يبلغ الصراع بين روسيا وأوكرانيا الثلاثاء يومه الألف لينتقل إلى مرحلة قاتمة في صراع ضخم كلف مليارات الدولار وآلاف الضحايا، والنزاع الأضخم الذي يسقط فيه أكبر عدد من القتلى والجرحى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وما زالت الخسائر البشرية والمادية تتزايد مما يجعل أوكرانيا أكثر هشاشة من أي وقت مضى منذ أيام الحرب الأولى.
اقرأ أيضاً: بوتين: سنرد إذا سمح الغرب لأوكرانيا باستعمال أسلحة بعيدة المدى
لا يمكن حصر الخسائر التي تكبدتها أوكرانيا منذ اندلاع الصراع على أرضها، وإعلان موسكو الحرب، لكن بعض الأرقام تقدم فكرة عن الكلفة الباهظة للصراع الذي يبدو عصياً على الانتهاء في وقت قريب.
الخسائر البشرية
وفق رصد بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا حتى 31 أغسطس/ آب 2024 مقتل 11743 مدنياً وإصابة 24614 آخرين في أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي الشامل.
لكن مسؤولين من الأمم المتحدة وأوكرانيا يقولون إن الأرقام الفعلية ربما تكون أعلى كثيراً نظراً لصعوبة تقصي الوفيات والإصابات، وخاصة في مناطق مثل مدينة ماريوبول الساحلية المدمرة التي أصبحت الآن في أيدي روسيا، بحسب رويترز.
ويحرص كلا الجانبين على إبقاء سجلات خسائره العسكرية أسرار أمن قومي، وتتفاوت كثيراً التقديرات العامة التي تقدمها الدول الغربية استناداً إلى تقارير مخابراتية إلى حد بعيد. لكن أغلب التقديرات تشير إلى سقوط مئات الألوف من الجرحى والقتلى في الجانبين.
اقرأ أيضاً: روسيا والناتو.. هل تقترب "المواجهة المباشرة"؟
وبخلاف الخسائر المباشرة، رفعت الحرب معدلات الوفيات لأسباب مختلفة في أنحاء أوكرانيا، وتسببت في انهيار معدلات المواليد بنحو الثلث، وأرغمت أكثر من ستة ملايين أوكراني على الفرار إلى أوروبا، وجعلت من نحو أربعة ملايين شخصا نازحين. وقالت الأمم المتحدة إن عدد سكان أوكرانيا انخفض زهاء عشرة ملايين نسمة، أي نحو الربع، منذ بدء الغزو.
تدمير الاقتصاد
الحرب أرخت بثقلها على الاقتصاد بطبيعة الحال، والخسائر طالت كافة القطاعات.
في هذا الإطار، قالت النائب الأول لرئيس الوزراء الأوكراني ووزيرة الاقتصاد، يوليا سفيريدنكو، لرويترز إن اقتصاد أوكرانيا انكمش نحو الثلث في عام 2022. وعلى الرغم من نمو الاقتصاد في عام 2023 وحتى الآن هذا العام، ما زال يمثل 78% فقط من حجمه قبل الغزو.
وأظهر أحدث تقييم متاح من البنك الدولي والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية أن الأضرار المباشرة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى 152 مليار دولار اعتباراً من ديسمبر / كانون الأول 2023، وكان الإسكان والنقل والتجارة والصناعة والطاقة والزراعة هي أشد القطاعات تضرراً.
كلفة باهظة لإعادة الإعمار
أما بالنسبة للكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار والتعافي، قالت الحكومة الأوكرانية والبنك الدولي إنها قد تبلغ نحو 486 مليار دولار حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي. وجاء في بيانات لوزارة الاقتصاد أن هذا الرقم أعلى 2.8 مرة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لأوكرانيا في عام 2023.
وتضرر قطاع الطاقة في أوكرانيا بشدة بشكل خاص، في ظل استهداف روسيا البنية التحتية بانتظام في هجمات بعيدة المدى.
وأوكرانيا أحد المصادر الرئيسية للحبوب في العالم، وأدى انقطاع صادراتها في وقت مبكر من الحرب إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية. وانتعشت الصادرات إلى حد بعيد منذ ذلك الحين بعد أن وجدت أوكرانيا سبلاً للالتفاف على الحصار الروسي الفعلي.
ميزانية ذات إنفاق دفاعي ضخم
تنفق أوكرانيا معظم عائدات الدولة على تمويل الدفاع، وتعتمد على المساعدات المالية من الشركاء الغربيين لدفع معاشات التقاعد وأجور القطاع العام وأوجه الإنفاق الاجتماعية الأخرى. وقالت روكسولانا بيدلاسا، رئيسة لجنة الميزانية في البرلمان، إن كل يوم من القتال يكلف كييف نحو 140 مليون دولار.
شاهد أيضاً: آلاف الجنود يتحركون من كوريا الشمالية إلى روسيا للقتال ضد أوكرانيا
تتوقع مسودة ميزانية 2025 أن يلتهم الدفاع نحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا، أي 2.2 تريليون هريفنيا، نحو 53.3 مليار دولار. وتلقت أوكرانيا بالفعل مساعدات مالية من شركائها الغربيين زادت على 100 مليار دولار.
تغيير ديموغرافي
من خسائر الحرب، هو احتلال روسيا الآن نحو خمس مساحة أوكرانيا وتطالب بالسيادة عليها. وفي أوائل عام 2022، اقتحمت قوات موسكو شمال أوكرانيا وشرقها وجنوبها، ووصلت إلى مشارف كييف في الشمال وعبرت نهر دنيبرو في الجنوب.
وتمكن الجيش الأوكراني من صدها طوال العام الأول من الحرب، لكن روسيا لا تزال تحتفظ بمساحات من الأراضي في الجنوب والشرق، بالإضافة إلى الأراضي التي استولت عليها هي ووكلاؤها بالفعل في عام 2014. واستولت موسكو الآن على كامل منطقة دونباس تقريباً في شرق أوكرانيا، وساحل بحر آزوف بالكامل في الجنوب.
وأصاب الدمار مدناً كثيرة استولت عليها موسكو في منطقة خط المواجهة، ومن أكبرها ماريوبول الساحلية المطلة على بحر آزوف والتي كان عدد سكانها قبل الحرب يقارب نصف مليون نسمة. ووسعت روسيا العام الماضي سيطرتها ببطء عبر قتال مكثف، وخاصة في دونباس.
وشنت أوكرانيا في المقابل أول هجوم واسع النطاق على الأراضي الروسية في أغسطس/ آب واستولت على جزء من منطقة كورسك في غرب روسيا.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي