ما الذي تعنيه عودة ترامب للبيت الأبيض بالنسبة لـ "التوترات في الشرق الأوسط"؟ (خاص CNBC عربية)

نشر
آخر تحديث
ما الذي تعنيه عودة ترامب للبيت الأبيض بالنسبة لـ "التوترات في الشرق الأوسط"؟ (خاص CNBC عربية)

استمع للمقال
Play

◾ عالم سياسة أميركي:  في حين يفضل ترامب إنهاء الحروب في غزة ولبنان إلا أنه لا توجد حتى الآن خطة قابلة للتطبيق لتسوية ما بعد الحرب

◾ مفكر أميركي: ترامب لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.. والتوقعات ليست موثوقة على نحو كامل

◾ رئيس مركز الدراسات المستقبلية بجامعة القدس: ترامب "رجل التسويات والصفقات".. ويستطيع كبح جماح إسرائيل على عكس بايدن 

◾ باحث في مؤسسة "نيو أميركا": عداء ترامب لإيران ورغبة إسرائيل في القتال.. عوامل قد تؤدي إلى تصعيد ليس بوسع أحد الاستعداد له! 

◾ رئيس السياسات الخارجية بالمنظمة الأوروبية للسياسات الاقتصادية: مقاربات ترامب قد تشهد تصعيداً مرحلياً للصراعات ثم تقييد الوضع والدفع بعملية سلام جديدة بالشرق الأوسط 


من شأن عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه التاريخي في انتخابات 2024 متفوقاً على مُنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، أن ترسم آفاقاً مغايرة لمسار التوترات في منطقة الشرق الأوسط.

نظرياً، تبنى ترامب خطاباً يميل إلى "إحلال السلام وتعزيز الاستقرار الإقليمي" و"وقف الحروب" خلال حملته الانتخابية، مع تأكيد الدعم لإسرائيل، فيما يُعول على في قدرته على كبح جماح الأحداث المتسارعة في المنطقة.

جدد ترامب في غير مناسبة إشارته إلى أن الحروب (الحرب في غزة وأوكرانيا)  لم تكن لتقع لو كان في سدة الحكم، محملاً الإدارة الديمقراطية بقيادة الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس مسؤولية المشهد الراهن.

هذه التصريحات، التي تبدو جريئة في دلالتها بينما جاءت في سياق الحشد الانتخابي، تعكس توجه ترامب لاستعادة دورٍ فاعلٍ وحاسمٍ في إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية على نحوٍ يضمن مقاربات متوازنة بين التزامه بين دعم إسرائيل والحفاظ على علاقاته بحلفائه في المنطقة والتوصل لتهدئة تحول دون مزيد من تفجر كارثي للأزمات الحالية بما في ذلك المواجهات بين إسرائيل وإيران.

تبرز إسرائيل في صلب أولويات ترامب الإقليمية؛ فالتزامه المطلق تجاه حليفه الاستراتيجي ثابت لا يقبل النقاش. فهو لا يتردد في دعم إسرائيل عسكرياً ودبلوماسياً واقتصادياً، حتى لو تطلب الأمر مواجهة اللوبيات والمعارضة الداخلية في واشنطن، وقد أثبت ذلك خلال ولايته السابقة بتقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل.

اقرأ أيضاً: ترامب يعد بإعادة السلام إلى الشرق الأوسط "قريباً جداً"

لكن في تقدير بعض المحللين، فإن ما قد يُغلف توجه ترامب هو أسلوب "التاجر" أو "رجل الأعمال" الذي يسعى لتحقيق التوازن بين التزامه الصارم بإسرائيل وحرصه على عدم خسارة حلفائه من الدول العربية والإقليمية. ففي ظل روابطه الممتدة مع قادة المنطقة وعلاقاته الشخصية التي يروج لها كـ"ضمانة لسياسة فعالة" فضلاً عن المصالح الاقتصادية، يحاول ترامب أن يصيغ معادلة دقيقة: تحقيق الاستقرار دون التضحية بالمصالح الأميركية أو استفزاز أصدقاء واشنطن الإقليميين.

غير أن هذا التوجه يواجه تحدياً في التفاصيل، فحتى الآن، لا تزال الرؤية غير واضحة حول كيفية ترجمة تعهدات ترامب إلى واقع ملموس. وبهذا الخصوص، يظل الغموض سيد الموقف في ما يتعلق بخطط إدارة ترامب العملية للتعامل مع مرحلة ما بعد التهدئة أو كيفية إدارة الصراعات بآليات قابلة للتطبيق. ذلك أن المنطقة بحاجة إلى حلول سياسية وليس مجرد وعود، وهذا ما يراه البعض كعبء إضافي على ترامب في حال لم يتمكن من تلبية توقعات الحلفاء والمجتمع الدولي بشأن تحقيق التوازن والاستقرار.



سياسة غير مؤكدة

في هذا السياق، يقول أستاذ الشؤون الدولية في كلية هاملتون، عالم السياسة الأميركي آلان كافروني، في تصريحات خاصة CNBC عربية:  "في حين أن الشرق الأوسط سيكون بالتأكيد على رأس أجندة السياسة الخارجية لترامب، فإن السياسة -التي سوف يتبعها- ستكون غير مؤكدة نتيجة لتعقيدات المنطقة وشخصية ترامب"، مشيراً إلى الاتصال الذي جمع ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً، وتهنئة الأخير للرئيس الأميركي بالانتصال "المذهل".

ويضيف: "في حين يفضل ترامب إنهاء الحروب في غزة ولبنان، إلا أنه لا توجد حتى الآن خطة قابلة للتطبيق لتسوية ما بعد الحرب"، موضحاً أن "نتنياهو يفضل الاستيلاء الكامل على غزة"، وليس من الواضح ما إذا كان ترامب يمكن أن يكون أكثر نجاحاً من بايدن في مواجهة ليس فقط نتنياهو ولكن أيضاً اللوبي الإسرائيلي الذي يمارس الكثير من الضغوط على السياسيين الأمريكيين.
وإذا سمح ترامب لنتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية، فإن حل الدولتين - حتى الآن خطابي إلى حد كبير - سيكون مستبعداً إلى الأبد.

وفي تقدير أستاذ الشؤون الدولية في كلية هاملتون، فإنه "مثل بايدن، قد يكون لدى ترامب نجاح أكبر في منع إسرائيل من شن ضربات واسعة النطاق - وربما نووية - ضد طهران، والتي لديها القدرة على زعزعة استقرار المنطقة بأكملها وزيادة أسعار النفط بشكل كبير".

ويلفت في السياق نفسه إلى محافظة دول كبرى في المنطقة على اتصالاتها مع ترامب وصهره جاريد كوشنر. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يتمكن ترامب من إنهاء تواصلهم (تلك الدول) الكبير مع إيران وروسيا والصين - في حالة المملكة العربية السعودية (وإيران) من خلال مجموعة البريكس.



وفي حديثه مع CNBC عربية، يقول أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث في كلية سانت أنتوني بجامعة أوكسفورد، يوجين روجان: "أتوقع أن يكون ترامب داعماً لحكومة نتنياهو وبالتالي من غير المرجح أن يضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة أو لبنان".

كما يشير إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب يُتوقع منه  "عزل إيران"، وذلك استمراراً للسياسات التي غلفت فترة حكمه الأولى فيما يخص التعامل مع طهران. ويضيف روجان: "أتوقع منه (من ترامب) أن يسعى إلى التطبيع العربي مع إسرائيل لمواصلة سياساته السابقة".

لكنه لا يعتقد بأن مُجمل سياسات ترامب المحتملة حيال منطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تخدم استقرار المنطقة، مشدداً على أنه "باستثناء إسرائيل، لن تكون المنطقة أولوية رئيسية للإدارة الجديدة". لكنه في الوقت نفسه يلفت إلى أن ترامب "لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وبالتالي فإن التوقعات ليست موثوقة للغاية".

وكثفت إدارة بايدن جهودها التي فشلت حتى الآن في تأمين وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتأمين إطلاق سراح المحتجزين، فضلاً عن وقف قصف إسرائيل والقتال مع حزب الله في لبنان.

بينما دعا ترامب على نطاق واسع إلى إنهاء الحرب في غزة، لكنه لم يحدد بعد بوضوح كيف قد تساعد إدارته القادمة في التعجيل بذلك. كما قال خلال الحملة الانتخابية إنه سيدعم ما وصفه بـ "حق إسرائيل في الفوز في حربها ضد الإرهاب".

إقناع نتنياهو!

لكن الباحث في مؤسسة أميركا الجديدة، باراك بارفي، يعتبر أن "ادعاءات" ترامب بأنه قادر على إنهاء حرب غزة سوف تتعارض مع حقيقة أنه ليس لديه أي نفوذ على حركة حماس. كما أنه من غير المرجح أن يتمكن من إقناع نتنياهو بالوفاء بوعوده أكثر مما فعل بايدن.

وكان الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من بين أوائل الذين هنأوا ترامب على نجاحه. كما كتب عبر معرفاته على السوشيال ميديا: " عزيزي دونالد وميلانيا ترامب، تهانينا على أعظم عودة في التاريخ!".

ويضيف بارفي لدى حديثه مع CNBC عربية: "عداؤه لإيران ورغبة إسرائيل في القتال قد يؤدي إلى تصعيد ليس أحد مستعداً له. لذا فإن الوعود التي يقطعها ترامب بشأن الشرق الأوسط جوفاء".

تصعيد مرحلي

فيما يقول رئيس قسم السياسات الخارجية وشؤون الشرق الأوسط في المنظمة الأوروبية للسياسات الاقتصادية، ناصر زهير، لـ CNBC عربية: "مع عودة ترامب، فإن العلاقات المميزة ستعود بالنسبة للولايات المتحدة مع دول محورية مثل مصر والإمارات والسعودية وغيرها"، مشدداً على أن النقطة الأساسية هي أن الواقع الحالي في الشرق الأوسط يختلف عن الفترة الأولى لترامب؛ حيث تفرض حروب وأزمات اقتصادية وعسكرية وسياسية نفسها، ويتعين على ترامب التعامل معها. بالتالي، سيكون الأمر أصعب، لكن على أقل تقدير ستعود العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، وسنرى تطورًا في هذا المجال".

وفيما يتعلق بالمقاربات التي قد يدفع بها الرئيس الأميركي، يقول زهير: "هناك عدة مقاربات قد يدفع بها ترامب؛ فهو يريد إعطاء ضوء أخضر للتصعيد العسكري، وسنشهد تصعيداً لفترة وجيزة سواء مع إيران أو غيرها، ثم سيقوم بتقييد الوضع وسيرغب في تطبيق وقف لإطلاق النار وبدء عملية سلام جديدة في الشرق الأوسط، خاصة أن هذه الولاية الثانية لترامب، وهو بالتالي يسعى لتحقيق إنجاز ما في المنطقة، يتبعه عملية سلام كما فعل في ولايته الأولى. لكن الأمر سيكون أصعب لأن دول المنطقة يبدو أنها تتمسك بمسألة حل القضية الفلسطينية".

ويعتقد في هذا السياق بأن الاعتراف الأميركي في الأمم المتحدة بدولة فلسطينية قد يكون حلًا أو مدخلًا لعملية سلام واتفاقات جديدة في المنطقة.

كما يشير رئيس قسم السياسات الخارجية وشؤون الشرق الأوسط في المنظمة الأوروبية للسياسات الاقتصادية، في ختام حديثه إلى أن الرئيس الجمهوري "سيحاول ترامب بالتأكيد استعادة نفوذ الولايات المتحدة الاقتصادي وتقليص دور الصين المتنامي في الشرق الأوسط، ومنح تحالف مميز بين دول المنطقة والولايات المتحدة".

ماذا عن إيران؟

بالنسبة لإيران، فإن التحدي الأبرز الذي يواجه ترامب في المنطقة يأتي منها. فقد تصاعدت التوترات بين واشنطن وطهران خلال ولايته السابقة، حيث اعتمد سياسة "الضغط الأقصى" التي أثرت بشدة على الاقتصاد الإيراني وعزلت طهران دولياً، وهو ما عزز لدى ترامب صورة "الرئيس الحازم" في مواجهة ما يعتبره تهديدات إيرانية للأمن الإقليمي.

الآن، ومع عودته إلى البيت الأبيض، يُتوقع أن تواجه طهران تحديات متزايدة، لا سيما وأن ترامب -الذي انسحب من الاتفاق النووي- قد يعود إلى أسلوبه الصارم الذي يسعى لإضعاف نفوذ طهران وكبح تحركاتها في الشرق الأوسط، خصوصًا تلك التي تمتد إلى مسرح النزاعات في سوريا واليمن ولبنان.



البحث عن تسويات

من جانبه، يقول رئيس مركز الدراسات المستقبلية في جامعة القدس، أحمد رفيق عوض، لـ CNBC عربية، إن "عودة ترامب إلى البيت الأبيض بالتأكيد سوف تؤثر على الصراعات في منطقة الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أنه "لن يكون امتداداً لإدارة الرئيس جو بايدن التي كانت قد أظهرت ضعفاً كبيراً وتردداً وعدم قدره على كبح جماح إسرائيل.. بل إنها (إدارة بايدن) كانت تتبنى أطروحات الحكومة الإسرائيلية وتدعمها بالسلاح والدبلوماسية والأموال".

ويضيف: "أعتقد بأن ترامب لن يستمر بهذه السياسة.. هو شخصية قوية، وصاحب كاريزما.. وأعتقد بأنه رجل التسويات والصفقات.. بالتأكيد سيعطي إسرائيل أموالاً وذخائر والغطاء  الدبلوماسي، ولكن في نفس الوقت سيطلب منها مقابل هذا، بمنظور التاجر الذي ينظر للربح، بوصفه رجل أعمال".

ومن هنا يُعتقد بأن ترامب قد يسهم فعلياً في نوع من التهدئة، لرغبته أولاً في تسجيل إنجازات (في ولايته الثانية)، وثانياً رغبته في عدم خسارة حلفائه، في ظل العلاقات الممتدة على صعيد النفط والتجارة وأوجه التعاون المختلفة، بحسب رئيس مركز الدراسات المستقبلية في جامعة القدس، الذي يتوقع أن يقود ترامب سياسة انكفاء الولايات المتحدة الأميركية، بمعنى إدارة ظهرها للعالم.

ويختتم عوض حديثه بالإشارة إلى أنه بموجب ذلك فإن الصراعات في الشرق الأوسط مرشحة إلى "انخفض في حدة التوتر ووتيرة الحرب وربما البحث عن تسويات"، مردفاً: "ترامب يعود إلى البيت الأبيض أكثر حنكة وحذر وتوجس أيضاً؛ ولن تؤثر الضغوط عليه كثيراً".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة