تستمر البيانات الاقتصادية الأميركية القوية حول التضخم في إعادة تشكيل النقاش بين صناع السياسة في الفدرالي الأميركي حول وتيرة ومدى تخفيضات أسعار الفائدة، في وقت يُخفض المستثمرون توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي في ديسمبر.
في الجولة الأخيرة من التعليقات حول السياسة النقدية الأميركية، واصل محافظو البنوك المركزية التعبير عن ثقتهم في أن التضخم أصبح تحت السيطرة الأمر الذي سيسمح للبنك المركزي بخفض سعر الفائدة القياسي بمرور الوقت من النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.5% و4.75%، وهو مستوى واقعي لتثبيط الإنفاق والاستثمار، إلى بيئة أكثر حيادية.
اقرأ أيضاً: رئيس الاحتياطي الفدرالي: الاقتصاد الأميركي لا يرسل إشارات تدعو للتعجل في خفض الفائدة
ولكن وتيرة سرعة التنفيذ، ومدى المستوى "المحايد"، لا يزال قيد المناقشة، حيث قال رئيس الفدرالي جيروم باول يوم الخميس إن "استمرار قوة الاقتصاد يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يأخذ وقته في المناقشة".
وتأتي علامات التردد المتزايد بشأن ما كان سائداً قبل شهر من التوقعات المخبأة لسلسلة سريعة من التخفيضات في العام المقبل، في الوقت الذي تشهد فيه أميركا تحول سياسي كبير في أعقاب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي، حيث تحاول وول ستريت التوفيق بين الواقع وما توقع المزيد من الضغوط التضخمية التي ستنشأ في العام المقبل حيث يسعى الرئيس الجمهوري القادم إلى خفض الضرائب وزيادة التعريفات الجمركية وقمع الهجرة، وفق تقرير نشرته رويترز.
تردد مسؤولي الفدرالي
كان مسؤولو الفدرالي الأميركي مترددين في القول إنهم يأخذون هذه الاحتمالات في الاعتبار، لكن المستثمرين يأخذون الأمر بجدية، وقد انخفضت رهانات السوق على مدى سرعة ومدى خفض الفدرالي لأسعار الفائدة خلال الأسبوع الماضي.
في هذا الإطار، قالت رئيسة الفدرالي في بوسطن سوزان كولينز إنها لا ترى ضرورة ملحة لخفض أسعار الفائدة لكنها لم تستبعد خفضاً آخر لسعر الفائدة في الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية يومي 17 و18 ديسمبر.
وأضافت "بالتأكيد لن أستبعد شهر ديسمبر/ كانون الأول من الجدول. ولكن مرة أخرى، نحن لسنا على مسار محدد مسبقاً ولذا سنلقي نظرة بعناية على البيانات ونرى ما هو المنطقي عندما نصل إلى الاجتماع التالي".
وبينما يقف العديد من صناع السياسة في الفدرالي على الحياد بشأن خفض آخر لأسعار الفائدة في ديسمبر، فقد أشاروا إلى أن تخطي الاجتماع يعني أنهم يسيرون بشكل أبطأ في تخفيضات أسعار الفائدة بدلاً من التوقف تماماً.
اقرأ أيضاً: ماذا يعني خفض الفدرالي أسعار الفائدة للمرة الثانية بالنسبة للمواطن الأميركي؟
من جانبه، قال رئيس الفدرالي في ريتشموند، توماس باركين، لموقع Yahoo Finance إنه أعجب بما قاله نظيره في دالاس لوري لوغان في وقت سابق من هذا الأسبوع: أن القبطان يجب أن "يبطئ القارب عندما يقترب من الرصيف".
مفاجآت البيانات
استمرت البيانات التي وصلت صباح الجمعة أقوى من المتوقع، مع مبيعات التجزئة القوية وارتفاع أسعار السلع المستوردة. وبعد صدور البيانات، خفض المتداولون رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة في ديسمبر إلى احتمالية تبلغ حوالي 60% من حوالي 70% يوم الخميس.
وصل مقياس سيتي غروب لدرجة تجاوز البيانات الواردة للتوقعات المتفق عليها بين الاقتصاديين إلى أعلى مستوى له منذ سبعة أشهر اعتباراً من يوم الخميس قبل أرقام مبيعات التجزئة الأقوى من المتوقع.
وفي حديثه إلى CNBC، أقر رئيس الفدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، بأن أحد المؤشرات المهمة للتضخم، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الذي تم تجريده من تكاليف الغذاء والطاقة، لا يزال "مرتفعاً للغاية" عند ما يقدر بنحو 2.8% لشهر أكتوبر.
وقال إنه إذا اختلف المسؤولون حول المكان الذي يرون فيه نقطة التوقف "المحايدة"، "فمن المنطقي أن نبدأ في التباطؤ في مرحلة ما، فمدى السرعة التي نصل بها إلى هناك فقط لمعرفة ... هل نحن على الحياد، أم هل نقترب؟".
لكنه كرر توقعاته بأن التضخم سيستمر في الانخفاض نحو هدف الفدرالي البالغ 2%.
وفي سبتمبر، كان توقع صناع السياسات في الفدرالي أن البنك المركزي سينتهي به الأمر إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الشهر المقبل وبحلول نقطة مئوية كاملة أخرى على مدار العام المقبل.
وتعكس هذه التوقعات بأن ينخفض سعر الفائدة إلى 2.9% في وقت ما من عام 2026، فيما يرى المستثمرون في العقود المرتبطة بهذا المعدل الآن أن أسعار الفائدة ستظل أعلى بمقدار نقطة مئوية واحدة من ذلك.
إلى ذلك، سيُصدر الفدرالي توقعات جديدة في ديسمبر عندما يتخذ قراره التالي بشأن تحديد سعر الفائدة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي