ارتفع الدولار الأميركي منذ فوز الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات في الخامس من نوفمبر، ويمكن أن يكون للعملة الأميركية الأقوى تأثير كبير على محافظ المستهلكين.
وصعد مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة الدولار الأميركي مقابل سلة من العملات، بما يصل إلى 5% منذ فوز ترامب، وارتفع بما يصل إلى 8% منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول، متداولاً عند أعلى مستوى له في عامين.
اقرأ أيضاً: ترامب يحذر دول مجموعة بريكس من التخلي عن الدولار
يأتي ارتفاع العملة الأميركية وسط توقعات بأن تؤدي سياسات ترامب إلى زيادة التضخم، وهو ما سيجبر الفدرالي الأميركي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لمواجهة ارتفاع الأسعار.
ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة الطلب على الدولارات من المستثمرين الأجانب، الذين يستثمرونها في أصول أميركية ذات عائد أعلى مثل سندات الخزانة وسندات الدين الأخرى. كما تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى خفض إجمالي المعروض من الدولارات في النظام من خلال تقييد الاقتراض.
اقرأ أيضاً: لماذا قد تؤدي قوة الدولار خلال ولاية ترامب الثانية إلى اضطرابات مالية في الأسواق العالمية؟
كيف يمكن أن يؤثر الدولار الأميركي الأقوى على المستهلكين؟
قوة الدولار الأميركي تعني أن عملة أكبر اقتصاد في العالم تتمتع بقوة شرائية أكبر عند الدفع مقابل السلع والخدمات المسعرة بعملات أخرى.
عند السفر إلى الخارج والتعامل مع أسعار الصرف، سيظهر تأثير سعر الدولار بالنسبة للأميركيين.
ويعني الدولار القوي أنه عندما تقوم بتحويل الأموال إلى البيزو أو اليورو أو الين، فإن المستهلك يحصل في النهاية على قدر أكبر من العملة الأجنبية مما سيكون عليه في ظل نظام الدولار الضعيف.
في السياق، قال وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في CFRA Research، لبزنس إنسايدر "قد يساعدك الدولار القوي على الشعور وكأنك أمير ينفق بحرية بميزانية سفر ضخمة أثناء إجازتك في الخارج، حيث سترتفع قيمة دولارك كثيراً عند تحويله إلى العملة المحلية، مما يسمح لك بالاستمتاع بالطعام والترفيه والرحلات".
شاهد أيضاً: اليورو تحت الضغط.. فهل يصل إلى التعادل مع الدولار؟
كما قد يحصل حامل الدولار على المزيد من المال مقابل شراء البضائع الأجنبية. ووفقاً لروب هاوورث، كبير استراتيجيي الاستثمار في إدارة الثروات في بنك الولايات المتحدة، فإن السلع الأجنبية التي يتم شراؤها بدولار أقوى عادة ما تكون "أقل تكلفة نظراً للقوة الشرائية المتزايدة" بل من الممكن أن يساعد الدولار الأقوى في خفض التضخم المحلي، على الأقل في الأمد القريب.
وقال هاوورث لـ Busniss: "على المدى القريب، ستضغط قوة الدولار الأميركي على التضخم وأسعار السلع الأساسية على وجه الخصوص". وتابع "إن قوة الدولار الأميركي تجعل السلع المسعرة بالدولار أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الأجانب، مما يضر بالطلب".
انخفاض برميل النفط
من جانب آخر، يسري تأثير صعود الدولار على سلع أخرى، انخفض سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 13% منذ أن بلغ ذروته عند حوالي 78 دولاراً في أوائل أكتوبر. أما السلع الأخرى مثل البنزين والنحاس وفول الصويا، وجميعها مدخلات رئيسية لمختلف السلع، فقد انخفضت منذ ارتفاع الدولار.
بدورها، الشركات الأجنبية التي تصدر بضائعها إلى الولايات المتحدة لديها مجال لخفض أسعارها، وهو ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض التكاليف بالنسبة للمستهلكين.
"مع ارتفاع الدولار، ستتمتع تلك البلدان التي تعاني من ضعف العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي بميزة تنافسية في التصدير إلى الولايات المتحدة". قال آرثر لافر جونيور، رئيس شركة Tengler Investments لـ بزنس إنسايدر. وتابع "يمكننا شراء منتجاتها بسعر أقل من ذي قبل فقط بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأميركي".
المحافظ الاستثمارية
في حين أن الدولار الأميركي القوي يمكن أن يكون بمثابة نعمة لمحافظ المستهلكين عند السفر إلى الخارج أو شراء السلع الأجنبية، إلا أنه قد يكون ضاراً بعوائد الاستثمار.
وهذا ينطبق بشكل خاص على الشركات التي مقرها في الولايات المتحدة والتي تدر إيرادات في الخارج.
مثلاً، تبيع الشركات المتعددة الجنسيات سلعها أو خدماتها في الخارج بالعملة المحلية للبلاد ثم تقوم بتحويل تلك الأرباح إلى الدولار الأميركي عند الإبلاغ عن الأرباح. ولكن إذا كان الدولار قوياً والعملة المحلية ضعيفة، فسوف يشهدون في النهاية أرباحاً أضعف عند تحويل العملة الأجنبية إلى دولارات، وسيؤثر انخفاض الربحية على أسعار الأسهم.
بناءً على ذلك، قد يكون الأمر مؤلماً بشكل خاص بالنسبة للشركات الأميركية التي تنتج سلعها في أميركا ثم تشحنها إلى الخارج، حيث من المحتمل أن تضطر إلى دفع تكاليف مدخلاتها بدولار أميركي قوي، وبيعها في الخارج بالعملة المحلية الأضعف، ثم تحويل تلك العملة إلى الدولارات.
وأوضح آرثر لافر جونيور أنه "نظراً لأن الدولار الأميركي يزداد قوة، فإن الصادرات الأميركية إلى تلك البلدان ستكون أكثر تكلفة على أساس نسبي عما كانت عليه قبل ارتفاع قيمة الدولار".
ووفقاً لستوفال، فإن حوالي 40% من إيرادات الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تأتي من العمليات الخارجية.
وقال ستوفال: "نتيجة لذلك، من المرجح أن يؤدي ارتفاع الدولار إلى انخفاض الأرباح من العمليات الخارجية، مما يؤدي إلى انخفاض إجمالي أرباح الشركة".
التأثير على الاقتصاد
في المقابل، قد يؤثر انخفاض الأرباح سلباً على الاقتصاد إذا استمرت حركة الدولار القوية ولم يعوض النمو الاقتصادي النقص.
على المدى الطويل، قد يؤدي ذلك إلى تباطؤ اقتصادي، مما قد يعرض وظيفة الفرد للخطر في شركة لديها العديد من العملاء في الخارج. ونتيجة لذلك، فإن التغيير في قيمة الدولار الأميركي عادة ما يكون سلاحاً ذو حدين، وفق قال ستوفال.
على الرغم من ارتفاع الدولار منذ الانتخابات، إلا أنه لا يزال أقل بكثير من الذروة التي بلغها في عام 2022 والتي بلغت حوالي 115 دولاراً أميركياً، وذروة عام 2001 البالغة حوالي 120 دولار.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي