روسيا والناتو.. هل تقترب "المواجهة المباشرة"؟

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم، يواجه الاقتصاد العالمي سيناريوهات خطيرة تهدد الاستقرار في مختلف المناطق.

واحدة من بين تلك التوترات، تبرز العلاقات المضطربة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) كواحدة من أبرز القضايا التي تثير القلق، ذلك أنه منذ بداية الحرب في أوكرانيا في فبراير، شباط 2022، تفاقمت الأزمات الاقتصادية والأمنية، وأصبح العالم يراقب بقلق التحركات العسكرية والسياسية في المنطقة.

وخلال الفترة الأخيرة، تصاعدت حدة التحركات والتصريحات المتبادلة بين روسيا والناتو، وبما يثير مخاوف من تصعيد أوسع محتمل، ليطل سيناريو "المواجهة المباشرة" برأسه.. فإلى أي مدى يُمكن أن تصل الأمور إلى هذا السيناريو "المُدمر" والذي يهدد اقتصاد العالم بضربة قاصمة؟ 

علاقات تاريخية

يتسم تاريخ العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بالتوتر والتعقيد، إذ تأسس الناتو في العام 1949 كتحالف عسكري يضم دولاً غربية بهدف مواجهة التهديدات السوفييتية خلال فترة الحرب الباردة.

ومع انتهاء الحرب الباردة في أوائل التسعينيات، سعت روسيا إلى تطوير علاقات تعاون مع الناتو، مما أدى إلى تشكيل مجلس روسيا-الناتو عام 2002 بهدف معالجة القضايا الأمنية والمشاريع المشتركة.

 ومع ذلك، سرعان ما بدأت العلاقات تتدهور مجددًا، خاصةً بعد توسع الناتو ليشمل دولاً من الكتلة الشرقية السابقة، مما اعتبرته موسكو تهديداً لأمنها القومي.

تجددت التوترات بشكل كبير بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014، والذي أعقبه اندلاع النزاع في شرق أوكرانيا والعملية العسكرية الروسية التي بدأت بعد ذلك في 22 فبراير/ شباط 2022 في أوكرانيا.

هذا التصعيد أحدث تأثيراً سلبياً على العلاقات، مما أدى إلى تعليق عديد من أوجه التعاون الرسمي بين روسيا والناتو وفرض عقوبات غربية على موسكو، تصاعدت وتيرتها في العامين الماضيين.

منذ ذلك الحين، عانت العلاقات بين الطرفين من تدهور ملحوظ، والذي تفاقم مع الحرب المستمرة في أوكرانيا، وسط سيناريوهات تطل برأسها على المشهد من آن لآخر، بما في ذلك سيناريو المواجهة المباشرة أو ما يصفه بعض المحللين بـ "حرب يوم القيامة"!

الحرب في أوكرانيا

مع اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، دخلت العلاقات بين روسيا والناتو مرحلة جديدة من التوتر. أصبح الناتو أكثر نشاطًا في دعم أوكرانيا، حيث قدم المساعدات العسكرية والتدريب لقواتها. 

قبيل أيام، أكد الأمين العام للناتو، مارك روته، أن الحلف مستعد لمواصلة دعم أوكرانيا، مشيرًا إلى أن انضمام كييف إلى الناتو "مسألة وقت"، كما شدد على أن "القيادة الحالية للناتو سوف تُحدث فرقاً حقيقياً لأوكرانيا في ساحة المعركة ولأمن أوروبا"، وهي الرسائل التي  تعكس التزام الناتو بمواجهة التحديات التي تطرحها روسيا.



رسائل روته -الذي تولى منصبه كأمين عام للحلف قبل أشهر قليلة، وتحديداً في 26 يونيو/ حزيران 2024- أوجدت تفسيرات مختلفة مرتبطة باحتمالات التصعيد وانخراط الناتو في صراع أو مواجهة مباشرة مع موسكو.

تحذيرات ألمانية

يأتي ذلك في وقت حذر فيه رؤساء أجهزة الاستخبارات الألمانية أخيراً من إمكانية شن روسيا هجمات على الناتو في أفق  العام 2030، مما يعكس قلقاً متزايداً من تصاعد الأنشطة العسكرية الروسية.

رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني، برونو كال، كان قد ذكر قبيل أيام أن القوات المسلحة الروسية قد تكون قادرة على تنفيذ هجمات ضد الحلف، مما يعزز من حالة التأهب لدى الدول الأعضاء في الناتو.



تزامنت هذه التصريحات مع تحذيرات من تزايد أعمال التجسس والتخريب الروسية، حيث أفاد رئيس الاستخبارات الداخلية الألمانية، توماس هالدينوانج، بأن الأنشطة الروسية تتزايد نوعاً وكماً، مشيراً إلى حوادث تخريبية مريبة على الأراضي الألمانية، على حد وصفه، واعتبر أن هذه الأنشطة تضاف إلى المخاوف من مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والناتو.

خطة "النصر" الأوكرانية

تتجلى هذه المخاوف بشكل أكبر في تصريحات ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، التي اعتبرت أن خطة النصر الأوكرانية التي قدمها الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد تدفع الناتو نحو صراع مباشر مع روسيا، محذرة من العواقب الوخيمة التي قد تواجه الشعب الأوكراني نتيجة لهذه الخطط. هذا النوع من التصريحات يعكس حالة من التوجس الروسي من تصعيد الحلف لدعمه لأوكرانيا.

اقرأ أيضاً: ميزانية الناتو للعام 2024.. زيادة تسمح للحلفاء بـ "مواجهة التحديات المشتركة"

من جهة أخرى، أدى التعاون العسكري بين روسيا وعدد من الحلفاء، من بينهم كوريا الشمالية إلى تعزيز المخاوف من انخراط قوات كورية شمالية في النزاع، حيث أرسلت بيونغ يانع 1500 مجند لتدريبات عسكرية مشتركة مع الجيش الروسي.



واعتبر مارك روته أن هذا التطور يشكل "تصعيدًا كبيرًا" -كما كتب عبر صفحته على منصة إكس- مما يزيد من التعقيدات الأمنية في المنطقة ويعكس عمق التحالفات العسكرية التي تتشكل في ظل النزاع القائم.

في سياق موازٍ، أظهرت التقارير نشرتها رويترز أن إيران قد أرسلت صواريخ باليستية إلى روسيا، مما يعكس مستوى التعاون بين موسكو وطهران ويزيد من التحديات التي تواجه حلفاء كييف في الناتو. هذا التعاون يعكس تحولًا في الديناميكيات الأمنية الإقليمية، مما يجعل من الصعب على الناتو تجاهل التهديدات المتزايدة.

لكن إيران على المستوى الرسمي تنفي تلك الأنباء. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إنه "لا أساس لمزاعم الغرب بإرسال إيران صواريخ باليستية إلى روسيا".

وإجمالاً في ظل هذه الظروف، تظل الخيارات مفتوحة، ومعها احتمالات المواجهة المباشرة بين الجانبين، مما يفرض على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حذر ومراقبة التطورات عن كثب.

تشير المعطيات المذكورة إلى تصاعد التوترات بين روسيا والناتو، مما قد يؤدي إلى صراع محتمل يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ويتطلب الوضع الحالي من الدول الأعضاء في الناتو تعزيز التنسيق والتعاون العسكري لمواجهة التحديات القادمة، مع الأخذ في الاعتبار أن أي تصعيد قد ينعكس بشكل سلبي على الأمن في أوروبا والعالم. 

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة