدة سبروس باين الجبلية الأسبوع الماضي. وتنتج هذه البلدة، وفقاً للخبراء، ما يصل إلى 90% من الكوارتز فائق النقاء في العالم. ويُستخدم هذا المعدن النادر لصناعة القوارير التي ينتج فيها السيليكون عالي الجودة المستخدم في تصنيع أشباه الموصلات.
أي توقف طويل الأمد في الإنتاج يمكن أن يؤثر على الإنتاج النهائي للمكونات الأساسية في مجموعة واسعة من الإلكترونيات، من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر إلى الألواح الشمسية. وسيأتي هذا التأثير في وقت يشهد ارتفاعاً في الطلب على الخوادم لمعالجة الذكاء الاصطناعي، والذي تجاوز بالفعل العرض المتاح من الرقائق المتقدمة.
اقرأ أيضاً: سوق الهواتف الذكية الأجنبية يتراجع في الصين
كوارتز عالي النقاء
قال فينس بيسير، الذي زار سبروس باين أثناء كتابته لكتابه "العالم في حبة رمل" عام 2018، إن "هناك مصادر أخرى للكوارتز عالي النقاء حول العالم، ولكن حتى الآن لم يُعثر على مكان آخر يمتلك نفس النقاء، نفس الكمية، ونفس سهولة الوصول".
ورغم وجود بعض المنتجين البديلين الصغار في روسيا والبرازيل والهند والصين، إلا أن تركيز سلاسل التوريد لهذا المعدن الأساسي في بلدة جبلية صغيرة يبلغ عدد سكانها نحو ألفين شخص يُعد أمراً "جنونياً"، حسبما أضاف بيسير، مشيراً إلى عدم وجود بديل حقيقي لهذا النوع من الكوارتز.
سيبيلكو، وهي شركة تعدين مقرها بلجيكا تدير أكبر منشأة لإنتاج الكوارتز في سبروس باين، قالت إن المنطقة تعرضت "لضربة قوية".
وأوضحت الشركة في بيان هذا الأسبوع، بعد وقف الإنتاج في 26 سبتمبر/أيلول، أن "الإعصار تسبب في فيضانات واسعة النطاق، وانقطاع التيار الكهربائي، وتعطل الاتصالات، وتلف البنية التحتية الحيوية في المنطقة".
شركة سيبيلكو أعلنت يوم الجمعة أنها أحرزت "تقدماً كبيراً" في جهود التعافي، مضيفة أن "التقييم الأولي يشير إلى أن منشآتنا التشغيلية في منطقة سبروس باين تعرضت لأضرار طفيفة فقط". ومع ذلك، فإن التقييمات التفصيلية لا تزال جارية.
وقالت شركة كوارتز كوربوريشن،، وهي شركة تعدين أخرى تعمل في سبروس باين، في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه من "المبكر جداً" تقييم المدة التي ستستغرقها لاستئناف الإنتاج. ومع ذلك، أعربت الشركة يوم الأربعاء عن ثقتها في قدرتها على تجنب أي تعطيل في الإمدادات لعملاء الكوارتز فائق النقاء.
وتعتبر الشركة التي تتخذ من أوسلو مقراً لها، أن سبروس باين هي "المنجم الوحيد على الأرض الذي يحتوي على كوارتز نقي بما يكفي لإنتاج القوارير اللازمة لصناعة سبائك أشباه الموصلات".
السبائك المصنوعة من السيليكون، التي تُنتج داخل القوارير المصنوعة من الكوارتز، تُقطع إلى رقائق رفيعة يُطبع عليها الترانزستورات والدارات لتكوين الرقائق، مما يجعلها مكوناً أساسياً في صناعة أشباه الموصلات التي تبلغ قيمتها 600 مليار دولار.
يتعين أن يكون الكوارتز المستخدم في هذه القوارير نقياً بنسبة لا تقل عن 99.999% لتجنب تفاعله مع الـ "بوليسيليكون" الأكثر نقاءً الذي تصنع منه رقائق الكمبيوتر في درجات الحرارة العالية.
قال فينس بيسير إنه من المتوقع أن يتسبب تعطيل إنتاج الكوارتز بسبب إعصار هيلين في "ضغط قصير الأمد قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار". وأشار إلى أن الفيضانات أضرت أيضاً بالبنية التحتية للنقل في المنطقة.
اقرأ أيضاً: توقف 24% من إنتاج النفط في خليج المكسيك بأميركا بسبب العاصفة هيلين
وتقدر شركة SemiAnalysis، وهي شركة استشارية للرقائق، أن مصنعي رقائق السيليكون مثل GlobalWafers وSiltronic وSumco لديهم ما بين 3 إلى 8 أشهر من المخزونات المتاحة لصانعي الرقائق مثل إنتل وسامسونغ و تي إس إم سي.
وقال محللوها: "المخزون الحالي هو حاجز" لأي اضطراب، ويمكن "على الأرجح" استئناف أنشطة التعدين قبل أن يتم استنزافها.
لكن إيد كونواي، مؤلف كتاب "العالم المادي"الذي يتناول ستة من أهم المواد في الصناعة الحديثة، بما في ذلك الرمل، يعتقد أن استعادة العمليات إلى طاقتها السابقة قد تستغرق عدة أشهر. في نشرة إخبارية هذا الأسبوع، كتب كونواي: «من الصعب تخيل أن هذا لن يكون له على الأقل بعض التأثير».
وأشار إلى أن هذا الحادث يبرز هشاشة الأسس الاقتصادية التي تعتمد عليها حياتنا. وقال: «قليل من الناس يقضون وقتاً في التفكير في مكان مثل سبروس باين، حتى يحدث شيء كهذا، ثم فجأة يصبح المكان بالغ الأهمية».
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي