كان العام 2024 أحد أبرز الأعوام للأسواق المالية والسلع خلال السنوات الأخيرة، إذ شهد تحقيق أرقام قياسية للعديد من المؤشرات وأسعارالأصول كان أبرزها المؤشرات الرئيسية في البورصة الأميركية، وأسعار الذهب، وعملة بتكوين المشفرة، وغيرها من المؤشرات والأسعار.
وانعكست السخونة على مستوى الأحداث السياسية والعسكرية خلال العام على أداء الأسواق وكان أبرزها فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، إلى جانب تأثرها بعدة عوامل اقتصادية أخرى مثل السباق الحالي نحو خفض الفائدة في عدد من البنوك المركزية الكبرى.
أسواق الأسهم
السوق الأميركية
كان سوق الأسهم الأميركية في وول ستريت على رأس الأسواق التي شهدت أحداثاً مثيرة خلال العام الجاري، والتي تضمنت استمرار سباق المؤشرات الرئيسية نحو الأرقام القياسية في ظل قيادة طفرة الذكاء الاصطناعي لارتفاعات وول ستريت خلال النصف الأول تقريباً، إلى جانب موجة صعود ما بعد الانتخابات التي وقعت بعد فوز ترامب في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقبل نحو أسبوعين من نهاية تعاملات العام، ارتفع مؤشر S&P 500 ذو النطاق الأوسع في السوق الأميركية بنحو 26.9% منذ بداية 2024 وحتى الآن. وحطم المؤشر مستواه القياسي عدة مرات بعد أن تجاوز مستوى ستة آلاف نقطة لأول مرة في تاريخه، ليصل رقمه القياسي الأعلى خلال العام حتى الآن إلى 6090.27 نقطة في السادس من ديسمبر/ كانون الأول.
يأتي ذلك بعد ارتفاع المؤشر خلال العام 2023 بنسبة 24.2% ليشهد عامين لم يسبق لهما مثيل منذ ما يعرف بطفرة "الدوت كوم" في أواخر التسعينات من القرن الماضي، بحسب وكالة الأنباء الأميركية AP.
كما سجل مؤشر Nasdaq المركب ارتفاعاً منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 32.7%. وسجل مستوى قياسياً جديداً خلال جلسة 13 ديسمبر عند مستوى 20061.65 نقطة، وذلك بعد أن تجاوز مستوى 20 ألف نقطة لأول مرة على الإطلاق في جلسة 11 ديسمبر، والتي سجل فيها أعلى مستوى عند الإغلاق والبالغ 20034.89 نقطة.
وفيما يتعلق بمؤشر Dow Jones الصناعي، فقد ارتفع خلال العام الجاري بنسبة 16.3% ليكون صاحب المكاسب الأقل بين المؤشرات الأميركية في 2024 حتى الآن. سجل المؤشر أعلى مستوى قياسي له خلال العام في ديسمبر أيضاً عند 45073.63 نقطة خلال جلسة الرابع من الشهر والتي شهدت أعلى مستوى قياسي عند الإغلاق أيضاً والبالغ 45014.04 نقطة.
اقرأ أيضاً: لماذا خالفت "وول ستريت" التوقعات في 2024؟ وما الذي ينتظرها في 2025؟
لماذا شهدت المؤشرات الأميركية تلك القفزات؟
يعود تكرار تحطيم المؤشرات في وول ستريت خلال العام الجاري إلى عدد من الأسباب وعلى رأسها فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، وأيضاً طفرة الذكاء الاصطناعي، إلى جانب بدء الاحتياطي الفدرالي دورة لخفض أسعار الفائدة منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى جانب أداء الاقتصاد القوي ونجاته من الركود.
1- طفرة الذكاء الاصطناعي وإنفيديا Nvidia
امتدت طفرة الذكاء الاصطناعي التي بدأت بقوة في العام الماضي إلى 2024 ولم تظهر أي علامات على التباطؤ، خاصة مع انتعاش أسهم Nvidia التي تسببت فيها سلسلة من النتائج المالية المذهلة التي أعلنتها، وهو ما أدى أيضاً إلى ارتفاع أسهم الشركات الأخرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى مستويات قياسية مرتفعة.
وقفزت القيمة السوقية لـ Nvidia إلى أعلى من 3.3 تريليون دولار في أحدث التعاملات لتحتل بها المركز الثاني بين الشركات العامة الأعلى قيمة في العالم بعد Apple، وذلك بعد احتلت المركز الأول عدة مرات خلال العام مع وصولها إلى مستويات قياسية لأسعار أسهمها والتي ارتفعت خلال العام حتى 13 ديسمبر بنسبة 171.1%.
كما ارتفعت أسهم شركة Broadcom إلى الضعف تقريباً خلال العام (بنسبة زيادة 101.4% حتى 13 ديسمبر)، لتدخل نادي التريليون دولار بعد قفزتها بأكثر من 24% خلال يوم واحد (13 ديسمبر بعد توقعات من الشركة للإيرادات أقوى من المتوقع مع ارتفاع الطلب على شرائح الذكاء الاصطناعي.
2- أداء الاقتصاد القوي
أطاح الأداء القوي للاقتصاد الأميركي بالمخاوف من احتمال تعرضه للركود خلال العام الجاري، حيث سجل معدل النمو أو اقترب من 3% خلال الربعين الثاني والثالث بعد تسجيله 1.6% في الربع الأول، إلى جانب أداء سوق العمل القوي، إلى جانب انخفاض التضخم إلى معدلات قرب مستهدف الفدرالي عند 2%.
انعكس أداء الاقتصاد في نمو قوي لأرباح الشركات، والتي من المقرر أن تسجل أرقاماً قياسية جديدة هذا العام وفقاً لأرباح مؤشر S&P 500 لكل سهم، بحسب موقع Business Insider.
اقرأ أيضاً: كيف كان الاقتصاد الأميركي في ظل حكم ترامب؟
3- بدء دورة التيسير النقدي
بدأ الاحتياطي الفدرالي دورة لخفض أسعار الفائدة مع نجاح جهود ترويض التضخم المرتفع، واقتراب معدلاته من مستهدفات البنك، حيث خفض الفائدة مرتين في سبتمبر/ أيلول بنسبة 0.5% ثم في نوفمبر/ تشرين الثاني بنسبة 0.25% وسط توقعات بخفض ثالث في ديسمبر/ كانون الأول.
يساعد انخفاض أسعار الفائدة في تحفيز الاقتصاد، وهو ما يفترض أن ينعكس على أرباح وأداء الشركات إلى جانب احتمالات انعكاس هذا الانخفاض على أسعار العائد على السندات بالتالي اتجاه بعض المستثمرين للمخاطرة من أجل الحصول على مكاسب أعلى مما يرفع الاستثمار في الأسهم وينعكس على أداء الأسهم بشكل إيجابي.
4- فوز سهل وسريع لترامب في انتخابات الرئاسة
تعد السرعة التي حسم بها دونالد ترامب انتخابات الرئاسة الأميركية التي عقدت في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وبشكل حاسم، إلى الإطاحة بالمخاوف من الدخول في نفق مظلم مع احتمالات سابقة على الانتخابات بتنافس متقارب بين ترامب والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، مما أزال حالة عدم اليقين.
كما ساهم في تلك الارتفاعات الكبيرة التي حدثت في الفترة التالية للانتخابات وسميت صعود ما بعد الانتخابات تفاؤل المستثمرين بالرئيس الجديد وسياساته لتحفيز الاقتصاد، على الرغم من المخاوف من أن ينعكس فرضه لرسوم جمركية أعلى على الاقتصاد والتضخم بشكل سلبي.
حققت سوق الأسهم أفضل مكسب شهري لهذا العام خلال نوفمبر مع انعقاد الانتخابات، كما ارتفع مؤشرات DowJones وS&P 500 وNasdaq بنسب 3.8% و4.6% و8.1% على التوالي منذ الخامس من نوفمبر وحتى 13 ديسمبر.
توخي الحذر
قد يكون تسجيل سوق الأوراق المالية لتلك الأرقام القياسية هذا العام علامة على أن المستثمرين بحاجة إلى توخي الحذر، وفقًا لاستراتيجيين في Ned Davis Research.
أشارت شركة الأبحاث، خلال مذكرة حديثة، إلى أن مؤشر S&P 500 القياسي سجل في العام 2024 أكثر من 50 إغلاقاً قياسياً. لكنها حذرت من أن العام المليء بالأرقام القياسية الجديدة يؤدي تاريخياً إلى أداء ضعيف للأسهم في العام التالي، مما يؤثر على التوقعات للعام 2025، وفقاً لـ Business Insider.
لماذا قد تؤدي قوة الدولار خلال ولاية ترامب الثانية إلى اضطرابات مالية في الأسواق العالمية؟
الأسواق الأوروبية
ارتفع مؤشر Stoxx 600 الأوروبي منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 7.8% بعد أن تجاوز مستوى 500 نقطة لأول مرة خلال العام. وسجل أعلى مستوى له على الإطلاق خلال جلسة 27 سبتمبر/ أيلول عند 528.68 نقطة.
كما زاد مؤشر DAX الألماني منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 21.8% مسجلاً مستوى قياسياً خلال جلسة 13 ديسمبر/ كانون الأول عند 20522.82 نقطة.
بينما خالف مؤشر الفرنسي القاعدة وانخفض منذ بداية 2024 وحتى الآن نسبة 1.8%، رغم تسجيله مستوى قياسياً خلال العام الجاري عند 8259.19 نقطة، لكن نتائج الانتخابات في فرنسا والأزمة السياسية الناتجة عنها مع تغيير الحكومة مرتين على ما يبدو أنه أثر على أداء المؤشر خاصة مع ارتفاع العجز المالي ومستوى الديون.
الأسواق الآسيوية
على صعيد أداء أبرز المؤشرات الآسيوية خلال العام، ارتفع مؤشر CSI 300 الصيني منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 14.6% وجاءت أغلب تلك المكاسب في أواخر شهر سبتمبر/ أيلول مع طرح حزمة إجراءات لتحفيز الاقتصاد في الصين.
كما ارتفع مؤشر Nikkei 225 الياباني منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 17.9%، وحققت أعلى مستوى له على الإطلاق خلال العام في جلسة 11 يوليو/ تموز عند 42426.77 نقطة.
سوق السندات
ارتفع العائد على السندات الأميركية أجل 10 سنوات بنحو 0.529% منذ بداية العام ليصل إلى 4.395% مقابل 3.866% في نهاية العام 2023.
وزاد العائد على السندات الألمانية أجل 10 سنوات بنحو 0.233% منذ بداية العام ليصل إلى 2.262% في الوقت الحالي مقابل 2.029% في نهاية العام الماضي.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر عودة ترامب إلى البيت الأبيض على عوائد السندات العالمية؟
الذهب
ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنحو 28.4% منذ بداية العام وحتى الآن ليصل إلى 2648.66 دولار للأونصة، وسجل المعدن مستوى قياسياً في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول عند نحو 2789.69 دولار.
وارتفعت العقود الآجلة للذهب بنحو 28.7% منذ بداية العام وحتى الآن لتصل إلى 2665.90 دولار، وتجاوز المستوى القياسي لها الذي سجلته في يوم 30 أكتوبر 2801 دولار.
النفط
سجلت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضاً منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة 3.3% إلى مستوى 74.49 دولار للبرميل. وتجاوز السعر مستوى 91 دولاراً في الخامس من أبريل/ نيسان.
كما تراجعت العقود الآجلة للخام الأميركي منذ بداية العام وحتى الآن لكن بنسبة أقل من برنت عند 0.78% إلى مستوى دولار للبرميل.
العملات المشفرة
ارتفع سعر عملة بتكوين المشفرة منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 139% إلى مستوى 101.4 ألف دولار. وتجاوزت العملة مستوى 100 ألف دولار للمرة الأولى هذا الشهر، وهو مستوى ترقبته أسواق العملات المشفرة بعد صعود كبير للعملة عقب انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، ووصل مستواها القياسي إلى 103844 دولاراً في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول.
اقرأ أيضاً: ستاندرد تشارترد: بتكوين قد تصل إلى 200 ألف دولار بنهاية 2025
كما زاد سعر عملة إيثريوم المشفرة منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 71% إلى مستوى 3911 دولاراً. وارتفعت العملة إلى مستوى قياسي خلال العام عند 4095.59 دولار في السادس من ديسمبر.
الدولار
صعد مؤشر الدولار أمام سلة عملات منذ بداية العام وحتى الآن بنحو 5.5%، ليصل إلى مستوى 106.94. كان المؤشر بلغ أعلى مستوياته خلال العام يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عند مستوى 108.07.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي