بتخفيضات في النفقات 60 مليار يورو .. حكومة فرنسا تقدم مشروع موازنة 2025

نشرالجمعة، 11 أكتوبر 2024 | 3:47 مساءً
آخر تحديث الأربعاء، 16 أكتوبر 2024 | 12:06 صباحًا

استمع للمقال
Play

قدمت الحكومة الفرنسية الجديدة يوم الخميس 10 أكتوبر/تشرين الأول، مشروع موازنة يتضمن زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو (65.6 مليار دولار)، وسط تحذيرات من المحللين بأن هذا الحزمة قد لا تكون كافية لتجنب خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد.

تركز موازنة عام 2025 بشكل أكبر على الإجراءات الضريبية مما كان يتوقعه البعض. كما أشار المحللون إلى مقترحات وُصفت بأنها «معقدة سياسياً»، مثل تأخير التعديلات التضخمية على معاشات التقاعد، وتقليص التمويل للحكومات المحلية، والخدمة المدنية، ونظام الرعاية الصحية.

تشمل العناصر الرئيسية الأخرى فرض ضرائب مؤقتة إضافية على شركات الشحن الكبرى والشركات التي تزيد إيراداتها عن مليار يورو سنوياً، مما سيؤثر على نحو 440 شركة؛ وزيادة ضريبة الدخل على الأسر التي يتجاوز دخلها 500 ألف يورو؛ وإعادة فرض ضريبة على استهلاك الكهرباء؛ وزيادة الضرائب والرسوم على تذاكر الطيران والسيارات ذات الانبعاثات العالية.

خفض العجز إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي

أحد الأهداف الرئيسية للموازنة هو تقليص العجز المتوقع لفرنسا لعام 2024، والذي يبلغ 6.1%، إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، وذلك في إطار السعي للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي التي تنص على أن العجز في موازنة أي دولة عضو يجب ألا يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وقد وضعت الحكومة هدفاً جديداً للوصول إلى هذا الحد بحلول عام 2029، وهو تمديد لهدفها السابق لعام 2027. كما حذرت من أن العجز قد يتضخم ليصل إلى 7% في العام المقبل إذا لم تُتخذ تدابير مناسبة.

اقرأ أيضاً: فرنسا تؤجل الموعد المستهدف لخفض عجز الميزانية إلى 3% حتى 2029

التحدي السياسي

كان إيجاد 60 مليار يورو في عام واحد مهمة صعبة أمام الحكومة، مما أجبرها على اللجوء إلى خيارات «معقدة سياسياً»، كما أوضح هادريان كاماتي، كبير الاقتصاديين لشؤون فرنسا وبلجيكا ومنطقة اليورو في «Natixis»، خلال حديثه في برنامج «Squawk Box Europe» على قناة CNBC يوم الجمعة.

وتواجه الحكومة الفرنسية الهشة بقيادة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه تحديات سياسية كبيرة، حيث نجت هذا الأسبوع من تصويت لحجب الثقة. تشكلت هذه الحكومة الشهر الماضي بعد مفاوضات شاقة أعقبت الانتخابات البرلمانية في يوليو/تموز، والتي منحت أكبر عدد من المقاعد لتحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري، وهو نفسه تحالف منقسم نسبياً، دون أن يتمكن أي حزب أو ائتلاف من تحقيق الأغلبية.

في ظل هذا الواقع، وصف ميشيل بارنييه مشروع الموازنة كنقطة انطلاق سيتم مناقشتها من قبل المشرعين، وأبدى انفتاحه على إدخال تغييرات بشرط أن تحافظ على النزاهة المالية للموازنة.

وقال هادريان كاماتي: «ستكون هناك تغييرات، وسيكون هناك جدل ساخن بشأن المعاشات والمساهمات في الضمان الاجتماعي»، مع بدء مناقشة الموازنة في 21 أكتوبر/تشرين الأول، والتصويت على أجزاء مختلفة منها اعتباراً من 29 أكتوبر.

وأضاف كاماتي: «المشكلة هي أنه عندما يتعين عليك العثور على 60 مليار يورو، فإننا لم نتمكن أبداً من العثور على هذا المبلغ خلال عام واحد، سيكون ذلك غير مسبوق، ولهذا السبب من الصعب تصديق إمكانية تحقيق مثل هذا المبلغ الضخم، خاصة في ظل أغلبية هشة نسبياً».

التركيز على الضرائب

أشار المحللون في «غولدمان ساكس» في مذكرة يوم الجمعة  إلى أن السياسة الاقتصادية التي تدعم موازنة عام 2025 تميل بشكل أقل نحو تخفيضات الإنفاق وأكثر نحو زيادات الضرائب مما كانوا يتوقعون.

وجاء في المذكرة: «حجم التقشف المقترح والاعتماد الكبير على زيادات الضرائب يقللان من ثقتنا في قدرة الحكومة على تحقيق هدف العجز بنسبة 5.0% لعام 2025. أبحاثنا السابقة أظهرت أن التعديلات المفاجئة والتقشف القائم على الضرائب تكون أقل نجاحاً في تحسين الوضع المالي بشكل مستدام». وأشاروا إلى أن توقعاتهم للعجز كانت بنسبة 5.2%.

ومع ذلك، أشاروا أيضاً إلى إمكانية تحقيق بعض الاستقرار السياسي على المدى القريب، نظراً لنجاة الحكومة من تصويت سحب الثقة في 8 أكتوبر/تشرين الأول.

هذا يعني أن السيناريو الأساسي لدى المحللين هو أن الحكومة ستتمكن من تمرير مشروع قانون الموازنة بحلول نهاية العام، لكن هناك مزيداً من الشكوك بعد هذه النقطة.

اقرأ أيضاً: بنك فرنسا المركزي يتوقع نمواً في الربع الثالث بفضل استضافة الأولمبياد

وقال هادريان كامات من «Natixis» لقناة CNBC: «عندما تحتاج إلى أموال جديدة بشكل سريع، لا يكون أمامك خيار سوى زيادة الضرائب. المشكلة هي أن الضرائب مرتفعة جداً بالفعل في فرنسا»، مشيراً إلى أن فرنسا تحتل المرتبة الثانية في أوروبا من حيث أعلى معدل ضرائب على الأجور.

ورغم التركيز على زيادات الضرائب، من المتوقع أن يُقسَّم مشروع القانون بحيث يتم تخفيض الإنفاق الحكومي بمقدار 40 مليار يورو، بينما ترتفع الإيرادات بمقدار 20 مليار يورو، وفقاً لإريك-يان فان هارن، كبير الاستراتيجيين الاقتصاديين في «Rabobank».

ومع ذلك، أضاف: «خطط بارنييه الطموحة محفوفة بمخاطر التنفيذ. تلتزم حكومته حتى عام 2029، ولكن من غير المرجح أن تستمر حتى ذلك الحين».

مخاطر التصنيف الائتماني

ما زالت هناك تساؤلات حول تأثير موازنة عام 2025 على النمو الاقتصادي لفرنسا، وما إذا كانت البلاد ستتمكن من تجنب مزيد من تخفيض التصنيف الائتماني لديونها السيادية، بعد التخفيضات التي قامت بها وكالتا «ستاندرد آند بورز» و«فيتش» خلال العامين الماضيين.

وأوضحت إيفلين هيرمان، الخبيرة الاقتصادية لشؤون أوروبا في «Bank of America Global Research»، في حديثها مع قناة CNBC: «الحكومة تتخذ تدابيرها لتجنب إلحاق ضرر كبير بالنمو الاقتصادي. وهناك أمل في أن استهداف الفئات ذات الدخل المرتفع والشركات التي تحقق أرباحاً كبيرة، مع الوعد بأن هذه التدابير ستكون مؤقتة قد يساعد في تجنب التأثير القوي المعتاد لمثل هذه الإجراءات على النمو».

ومع ذلك، قدّر محللو «غولدمان ساكس» أن تأثير حزمة الإجراءات على النمو الاقتصادي سيتحول من دفع بنسبة 0.3% في عام 2024 إلى سحب بنسبة 0.5% في عامي 2025 و2026؛ بينما أشار بنك «يو بي إس» إلى أن التقشف المالي الكبير، الذي يعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، من المحتمل أن يضر بالنمو.

هذا الأسبوع، توقعت وكالة الإحصاءات «Insee» نمواً بنسبة 1.1% للاقتصاد الفرنسي هذا العام، وهو ما وصفه هادريان كامات من «Natixis» بأنه «ربما يكون متفائلاً قليلاً، حتى وإن كان غير غير واقعي».


وقال: «إن قلقي ينصب على المسار الذي قد يمضي بعد عام 2025، لأن التدابير الرامية إلى خفض العجز بعد عام 2025 غير موثقة، وعندما تقوم بتحليل استدامة الدين، فإن مسار فرنسا يشكل خطرا واضحا».

وأضاف أن وكالات التصنيف الائتماني سوف تكون في وضع الانتظار والترقب في الأمد القريب نظراً لعدم وجود تفاصيل محددة حول الميزانية، على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد النظرة السلبية من ستاندرد آند بورز أو فيتش.

وقال كاماتي: «في هذه المرحلة، من الأفضل أن نتحلى بالهدوء ونقرر العام المقبل لمعرفة ما إذا كانت تخفيضات الإنفاق ذات مصداقية أم لا». ومع ذلك، فإنه يتوقع أن تدخل وكالة موديز، التي حافظت على تصنيف أفضل لفرنسا، في نظرة سلبية هذا العام قبل خفض التصنيف العام المقبل.

وكان فان هارن من رابوبانك أكثر تشاؤماً، حيث زعم أن التخفيضات الحادة في الإنفاق من شأنها أن "تضع حداً للنمو الاقتصادي" وأن "خفض التصنيف من قبل إحدى وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية يبدو محتملاً".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة

      سياسة ملفات الارتباط

      ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.