"الأشد تدميراً في الشتاء خلال أربعة عقود".. لماذا اندلعت حرائق كاليفورنيا بهذا التوقيت؟

نشر
آخر تحديث
حرائق كاليفورنيا - مصدر الصورة: AFP

استمع للمقال
Play

يشهد جنوب ولاية كاليفورنيا الأميركية أشد حرائق الغابات تدميراً في فصل الشتاء خلال أكثر من أربعة عقود، وهو ما يعتبر ظرفاً غير اعتيادي، في ظل أن مثل تلك الحرائق لا تحدث عادة في هذا الوقت من العام لكن اجتماع عوامل محددة في تلك الحرائق أدى إلى الخروج عن المألوف.

من بين تلك العوامل رياح "سانتا آنا" الشديدة، حيث هبت محملة بالنيران والجمر بسرعة 100 ميل في الساعة - أسرع بكثير من المعتاد - إلى جانب الجفاف الشديد.

تتضمن تلك العوامل أيضاً نمو الكثير من النباتات في الغابات خلال فترة سقوط الأمطار الغزيرة، ثم تجففها بسبب درجات الحرارة المرتفعة القياسية خلال الفترة التالية مما سهل قابليتها الاحتراق، بحسب ما قاله خبراء لوكالة الأنباء الأميركية أسوشيتد برس.

وأوقعت حرائق الغابات في مدينة لوس أنجلوس التي امتدت لمناطق مختلفة بها، 10 قتلى، بالإضافة إلى تضرر أو تدمير أكثر من 9000 مبنى، بحسب صحفية لوس أنجلوس تايمز. كما التهمت النيران نحو 34 ألف فدان.

بيما يقول خبراء إن تلك الحرائق ربما تصبح كارثة حرائق الغابات الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة.


اقرأ أيضاً: خسائر بنحو 20 مليار دولار.. هبوط أسهم قطاع التأمين وسط تقدير أضرار حرائق لوس أنجلوس


ويواصل رجال الإطفاء مكافحة حرائق الغابات الكبرى المتعددة يوم الجمعة. وصدرت أوامر إخلاء لنحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس؛ جراء الحرائق، بحسب ما أعلنه مكتب رئيس الشرطة، الجمعة 10 يناير/ كانون الثاني 

وفي تقديرات أولية مع استمرار تلك الحرائق، قالت شركة AccuWeather للتنبؤات الجوية، إن الضرر الإجمالي والخسائر الاقتصادية 135-150 مليار دولار.

سرعة الانتشار

قالت عالمة الحرائق بجامعة كولورادو، جينيفر بالتش، إن حرائق "صغيرة وقوية وسريعة" اشتعلت في غرب أميركا خلال العقدين الماضيين مع ارتفاع درجة حرارة العالم. وذكرت دراسة، نشرت في مجلة "ساينس" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي نظرت في 60 ألف حريق منذ العام 2001، أن الحرائق الأسرع انتشاراً تضاعفت في الحدوث منذ العام 2001 وتسببت في دمار أكبر بكثير من الحرائق الأبطأ والأكبر حجماً.

وقالت بالتش لوكالة أسوشيتد برس: "أصبحت الحرائق أسرع. والجاني الرئيسي الذي نشتبه فيه هو ارتفاع درجة حرارة المناخ الذي يجعل من السهل حرق الوقود عندما تكون الظروف مناسبة تماماً".

عادة ما تكون حرائق الصيف أكبر، لكنها لا تنتشر بنفس السرعة. وقال عالم الحرائق في هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، جون كيلي: "حرائق الشتاء أكثر تدميراً لأنها تحدث بسرعة أكبر بكثير".

ظروف مثالية

قال مدير مركز المناخ الإقليمي الغربي، تيم براون: "إنه ببساطة التوافق المثالي لكل شيء في الغلاف الجوي ليمنحك هذا النمط والرياح القوية".

من الواضح أن هناك ارتباط بين سرعة الرياح وسرعة انتشار النيران. قال عالم الحرائق، مايك فلانيجان، من جامعة طومسون ريفرز في كندا: "يزداد التأثير بشكل كبير مع زيادة سرعة الرياح". إذا تمكن رجال الإطفاء من الوصول إلى النيران في غضون 10 دقائق أو نحو ذلك، يمكن احتواء انتشارها، ولكن لو بعد 15 دقيقة، فات الأوان وانتهى الأمر. الحصان قد غادر الحظيرة".


اقرأ أيضاً: حرائق كاليفورنيا.. ماذا حدث في لوس أنجلوس وتلال هوليوود هيلز؟


من جانبه، ذكر عالم المناخ في معهد كاليفورنيا لموارد المياه، دانييل سوين، أنه لا توجد صلة مؤكدة بين رياح "سانتا آنا" - هبات الرياح من الشرق التي تنزل من الجبال، وتكتسب السرعة وتضرب الساحل - وتغير المناخ الناجم عن الإنسان.

لكن الحالة التي أدت إلى تلك الرياح هي انخفاض كبير في درجة حرارة التيار النفاث (تدفق الهواء بصورة أفقية وبسرعة عالية جداً) والذي ساعد في جلب الهواء البارد إلى الثلثين الشرقيين من البلاد، بحسب ما قاله عالم المناخ والحرائق في جامعة كاليفورنيا ميرسيد، جون أباتزوجلو. ربط علماء آخرون بشكل أولي انخفاضات التيار النفاث بتغير المناخ.

وذكر جون كيلي أن رياح "سانتا آنا" تحدث في وقت لاحق من العام عن الفترة الحالية، حيث تتحرك أكثر من الخريف الأكثر جفافاً إلى الشتاء الأكثر رطوبة. عادة، من شأن ذلك أن يقلل من تهديدات الحرائق، لكن الوقت الحالي ليس طبيعياً لهبوبها.

النبات الجاف يزيد الأمر سوءاً

بعد شتاءين رطبين، سقطت خلالهما كميات هائلة من المياه على المنطقة مما تسبب في نمو الكثير من النباتات، أدى الجفاف السريع إلى تجفيفها، مما وفر مادة مثالية لإشعال الحرائق، وفقاً لسوين وأباتزوجلو.

قال سوين إن هذا الطقس السيئ يحدث بشكل متكرر. وأضاف أن هناك صلة واضحة بين تغير المناخ والخريف الجاف المتكرر والشتاء الذي يوفر الوقود للحرائق.

وذكر أباتزوجلو وآخرون أن هذه الحرائق المدمرة لا يمكن أن تحدث بدون الظروف الجافة والحارة، ولا يمكن أن تشتعل بدون سرعة الرياح الشديدة.

مشكلة بشرية

قال كيلي إن العامل البشري في حدوث ذلك لا يمكن تجاهله. "أعتقد أننا بحاجة إلى النظر إليه من منظور التغيرات العالمية. والمناخ هو مجرد واحد من هذه التغيرات. وبالتأكيد، من بين التغيرات المهمة الأخرى هو النمو السكاني. وقد شهدت كاليفورنيا نمواً هائلاً خلال السنوات العشرين الماضية. ومع زيادة عدد السكان، يعني ذلك المزيد من خطوط الكهرباء والمزيد من احتمالات وقوع الأعطال".



وبينما لم يتم تحديد مصادر الاشتعال لهذه الحرائق بعد، يراهن مايك فلانيجان على أنها ستكون خطوط كهرباء أسقطتها الرياح العاتية. وهذا ما بدأ حرائق كاليفورنيا المدمرة خلال العامين 2016 و2017، مما أدى إلى إعلان شركة Pacific Gas & Electric إفلاسها بعد مواجهة دعاوى قضائية بقيمة 30 مليار دولار.

توقيت غير معتاد

يظهر تحليل لـ 423 حريقاً في كاليفورنيا (وقع في مساحة لا تقل عن 15 ميلاً مربعاً أي 39 كيلومتراً مربعاً) منذ العام 1984، أن أربعة فقط من تلك الحرائق اشتعلت خلال فصل الشتاء. واندلعت حوالي ثلثي تلك الحرائق خلال أشهر يونيو/ حزيران، أو يوليو/ تموز، أو أغسطس/ آب.

تكشف البيانات الفدرالية أن ستة حرائق غابات فقط (أحرقت أكثر من ميلين مربعين أي خمسة كيلومترات مربعة) وقعت في شهر يناير  بكاليفورنيا منذ العام 1984. وحتى حرائق هذا العام، كان أكبر تلك الحرائق التي شملتها البيانات حريق فيغاس، الذي أحرق 17.1 ميل مربع (44.3 كيلومتر مربع) خلال العام 2001 في الجبال الواقعة شرق سان دييغو.



وقالت جينيفر بالتش من جامعة كولورادو: "ينبغي أن يكون هناك تناقض في مصطلح 'حرائق الغابات الشتوية'. حسنًا، كما تعلمون، تنخفض درجات الحرارة ونحصل على هطول الأمطار. من المفترض أن نحصل على هطول الأمطار".

قال رئيس كتيبة في إدارة الإطفاء في كاليفورنيا، ديفيد أكونيا: "اعتاد مسؤولو الإطفاء الحديث عن مواسم الحرائق، الآن نتحدث عن سنوات الحرائق".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة