تشهد الساحة السياسية في الولايات المتحدة تحولًا ملحوظًا في توجهات الناخبين الأميركيين العرب، مع تزايد تأثير التوترات في الشرق الأوسط على خياراتهم الانتخابية.
تاريخياً، كان الناخبون العرب في الغالب يميلون نحو دعم الحزب الديمقراطي جراء مواقفه التقليدية المنفتحة على الأقليات والقضايا الحقوقية. لكن في السنوات الأخيرة، باتت السياسة الأميركية الخارجية تجاه القضايا العربية، خاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، محور اهتمام متزايد لدى الناخبين العرب، ما يدفعهم لإعادة تقييم ولاءاتهم الانتخابية.
يأتي هذا التغيير في ظل تصاعد الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، بدءًا من الصراع في غزة والتوترات الإيرانية الإسرائيلية، وصولاً إلى التحولات في العلاقة بين الولايات المتحدة وبعض الدول في المنطقة.
هذه التوترات تؤثر مباشرة على انطباعات الناخبين الأميركيين العرب حول السياسات الخارجية للمرشحين الأميركيين، إذ باتوا
يولون أهمية أكبر للمواقف التي قد تؤثر على مستقبل قضاياهم الوطنية، لا سيما في ظل ما يعتبره البعض منهم انحيازًا أميركيًا واضحًا لإسرائيل على حساب الفلسطينيين.
يؤدي هذا التحول إلى تعزيز الدعم لمرشحين يتبنون موقفًا أكثر حيادًا أو يبدون استعدادًا للاستماع إلى هموم الناخبين العرب بشأن السياسة الخارجية.
علاوة على ذلك، يجد الناخبون العرب الأميركيون أنفسهم اليوم بين خيارين معقدين، حيث يجذبهم بعض المرشحين بسبب سياساتهم الداخلية المتساهلة تجاه الأقليات والحقوق المدنية، لكنهم يتخوفون من تداعيات مواقفهم في السياسة الخارجية. كما أن خطاب الكراهية والإسلاموفوبيا الذي يروّجه بعض الساسة يزيد من حساسيتهم تجاه مرشحين قد يزيدون من التوترات العنصرية والكراهية ضدهم داخل الولايات المتحدة نفسها.
الانتخابات الأميركية لحظة بلحظة (تحديثات مباشرة)
بحسب استطلاع المعهد العربي الأميركي، فإن نسبة تصل إلى 81% من الناخبين أبلغوا بأن الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان تؤثر على قراراتهم التصويتية لأي من المرشحين.
تذهب نسبة 42% لصالح المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بينما نسبة 41% تذهب للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ونسبة 12% لمرشح آخر.
تُظهر تلك النتائج كيف أن العرب الأميركيين يميلون قليلاً للتصويت للمرشح الجمهوري دونالد ترامب أكثر من كامالا هاريس، وفقًا لاستطلاعات رأي مختلفة.
من بين تلك الاستطلاعات أيضاً، استطلاع YouGov، الشهر الماضي، أظهر أن 43% يدعمون ترامب مقارنة بـ 41% لهاريس، و4% يدعمون مرشحة حزب الخضر جيل ستاين التي لها مواقف إيجابية حيال الحرب في غزة وتطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الحصار.
اقرأ أيضاً: استطلاعات الرأي تروي قصة منافسة مثيرة.. سباق محتدم بين هاريس وترامب
تتوافق نتائج تلك الاستطلاعات أيضاً مع استطلاع سابق أجراه معهد "Arab American Institute" وتشير النتائج إلى أن دعم هاريس في المجتمع العربي الأميركي قد تضرر بسبب دعم إدارة بايدن للحرب المستمرة منذ عام ضد حركة حماس في غزة.
كما يُظهر الاستطلاع الأحدث تقدم ترامب على هاريس بنسبة 39% مقابل 33% فيما يتعلق بالسؤال حول المرشح الأكثر قدرة على حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، فيما تعادل المرشحان بنسبة 38% لكل منهما بشأن من سيكون "الأفضل للشرق الأوسط بشكل عام"، وفق نتائج الاستطلاع التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية.
الدعم لترامب لافت بشكل خاص بالنظر إلى أن نفس الاستطلاع يظهر أن ضعف عدد المستطلعين – بنسبة 46% مقابل 23% – يعتقدون بأن العنصرية والجرائم بدافع الكراهية ضد العرب من المرجح أن تزداد في ظل رئاسة ترامب مقارنةً بهاريس، في مفارقة تُظهرها النتائج.
ويشار في الوقت نفسه إلى أن ترامب كان قد استخدم مصطلح "فلسطيني" مرارًا كمصطلح للتقليل من خصومه الديمقراطيين، واصفًا إياهم بأنهم غير داعمين بما يكفي لإسرائيل.
اقرأ أيضاً: ترامب وهاريس.. ماذا يعني فوز أحدهما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط؟
وتُعد النتائج مفاجئة أيضًا بالنظر إلى أن رئاسة ترامب تميزت بميل قوي لدعم إسرائيل. فهو مسؤول عن قرار مثير للجدل بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
تعكس صورة ترامب كمؤيد قوي لإسرائيل في الاستطلاع، حيث يعتقد 69% من المستطلعين أنه الأكثر دعمًا لمصالح إسرائيل، مقارنةً بـ 60% لهاريس.
أما نائبة الرئيس الأميركي فقد سلكت مسارًا دقيقًا أثناء محاولتها استعادة دعم الناخبين العرب الذي خسره بايدن. وقد أكدت مرارًا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بينما أعربت أيضًا عن قلقها بشأن تزايد عدد الضحايا وتدهور الوضع في غزة. كما عبرت عن أملها في انتهاء الحرب بعد اغتيال زعيم حماس يحيى السنوار.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي