في ظل انتهاج فريق التجارة والسياسة الخارجية التابع للرئيس المنتخب دونالد ترامب موقفاً متشدداً تجاه الصين، تشعر الشركات الأميركية بقلق متزايد من أن النهج المتشدد قد يعيق فرصها في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويحولها إلى أهداف للانتقام الصيني.
وهدد ترامب بضرب الصين برسوم جمركية بنسبة 60% على الأقل وتعهد بإنهاء الاعتماد على البلاد. وهذا وحده سيكون أمراً مقلقاً.
اقرأ أيضاً: تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية تدفع تايوان إلى مساعدة الشركات في نقل إنتاجها من الصين
ومن شأن ذلك أن يجبر الشركات على التدافع للعثور على مصادر أخرى للإمداد، وسيدفع المستهلكين الأميركيين إلى دفع أسعار أعلى في المتجر، وسيؤدي، وفقاً للعديد من الخبراء، إلى فقدان الوظائف.
بخلاف التعرفات الجديدة وتضييق سوق العمل، يمكن للحكومة الصينية الرد بمجموعة أدوات موسعة لاستهداف الشركات الأميركية، وفق تقرير لشبكة CNBC.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز القطاعات المعرضة للتأثر بالرسوم الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها؟
من جانبه، قال كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، سكوت كينيدي، للصحافيين في بكين "إن تصرفات إدارة ترامب قد يُنظر إليها أو يمكن تفسيرها على أنها حرب اقتصادية". مضيفاً "إذا تم تفسيرها بهذه الطريقة، فقد يكون لدى الصين رد فعل أقوى بكثير، لا يقتصر على الرسوم الجمركية".
وأضاف كينيدي إن هذه الإجراءات يمكن أن تتراوح بين التغييرات الاقتصادية ومسائل الدبلوماسية والأمن، مشيراً الى أن الصين قد "ترد بأقصى ما تستطيع".
معالم الخطر
بالإضافة إلى تلك الاحتمالات، قد تجلب العلاقات المتضادة بين الولايات المتحدة والصين خطر رد الفعل العام العنيف وسط تصاعد القومية الصينية.
وتمتلك الحكومة الصينية ضوابط قوية على تدفق المعلومات مما أدى إلى مقاطعة المستهلكين للعلامات التجارية العالمية.
في هذا الإطار، قال رئيس الجمعية الأميركية في غرفة التجارة في الصين مايكل هارت: "أسوأ ما في الأمر هو أن العلامات التجارية الاستهلاكية التي ليست ذات طبيعة استراتيجية وغير مثيرة للجدل في حد ذاتها ولن تخضع لقيود التصدير قد يعاقبها المستهلك المحلي بسبب جنسيتها".
وتابع هارت: "منذ كوفيد، تتطلع الشركات إلى تنويع وتعزيز سلاسل التوريد الخاصة بها، ولكن لا توجد حتى الآن بدائل سهلة وموثوقة لسلاسل التوريد والتصنيع التي تطورت في الصين على مدى العقود الماضية".
أدوات الصين للانتقام
خلال فترة ولاية ترامب الأولى، انتقمت الحكومة الصينية من الرسوم الجمركية من خلال فرض تعريفاتها الخاصة على الواردات الأميركية.
ويقدر مجلس الأعمال الأميركي الصيني، بالتعاون مع أكسفورد إيكونوميكس، أن معركة الرسوم الجمركية الجديدة يمكن أن تؤدي إلى "خسارة دائمة في الإيرادات والضغط على الشركات لخفض الوظائف وخطط الاستثمار" مع ما يصل إلى 801 ألف خسارة صافية للوظائف، بحلول عام 2025.
اقرأ أيضاً: هل تؤدي التعرفات الجمركية المقترحة من ترامب إلى إشعال حرب تجارية عالمية جديدة؟
وتوقع التقرير أن تكون نيفادا وفلوريدا وأريزونا من بين الولايات الأكثر تضرراً من هذه التعريفات بسبب اعتمادها الاقتصادي على طلب المستهلكين. في السياق، وجد تقرير أكسفورد أن الولايات الصناعية مثل إنديانا وكانساس وميشيغان وأوهايو ستكون كذلك معرضة للخطر.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتأرجحة مثل نيفادا وأريزونا وميشيغان انقلبت لصالح ترامب في انتخابات عام 2024، مما ساعد على إعادته إلى البيت الأبيض.
التخلي عن الانتاج الزراعي الأميركي
خلال المعركة التجارية الأخيرة، توقفت الصين عن شراء المنتجات الزراعية من الولايات المتحدة. واستهدفت هذه الخطوة الصادرات الأميركية الرئيسية مثل فول الصويا، مما أضر بشكل غير متناسب بالمناطق الريفية في الولايات المتحدة حيث يتمتع ترامب بدعم قوي.
ورأى جيمس مستشار الأعمال في الصين منذ ثلاثة عقود، ماكجريجور أن بكين تستخدم نفوذها على المشتريات الزراعية الأميركية إذا شعرت بالضغط مرة جديدة.
اقرأ أيضاً: هل يقلب المزارعون الأميركيون الطاولة على ترامب بسبب الرسوم الجمركية المنتظرة؟
وقال ماكجريجور: "إذا توفرت الإمدادات البديلة، فقد تتحول الصين بعيداً عن المزارعين الأميركيين حيثما أمكنها ذلك".
وقبل عامين، بدأت الصين في استيراد الذرة من البرازيل. وتعد البلاد الآن أكبر مورد للذرة للصين، متجاوزة الولايات المتحدة.
التضييق على الشركات الأميركية
ويمكن لبكين توسيع أساليبها الانتقامية لتشمل استهداف الشركات الأميركية العاملة على الأراضي الصينية.
أصبح مناخ الأعمال في الصين أكثر صرامة بشكل ملموس منذ ولاية ترامب الأولى. على الرغم من الجهود المعلنة التي بذلتها القيادة الصينية للترحيب بالشركات الدولية، وجد تقرير مسح مناخ الأعمال لعام 2024 الصادر عن غرفة التجارة الأميركية في الصين أن 39% من الشركات التي شملها الاستطلاع شعرت بترحيب أقل في الصين.
قوانين أكثر صرامة
أدوات الانتقام الصينية، قد تمتد إلى خطر حدوث تغييرات قانونية وتنظيمية في الصين قد تهدد عمل ووجود الشركات الأميركية.
في السنوات الأخيرة، أدخلت الصين تعديلات كبيرة على لوائح مراقبة الصادرات. وقد أدت هذه الضوابط الأكثر صرامة إلى تقييد المعادن المهمة لقطاعات الطاقة النظيفة وأشباه الموصلات الأميركية.
ويتوقع المحللون أن تفعل الصين الشيء نفسه خلال فترة ولاية ترامب الثانية، بهدف حرمان الصناعة الأميركية من المعادن والمكونات الرئيسية.
كما عززت بكين قوانين مثل قانون العقوبات المناهضة للأجانب الذي يؤدي إلى تحقيقات وغرامات وقيود على العمليات في البلاد.
وقبل الانتخابات الأميركية، أظهرت بكين علامات على استهداف شركات أميركية معينة. على سبيل المثال، PVH، مالك كالفن كلاين Calvin Klein يخضع للتحقيق بفضل هذا القانون.
لدى الصين كذلك، قانون محدث لمكافحة التجسس، والذي انتقدته مجموعات الأعمال الدولية مثل AmCham China بسبب ما يقولون إنه "غموض" في السياسة، لكنه قد يضيق الخناق على رواد الأعمال والشركات الأميركية في الصين.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي