تستمر مدينة حلب في تصدر المشهد السوري، بعد عودة المواجهات العسكرية بين الجيش السوري وقوات المعارضة عقب عملية مفاجئة للأخيرة تمكنت خلالها من دخول عدد من القرى والمدن في المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا، على بعد 310 كم من دمشق.
المدينة، التي تواجه صراعاً مريراً متجدداً، كانت مركزاً لحضارات عريقة ولطرق التجارة العالمية، وتحتفظ بمكانة خاصة في التاريخ السوري والعربي.
منذ آلاف السنين، كانت حلب تمثل مركزاً اقتصاديًا وثقافياً محوريًا في منطقة الشام، لكنها اليوم تواجه تحديات غير مسبوقة.
تتواصل المواجهات بين الجيش والمعارضة لليوم الثالث، في أكبر هجوم للمعارضة منذ شهر مارس/ آذار 2020، عندما اتفقت روسيا وتركيا على خفض التصعيد في المنطقة.
🔴تصاعد حدة الاشتباكات في حلب بين المعارضة والجيش السوري
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) November 29, 2024
◀️ الاشتباكات أجبرت نحو 14 ألف شخص على مغادرة منازلهم
◀️توقع بتزايد حدة الاشتباكات في الساعات القليلة المقبلة وسط تصعيد متبادل من الطرفين
◀️نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية قال إن القتال… pic.twitter.com/7WX3gA4uFo
عاصمة الحضارات
تعد محافظة حلب إحدى أهم المحافظات في الدولة العربية المطلة على البحر المتوسط، وتعتبر العاصمة الاقتصادية لها، والمحافظة الأكبر من حيث عدد السكان بعدد نحو 5.2 مليون نسمة، بحسب الموقع الرسمي للمحافظة.
تقع محافظة حلب في الجزء الشمالي من سوريا على بعد 310 كيلومترات من العاصمة دمشق، تحدها تركيا من الشمال، ومحافظة الرقة من الشرق، ومحافظة إدلب من الجنوب الغربي.
تبلغ مساحة المحافظة (18.5) ألف كيلو متر مربع، بما يشكل نحو 10% من إجمالي مساحة البلاد، وتقسم إدارياً إلى 10 مناطق تضم 22 مدينة، و1476 قرية، و1312 مزرعة، بحسب المكتب المركزي للإحصاء في سوريا.
الأهمية الاقتصادية لحلب
تتميز حلب بتنوع أنشطتها الاقتصادية من زراعة وصناعة وتجارة وسياحة. وتشتهر بزراعة الخضار والبطيخ والفستق الحلبي، إلى جانب الأشجار المثمرة خاصة الزيتون الذي تصل حصتها منه إلى نحو ربع الإنتاج السوري، كما تتصدر إنتاج بعض أنواع الحبوب في البلاد كالقمح والشعير الذي يصل إنتاجها منه إلى نحو 48% من الإجمالي.
وبحسب مكتب الإحصاء، تضم حلب أكبر عدد من المنشآت الصناعية والتي تشكل أكثر من 30% من إجمالي تلك المنشآت الصناعية في سوريا، وتشتهر بالصناعات النسيجية، وبعض الصناعات الثقيلة كالجرارات.
توفر المحافظة العديد من المواد الأولية الخام اللازمة للتطوير الصناعي، إلى جانب توافر الموارد المائية فيها عبر أنهار الفرات، وعفرين، والساجور، وتحتوي على مدينة صناعية في الشيخ نجار، ومطار دولي، وشبكة للسكك الحديدية، وفقاً لموقع المحافظة.
اقرأ أيضاً: ماذا يحدث في حلب؟
أهمية حلب التاريخية والسياحية
لعبت مدينة حلب القديمة، المسجلة في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" دوراً تاريخياً مهماً خلال العصور المختلفة، حيث تعد إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم وذلك منذ بداية الألفية السادسة قبل الميلاد .
سميت المدينة بعدة أسماء في عصور ما قبل الميلاد من بينها "أرمان" في الألف الثالث قبل الميلاد، و"هليا"، وفي الكتابات الأشورية "خلابا" و"خلوان"، وأول مرة ذكرت "حلب" بهذا الاسم، كانت في حوالي العام 1800 قبل الميلاد، وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد سميت بأسماء متشابهة مثل "خرب"، و"خلبو"، و"حلبو".
مصدر الصورة: اليونسكو
وبحسب الموقع الإلكتروني لليونسكو، تقع مدينة حلب على مفترق طرق تجارية متعددة منذ الألف الثاني قبل الميلاد، وخضعت لحكم الحيثيين والآشوريين والعرب والمغول والمماليك والعثمانيين. ولها طابع تندمج فيه الكيانات المتنوعة في هيئة واحدة متناسقة.
تتميز مدينة حلب بتعدد الطرز المعمارية الموجودة فيها، مع جمع أنماط سلجوقية وبيزنطيةً ومملوكية وعثمانية، كما أنها كانت مدينة تجارية بامتياز مع وقوعها بين الصين والعراق من الشرق، وأوروبا من الغرب، ومصر في الجنوب. وجذب موقعها الاستراتيجي على طريق الحرير العديد من السكان من متخلف الأعراق والمعتقدات ليقطنوا فيها ويستفيدوا منها.
تمتلك حلب عدداً من المواقع والمزارات التاريخية والسياحية يأتي على رأسها قلعة حلب التي تعود إلى القرن الثالث عشر لكنها تضم جوانب من التنوع الثقافي والحضاري الذي شهدته على مر العصور، منذ القرن العاشر قبل الميلاد وصولاً إلى الحقب الإسلامية وما خلفته هذه الفترة من آثار لا تزال بقاياها قائمة مثل المساجد والقصر والحمامات.
اقرأ أيضاً: تضرر قلعة حلب ومواقع أثرية ومتاحف في سوريا جراء الزلزال
كما تضم المدينة المسورة التي تم تأسيسها حول القلعة أدلة على مخطط لشارع يعود لفترة مبكرة من الحقب اليونانية - الرومانية، وبقايا مبانٍ مسيحية تعود إلى القرن السادس، بالإضافة إلى أسوار وبوابات تعود للقرون الوسطى، وكذلك مساجد ومدارس تعود للفترتين الأيوبية والمملوكية، ومساجد وقصور من الفترة العثمانية.
من بين المزارات السياحية التي تضمها المدينة أيضاً الجامع الأموي، والمدينة القديمة وأسواقها، وأبواب المدينة التسعة (من بينها قنسرين - المقام - الحديد - النصر - الفرج - الأحمر - أنطاكية - الجنان)، وأيضاً ساعة باب الفرج، ومشهد الحسين، وكاتدرائية الأربعين شهيد، إلى جانب المتحف الوطني.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي