تصاعدت حدة الصراع بين روسيا وأوكرانيا في الأيام الأخيرة، بعد أن سمح الرئيس الأميركي جو بايدن -قبل شهرين من انتهاء ولايته- لأوكرانيا باستخدام صواريخ باليستية أميركية الصنع من طراز "أتاكمز" ضد القوات الروسية والكورية الشمالية داخل الأراضي الروسية.
وهو القرار الذي وصفه الكرملين بأنه تصعيداً للصراع، وقال المتحدث باسم فلاديمير بوتن، دميتري بيسكوف، للصحافيين: "من الواضح أن الإدارة المنتهية ولايتها في واشنطن تنوي اتخاذ خطوات لمواصلة إضافة الوقود إلى النار وتأجيج التوترات حول هذا الصراع".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت الولايات المتحدة وأوكرانيا أن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من ألف جندي لمساعدة موسكو في استعادة الأراضي التي استولت عليها أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية.
ضربة نووية روسية
وخفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الثلاثاء من المعايير التي يمكن بموجبها شن ضربة نووية رداً على هجمات أوسع نطاقاً بأسلحة تقليدية بعد الهجمات الأوكرانية، مما يفاقم المخاطر النووية في وقت يتصاعد
فيه التوتر لأعلى مستوياته منذ أكثر من نصف قرن بين روسيا والغرب.
وتسيطر روسيا على 18% من أوكرانيا أو نحو أكثر من 110 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك كامل شبه جزيرة القرم التي ضمتها من أوكرانيا عام 2014، فيما تسيطر أوكرانيا على نحو 650 كيلومتراً مربعاً من منطقة كورسك الروسية.
وحذرت روسيا الغرب على مدى أشهر من أن سماح واشنطن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية وبريطانية وفرنسية الصنع لضرب العمق الروسي سيدفع موسكو لتعتبر تلك الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي مشاركة بشكل مباشر في الحرب في أوكرانيا.
ومن المتوقع أيضاً أن تزود بريطانيا أوكرانيا بصواريخها من طراز Storm Shadow لاستخدامها على أهداف داخل روسيا، بعد موافقة الولايات المتحدة.
وقال كير ستارمر، رئيس الوزراء، في قمة مجموعة العشرين إن المملكة المتحدة أدركت أنها بحاجة إلى "مضاعفة" دعمها لأوكرانيا.
كانت العقيدة السابقة، الواردة في مرسوم عام 2020، تنص على أن روسيا قد تستخدم الأسلحة النووية في حالة وقوع هجوم نووي من قبل عدو أو هجوم تقليدي يهدد وجود الدولة.
وتسيطر روسيا والولايات المتحدة معاً على 88% من الرؤوس الحربية النووية في العالم.
اقرأ أيضاً: غضب أوروبي من إنهاء البرازيل محادثات مجموعة العشرين بشأن حرب روسيا وأوكرانيا
إغلاق السفارة الأميركية في كييف
قال قسم الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية الأميركية في بيان إن السفارة الأميركية في كييف تلقت معلومات عن هجوم جوي كبير محتمل اليوم الأربعاء وستغلق أبوابها.
وأضاف القسم في البيان الذي نشر على الموقع الإلكتروني لسفارة الولايات المتحدة في كييف "من باب توخي الحذر، ستغلَق السفارة، وتم إصدار توجيهات لموظفي السفارة بالاحتماء في أماكنهم".
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن مدير المخابرات الروسية سيرجي ناريشكين قوله اليوم الأربعاء إن محاولات دول حلف شمال الأطلسي لتسهيل الضربات الصاروخية الأوكرانية داخل روسيا لن تمر دون رد.
وقالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأربعاء إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 44 طائرة مسيرة أوكرانية الليلة الماضية من ضمنهم 20 طائرة فوق منطقة نوفجورود بشمال غرب البلاد.
وأضافت الوزارة عبر تطبيق تيليغرام أن الطائرات المسيرة الأخرى وعددها 24 دُمرت فوق عدة مناطق بوسط وغرب روسيا.
ألغام أرضية مضادة للأفراد
قال مسؤول أميركي إن الرئيس جو بايدن وافق على إمداد أوكرانيا بألغام أرضية مضادة للأفراد، وهي خطوة قد تساعد في إبطاء التقدم الروسي في شرق أوكرانيا خاصة عند استخدامها مع ذخائر أخرى من الولايات المتحدة.
وأضاف المسؤول لرويترز، أن الولايات المتحدة تتوقع أن تستخدم أوكرانيا الألغام في أراضيها موضحا أنها تعهدت بعدم استخدامها في مناطق يسكنها مدنيون.
التأثيرات الاقتصادية
تدخل الحرب في يومها الألف، ما يقول بعض المسؤولين الروس والغربيين أنه قد يكون مرحلتها النهائية والأكثر خطورة مع تقدم قوات موسكو بأسرع وتيرة لها منذ الأسابيع الأولى من الصراع ويتأمل الغرب كيف ستنتهي الحرب.
وارتفعت السندات الحكومية والين الياباني، في حين انخفضت الأسهم واليورو، مع إقبال المستثمرين على شراء أصول الملاذ الآمن. وانخفض الروبل الروسي إلى ما دون 100 مقابل الدولار الأميركي للمرة الأولى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وارتفعت الأسواق الأوروبية في وقت مبكر من يوم الأربعاء حيث تراقب الأسواق ارتفاع حدة التوترات في حرب أوكرانيا وروسيا.
كان مؤشر ستوكس 600 الأوروبي أعلى بنسبة 0.5%في التعاملات المبكرة، كما ارتفع مؤشر فوتسي 100 بنسبة 0.2%.
اقرأ أيضاً: البتكوين ترتفع قرب 94 ألف دولار مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين روسيا و أوكرانيا
بينما انخفضت الأسواق العالمية يوم الثلاثاء مع رد فعل المستثمرين على خفض روسيا للحد الأقصى للضربة نووية.
ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية يوم الأربعاء مع تقييم المستثمرين للوضع الجيوسياسي وأحدث البيانات الاقتصادية.
وارتفع العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بأكثر من أربع نقاط أساس إلى 4.4178%. وكان العائد على سندات الخزانة لمدة عامين يتداول آخر مرة عند 4.2932% بعد ارتفاعه بأكثر من نقطتين أساس.
وقد يدفع تفاقم الصراع بين روسيا وأوكرانيا أسعار النفط إلى الارتفاع، حال عرقلة إمدادات النفط من روسيا، أحد أكبر الدول المنتجة للخام الأسود.
وقال ييب جون رونج، خبير السوق في آي.جي "قد نتوقع أن تظل أسعار خام برنت مدعومة فوق مستوى 70 دولاراً في الوقت الحالي، مع استمرار مراقبة المتعاملين في السوق للتطورات الجيوسياسية".
وقال محللون في بنك إيه.إن.زد في مذكرة للعملاء "يشير هذا إلى تجدد التوتر في الحرب بين روسيا وأوكرانيا ويعيد التركيز على خطر انقطاع الإمدادات في سوق النفط".
وارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوياتها خلال أسبوع، حيث يرتفع الطلب على المعدن الأصفر باعتباره ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات.
وقال إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في تاستليف لرويترز: "تفويض الولايات المتحدة ورد روسيا... يساهم في زيادة حالة الغموض في السوق ويعزز أصول الملاذ الآمن مثل الذهب".
وأضاف "على المستوى الصعودي، فإن مستوى المقاومة الرئيسي الذي يجب مراقبته يقع عند حوالي 2700 دولار".
وقف محتمل لإطلاق النار
الرئيس فلاديمير بوتين منفتح على مناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكنه يستبعد تقديم أي تنازلات كبيرة تتعلق بالأراضي ويتمسك بتخلي كييف عن طموحاتها الخاصة بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بحسب ما ذكرته خمسة مصادر لرويترز.
وقال بوتين هذا الشهر إن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يعكس "الحقائق" على الأرض لكنه أبدى تحفظه على هدنة قصيرة الأجل من شأنها أن تتيح للغرب إعادة تسليح أوكرانيا.
وانتقد ترامب استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين لمساعدة كييف. وبدون تقديم تفاصيل، يتفاخر ترامب في كثير من الأحيان بأنه قادر على إنهاء الحرب بسرعة ــ وهو التصريح الذي يخشى كثيرون في أوروبا أن يعني إجبار أوكرانيا على الاستسلام.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يريد "نهاية عادلة" للحرب، وأن النهاية السريعة "تعني الخسائر". وفي يوم السبت، قال للإذاعة العامة الأوكرانية إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل إدارة ترامب.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي