استحقاق رئاسة الحكومة في لبنان قيد الحسم.. من سيحمل ثقل التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار؟

ينجز لبنان خطواته الدستورية نحو الاستقرار بعد سنوات من الشلل المؤسساتي والانهيار الاقتصادي، وبعد إتمام الاستحقاق الرئاسي بانتخاب جوزاف عون رئيساً، يسمي النواب رئيس الوزراء المقبل كي تسلك الحكومة الجديدة طريق التعافي السياسي والاجتماعي والأمني والإصلاح الاقتصادي وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.

شاهد أيضاً: انتخاب جوزاف عون رئيساً للبنان.. هل ينهي مرحلة النكبات السياسية والاجتماعية التي يعيشها البلاد؟

أنظار اللبنانيين تتجه نحو القصر الجمهوري في بعبدا، لتبيان صورة الشخصية الجديدة التي ستتولى مهام رئاسة الحكومة، العشرين بعد اتفاق الطائف، وتقود فترة الانتقال مع العهد الجديد، لتنهي أعواماً من الانهيار الاقتصادي والمعيشي طال البنوك والمؤسسات المالية وكانت له آثار عنيفة على الشؤون الصحية والاجتماعية وعلى تدهور العملة الوطنية.

في التاسع من يناير/ كانون الثاني، انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية بعد فراغ دام لأكثر من عامين.

وفي اليوم التالي، أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اللبنانية أنّ الرئيس جوزاف عون دعا إلى الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة يوم الإثنين الواقع فيه 13/1/2025، في القصر الجمهوري في بعبدا.

تنحصر المواجهة في التسميات حتى الآن بين رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي نجيب ميقاتي، المستقيلة حكومته منذ العام 2022K والنائب في البرلمان اللبناني فؤاد مخزومي ورئيس المحكمة الجنائية الدولية نواف سلام، كما يتم التداول، ما لم تحصل مفاجآت يفرضها الحراك السياسي اللبناني بين الكتل النيابية.

كيف يتم تسمية رئيس الحكومة؟

تجدر الإشارة أولاً إلى أن لبنان شهد منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية عام 1989، تأليف 19 حكومة، ترأسها 9 شخصيات، وهم عمر كرامي، رشيد الصلح، رفيق الحريري، سليم الحص، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري، تمام سلام، حسان دياب. وبين هؤلاء من تولى رئاسة الحكومة لأكثر من مرة.

وفق أحكام الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور، يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، بالاستناد إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها. هذه الفقرة أقرت مع التعديلات الدستورية التي رافقت اتفاق الطائف عام 1990.

وأعطت هذه الفقرة صلاحية تسمية الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة إلى رئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس المجلس النيابي والقيام باستشارات نيابية ملزمة، كحل توافقي.

 

بعد الاستشارت واحتساب الأصوات، يسمى رئيس الحكومة الحائز على أكبر عدد من أصل 128 نائباً ضمن الكتل النيابية.

وبعد تسمية رئيس الحكومة يبدأ رئيس الوزراء المكلف بمشاورات لتشكيل الحكومة واختيار الأسماء والحقائب الوزارية.

الحكومة المرتقبة لن تعمر طيلة فترة العهد الجديد، بل ستستقيل بعد إجراء الانتخابات النيابية المتوقعة بعد نحو سنة وأربعة أشهر من اليوم.

ما هي المهام المطلوبة من الحكومة الجديدة

يتطلع اللبنانيون إلى وجود حكومة بوجوه تتمتع بكفاءات تواكب انتقال لبنان لمرحلة جديدة وتنفذ خريطة الطريق التي حدد الرئيس جوزاف عون عناوينها في خطاب القسم لإنقاذ لبنان من المحن.

شاهد أيضاً: السندات اللبنانية المقومة بالدولار تقود مكاسب سوق السندات في الأسواق الناشئة

يعاني لبنان من أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم ويبلغ حوالي 150% من الناتج المحلي الإجمالي، كما ضربت البلاد سنوات من النمو الاقتصادي المنخفض. وتواجه الموارد المالية الحكومية، التي تعاني من الفساد والهدر، ضغوطاً بسبب القطاع العام المتضخم، وتكاليف خدمة الديون ودعم الطاقة الحكومي.

 

وادى نكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة -5.7% خلال الربع الرابع من 2024، إلى تداعيات كبيرة على الاقتصاد، إذ تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38%عام 2024.

التعافي الاقتصادي أولاً

تتطلب انطلاقة العهد الجديد حالة طوارئ إصلاحية اقتصادية، لتحسين الأوضاع في البلاد وتسريع إصلاحات المالية العامة. 

أبرز التحديات أمام الحكومة الجديدة، ملف إعادة الإعمار بعد حرب الشهرين المدمرة، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق المؤسسة الدولية للمعلومات، وهو عبء مالي ضخم يتطلب جهوداً استثنائية.

ومن المهام المنتظر إنجازها تعيين حاكم مصرف لبنان الذي شغر منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو/ تموز 2023. وهذه خطوة أساسية لبدء 

إصلاح القطاع المصرفي الذي يعتبر أساسياً في تعقيد الأزمة الاقتصادية.

فهل تبدأ رحلة التعافي والنمو المستدام، من خلال وقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو  وتنشيط قطاع السياحة الأساسي بالنسبة للاقتصاد اللبناني؟