اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب دولة بنما، أمس السبت، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام قناة بنما، وقال إنه إذا لم تدير بنما الممر المائي، الذي يربط بين المحيطين الهادئ والأطلسي، بطريقة مقبولة فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة بتسليمها. فما أهمية هذه القناة لدى الولايات المتحدة والتجارة العالمية؟
تعتبر قناة بنما من الأصول الوطنية الحيوية للولايات المتحدة، وذلك بسبب دورها الحيوي في اقتصاد أميركا وأمنها الوطني.
اقرأ أيضاً: ترامب يهدد "بنما" بتسليم القناة لأميركا حال استمرارها في فرض رسوم باهظة
الموقف المستجد لترامب صدر في منشور مسائي على موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، حيث حذر أيضاً من أنه لن يسمح للقناة بالوقوع في "الأيدي الخطأ"، وبدا وكأنه يحذر من التأثير الصيني المحتمل على الممر المائي، وكتب أن القناة لا ينبغي أن تديرها الصين.
رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو رد على تهديدات دونالد ترامب بشأن قناة بنما من خلال فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه "سيظل كل ميل مربع من القناة والمناطق المجاورة تحت سيطرة بنما". مضيفاً أن "سيادة واستقلال بلادنا غير قابلين للتفاوض".
ويُعد تأمين قناة بنما أمر بالغ الأهمية للتجارة الأميركية، والنقل السريع للأسطول من الأطلسي إلى الهادئ، ويقلل بشكل كبير من أوقات الشحن إلى الموانئ الأميركية.
الولايات المتحدة هي أكبر مستخدم للقناة، حيث يتوجه أكثر من 70% من جميع حركة العبور من الموانئ الأميركية وإليها عبرها.
عجيبة مائية وشريان اقتصادي هام
وتعد قناة بنما شرياناً هاماً للاقتصاد والتجارة الأميركية، والولايات المتحدة هي أكبر مستخدم للقناة، حيث تمثل حاويات التجارة الأميركية الإجمالية حوالي 73% من حركة قناة بنما، وتمر 40% من إجمالي حركة الحاويات الأميركية عبر القناة كل عام. وفي المجموع، تتعامل القناة مع ما يقرب من 270 مليار دولار من البضائع سنوياً.
اقرأ أيضاً: الشركات الأميركية تطالب ترامب بالتراجع بشأن الرسوم الجمركية.. هل يتزحزح؟
تُعتبر قناة بنما من عجائب العالم الحديث، إذ افتُتحت للعمل منذ 110 سنوات، بعد أن تم بناؤها بتكلفة ضخمة للولايات المتحدة من حيث الأرواح والموارد، حيث توفي 38.000 رجل أميركي بسبب البعوض خلال عملية البناء.
وهي ثاني أهم معبر مائي صنعه الإنسان بعد قناة السويس تربط المحيطين الأطلسي والهادي وتشق اليابسة الواصلة بين الأميركتين بطول يتجاوز 80 كيلو متراً فاسحة المجال لعبور أكثر من 14 ألف سفينة سنوياً.
يبلغ طولها 77 كيلومتراً، وتمتد من خليج ليمون في المحيط الأطلسي إلى خليج بنما على المحيط الهادي.
صناعة أميركية
"كان ثيودور روزفلت رئيساً للولايات المتحدة وقت بناء القناة، وكان يفهم تماماً قوة القوة البحرية والتجارة وعندما قام الرئيس جيمي كارتر بمنحها بشكل غير حكيم مقابل دولار واحد خلال فترة رئاسته، كان ذلك لتديرها بنما فقط، وليس للصين أو أي جهة أخرى"، وفق ترامب.
الرئيس الأميركي المنتخب صرح "لم تُمنح القناة لكي تفرض بنما رسوماً مبالغاً فيها على الولايات المتحدة، وأساطيلها، والشركات التي تمارس الأعمال التجارية في بلادنا".
اقرأ أيضاً: قناة بنما تبدأ في الانتعاش بعد عامين من أسوأ جفاف في تاريخها
وأضاف "هذا "الاحتيال" الكامل على بلادنا سيتوقف فوراً… الولايات المتحدة لها مصلحة كبيرة في ضمان التشغيل الآمن والفعال والموثوق لقناة بنما، وكان هذا مفهوماً دائماً".
ووفق الرئيس القادم إلى البيت الأبيض، تمّ التعامل مع بحرية الولايات المتحدة وتجارتها بطريقة غير عادلة وغير حكيمة والرسوم التي تفرضها بنما غير معقولة، خاصة بظل "السخاء الاستثنائي الذي منحته الولايات المتحدة لبنما".
وفي تحذير مباشر، قال ترامب "إذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه اللفتة السخية في العطاء، فإننا سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل ودون نقاش.. إلى مسؤولي بنما، يرجى الالتزام بالاتفاق!".
ممر للتجارة العالمية
شيدت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من القناة وتولت إدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الولايات المتحدة وبنما وقعتا اتفاقيتين في عام 1977 مهدتا الطريق أمام عودة القناة إلى السيطرة البنمية الكاملة. وسلمت الحكومة الأميركية السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد فترة من الإدارة المشتركة.
ويمثل الممر المائي الذي يسمح بعبور ما يصل إلى 14000 سفينة سنوياً 2.5% من التجارة العالمية المنقولة بحراً وهو أمر بالغ الأهمية لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عن طريق سفن الحاويات من آسيا ولصادرات الولايات المتحدة من السلع، ومنها الغاز الطبيعي المسال.
وليس من الواضح كيف سيسعى ترامب لاستعادة السيطرة على القناة، ولن يكون لديه أي سبيل بموجب القانون الدولي إذا قرر المضي قدماً في مسعاه للسيطرة على القناة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي