الصين تكثف جهودها لحث «العزّاب» على المواعدة والزواج والإنجاب

نشر
آخر تحديث
مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

اتخذت الصين خطوات جديدة في حملة وطنية تهدف إلى تشجيع الأفراد غير المتزوجين على الارتباط والزواج والإنجاب، في محاولة لمعالجة أزمة ديموغرافية متفاقمة تواجه البلاد.

تقوم الحكومات المحلية بالاتصال بالنساء المتزوجات للسؤال عن خططهن للإنجاب، وتقدم مساعدات نقدية للأسر لتشجيعهم على إنجاب أكثر من طفل واحد. كما دعت الجامعات إلى تقديم ما يُعرف بـ«دورات الحب» للطلاب غير المتزوجين، وتُسلط وسائل الإعلام الحكومية الضوء بانتظام على فوائد الإنجاب، وفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز».

تشهد الصين تراجعاً في عدد السكان، حيث باتت الوفيات تتفوق على المواليد، مما يزيد من الضغوط على الحكومات المحلية لمعالجة التحديات الناجمة عن هذا التراجع الديموغرافي.

وفي تصريح له الشهر الماضي للصحافة المحلية، قال الاقتصادي البارز رن زيبينغ: «تواجه الصين ثلاثة اتجاهات رئيسية فيما يتعلق بالسكان: الشيخوخة، انخفاض معدل الولادة، وانخفاض معدل الزواج. هناك عدد أقل من الأطفال وعدد أكبر من كبار السن. سرعة وحجم الشيخوخة في الصين غير مسبوقين».

إعانات مالية وتخفيضات ضريبية

تعهدت بكين بتقديم إعانات مالية وتخفيضات ضريبية أكبر للآباء والأمهات لتخفيف تكاليف تربية الأطفال، ضمن جهودها لمعالجة الأزمة الديموغرافية. وأعلنت الحكومة الصينية، في أكتوبر تشرين الأول الماضي، أنها بصدد صياغة خطة لبناء «مجتمع صديق للولادة» كجزء من حزمة تحفيزية أوسع لمعالجة التحديات الاقتصادية. ومع ذلك، لا تزال تفاصيل الخطة قيد الإعداد.

وفي هذه الأثناء، تلقت نساء متزوجات في العشرينيات والثلاثينيات من العمر مكالمات من مسؤولين محليين يسألونهن عن خططهن لتكوين أسرة.

اقرأ أيضاً: الصين تضع مسودة قانون لتعزيز تنمية القطاع الخاص

إعانات مالية لإنجاب الأطفال تصل إلى 14 ألف دولار

في بعض الحالات، طلب المتصلون من النساء إجراء فحوصات طبية تمهيداً للحمل، بينما عرض آخرون مباشرة إعانات مالية للنساء اللواتي ينجبن أكثر من طفل. ويحتاج الأزواج إلى إنجاب ما معدله 2.1 طفل للوصول إلى معدل الإحلال السكاني.

وأفادت مقيمة في مقاطعة تشيجيانغ، رفضت الكشف عن هويتها، بأن المسؤولين المحليين عرضوا على النساء إعانة مالية تصل إلى 100 ألف يوان (14 ألف دولار أميركي) لإنجاب الطفل الثاني. وأضافت: «لا توجد سياسة معلنة رسمياً، لكن إذا طلبت ذلك، ستجد القرية طريقة لتقديم الإعانة». وتُحدد الإعانات حالياً من قبل الحكومات المحلية بناءً على أوضاعها المالية.

تأتي هذه الجهود الفردية للترويج للإنجاب في ظل حملة إعلامية مكثفة تسلط الضوء على فوائد الإنجاب. ففي الأشهر الأخيرة، أشادت صحف رسمية مثل «الشعب اليومية» و«لايف تايمز» بأصوات علمية تؤكد أن الإنجاب مفيد لصحة الأم، بل يمكن أن يساعد في الوقاية من السرطان وعلاج بعض الأمراض.

وفي ديسمبر كانون الأول، دعت منشورات صادرة عن اللجنة الوطنية للصحة، الجامعات إلى إنشاء «دورات تعليم الزواج والحب» لتشجيع الطلاب على الارتباط. وأشارت المنشورات إلى أن «الجامعات تُعد مكاناً مهماً للطلاب الجامعيين لتكوين علاقات عاطفية»، مستشهدةً بمسح أظهر أن 57% من الطلاب عزفوا عن العلاقات بسبب الأعباء الدراسية الثقيلة.

واقترحت المقالات أن تتبنى الجامعات مقررات حول نظريات الحب وتحليل الحالات الواقعية لتعزيز «فهم منهجي للحب والزواج».

ومع ذلك، يشكك الخبراء في أن التدابير الرسمية ستنجح في رفع معدلات الولادة، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة وضعف النمو الاقتصادي الذي قلص الإنفاق. 

وقال وانغ فنغ، خبير الديموغرافيا الصينية بجامعة كاليفورنيا في إيرفين، إن المسؤولين يلجأون إلى «الأسلوب التقليدي باستخدام القوة الإدارية لتحقيق الأهداف الديموغرافية»، وهو النهج الذي كان واضحاً خلال فترة سياسة الطفل الواحد التي امتدت لـ35 عاماً بدءاً من عام 1980.

أشار وانغ فنغ إلى أنه بينما نجحت بكين سابقاً في تقليص عدد أفراد الأسر باستخدام قوتها الإدارية، إلا أن تحقيق العكس سيكون أكثر صعوبة. وقال: «هذا النهج الذي يعتمد على أساليب قديمة بواجهة جديدة لن يكون فعالاً، لأن الأسباب الكامنة وراء الزواج المتأخر وانخفاض معدلات الخصوبة تختلف تماماً».

اقرأ أيضاً: بسبب انخفاض المواليد بالصين..Nestlé تخطط لإغلاق مصنع لحليب الأطفال

من جانبها، صرحت الكاتبة النسوية شين يانغ بأن الناس «أصبحوا يدركون حقيقة الدعاية» وراء هذه السياسات.

«إذا أرادت الحكومة تعزيز معدلات الولادة، فعليها توفير بيئة أكثر ملاءمة للآباء، خاصة للأمهات العازبات»، حسبما قالت شين يانغ.

ورغم تشجيع بكين على زيادة معدلات الولادة، لا توجد مؤشرات على تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل أو عمليات الإجهاض. وأوضح طبيب نسائي في بكين أن رفض بعض الأطباء إجراء تلك العمليات في حالات محددة غالباً ما يعكس مخاوف من اتخاذ إجراءات قانونية من أفراد الأسرة.

ومع ذلك، أشار وانغ إلى أن السلطات تواجه تحديات كبيرة لإقناع «النساء والرجال الشباب اليوم، الذين ينتمون إلى أكثر الأجيال تعليماً في تاريخ الصين»، بإنجاب الأطفال. وأضاف: «بالنسبة للنساء الشابات على وجه الخصوص، فإنهن لا يواجهن فقط ارتفاع تكاليف المعيشة، بل أيضاً عقوبات مهنية شديدة عندما يتركن وظائفهن لإنجاب الأطفال».

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة