يتعرض المليادير الأميركي ستيوارت ريسنيك وزوجته ليندا لانتقادات في ظل حرائق الغابات المتواصلة في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأميركية خلال الأيام الأخيرة، حيث يعد الثنائي، قطبا الزراعة، من أغنى سكان المدينة، وتستهلك مزارعهما أكثر مما تستهلكه مدن بأكملها.
وبينما تعرضت قصور ومساكن فاخرة في المدينة يملكها مشاهير ممن الممثلين وغيرهم للدمار، نجا قصر ريسنيك في بيفرلي هيلز، والأعمال الفنية لبيكاسو التي تزين جدرانه، من حرائق باليساديس وإيتون القريبة.
لكن الثنائي يتعرض لانتقادات لاذعة منذ اندلاع تلك الحرائق خاصة مع عدم تمكن رجال الإطفاء في لوس أنجلوس من إخراج قطرة من الماء من صنابير المياه التي تصطف على جانبي شوارعها، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
يقول منتقدون إن هؤلاء الذين يطلق عليهم "مزارعو بيفرلي هيلز"، وعلاقاتهم بحاكم الولاية الديمقراطي جافين نيوسوم وغيره من السياسيين، قد يكونون من بين الأسباب التي تجعل كاليفورنيا تعاني من مثل هذه الكارثة البيئية.
وقال المخرج السينمائي ياشا ليفين، لديلي ميل: "إن عائلة ريسنيك قوية وسيطرتها على الكثير من المياه سخيفة".
اقرأ أيضاً: بعد حرائق كاليفورنيا.. أكبر 13 حريقاً للغابات في التاريخ الحديث
وأضاف: "كيف يمكن لعائلة واحدة أن تمتلك مياهاً أكثر من مدينة لوس أنجلوس بأكملها، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من أربعة ملايين نسمة، في عام واحد؟".
وذكر أن حرائق الغابات والجفاف الإقليمي المزمن والمشاكل البيئية الأخرى كانت جزءاً من "الآلة السياسية التكنولوجية الأكبر التي تعمل بها كل من لوس أنجلوس وعائلة ريسنيك".
تعتبر عائلة ريسنيك أغنى عائلة مزارعين في كاليفورنيا، بثروتهم البالغة 13 مليار دولار، مع امتلاك نحو 185 ألف فدان من الأراضي وحصة في بنك Kern للمياه، وهو خزان للمياه الفائضة مساحته نحو 20 ألف فدان في وادي سان جواكين.
تتضمن إمبراطورية مشروعات الثنائي شركة Wonderful Company والتي تمتلك شركات Pom Wonderful لعصير الرمان، وWonderful Pistachios، وFiji Water، وHalos mandarins، وTeleflora، وهي خدمة توصيل الزهور.
ويقال إنهما تبرعا بمبلغ 1.9 مليار دولار للمؤسسات الأكاديمية، ومبادرات تغير المناخ، والمنظمات والبرامج الثقافية في وادي كاليفورنيا المركزي. ويحمل جناح كامل في متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون اسمهما.
اقرأ أيضاً: لماذا لا تستعمل كاليفورنيا ماء المحيط لإطفاء الحرائق؟
على الرغم من أعمالهم الخيرية، يتعرض آل ريسنيك لانتقادات متكررة بسبب كمية المياه الهائلة التي تستهلكها مزارعهم، وقدرتهم على كسب تأييد الساسة والسيطرة على المزيد من الموارد النادرة والثمينة.
في العام 2016، توصل تحقيق أجرته مجلة Mother Jones إلى أن الأعمال الزراعية التي يديرها آل ريسنيك استهلكت كمية من المياه في بعض السنوات أكثر مما استخدمه سكان لوس أنجلوس ومنطقة خليج سان فرانسيسكو بأكملها مجتمعين.
وزعم التحقيق أن أعمالهم تم بناؤها من خلال التحكم في إمدادات المياه، والمناورة بذكاء في الكواليس السياسية لقواعد المياه في كاليفورنيا والتقرب من الساسة الذين يديرون الولاية.
وشمل تقربهم من حكام الولاية تبرعات متعددة على مر السنين لهؤلاء الحكام، من أرنولد شوارزنيجر إلى جيري براون. في العام 2021، دفعوا 250 ألف دولار لحملة لمنع طرد نيوسوم من منصبه.
في التسعينيات، ورد أن آل ريسنيك اشتروا عشرات الآلاف من الأفدنة من بساتين اللوز والفستق والحمضيات بأسعار رخيصة في مقاطعة كيرن وحولها، في وادي سان جواكين.
في ذلك الوقت، كانت كاليفورنيا تبني بنية تحتية جديدة للمياه بأموال دافعي الضرائب، لتحويل الأنهار وتخزين المياه من أجل تزويد المزارع والمدن بها في المناطق المعرضة للجفاف خلال المواسم التي لا تهطل فيها الأمطار.
اقرأ أيضاً: "الأشد تدميراً في الشتاء خلال أربعة عقود".. لماذا اندلعت حرائق كاليفورنيا بهذا التوقيت؟
حصل آل ريسنيك على عقود طويلة الأجل، بما في ذلك حصة الأغلبية في بنك Kern للمياه، وهو حوض شحن مساحته 32 ميلاً مربعاً، بحسب مجلة فوربس. أحياناً يبيع البنك المياه إلى الولاية.
فشلت الدعاوى القضائية التي استمرت لسنوات في إبطال صفقات المياه التي تفيدهم، ويبدو أن آل ريسنيك لديهم ما يكفي من الدعم بين الساسة في الولاية لتحمل الانتقادات بشأن ممارساتهم الزراعية.
أشاد حاكم الولاية الحالي نيوسوم خلال العام الماضي، بآل ريسنيك لإبرام صفقة ذكية في الوقت المناسب. وقال لصحيفة نيويورك تايمز: "هذه هي القواعد التي وضعناها، وهم يلعبون بها".
وأضاف: "إذا كنا سنوجه أصابع الاتهام، فيجب علينا أيضاً أن نفكر كصناع سياسات في النظام الذي أنشأناه".
واندلعت حرائق غابات كبيرة في كاليفورنيا خلال الأيام الماضية، وفي أقل من أسبوع، أضرت أربعة حرائق في محيط ثاني أكبر مدينة في البلاد "لوس أنجلوس" مساحة تزيد عن 62 ميلاً مربعاً (160 كيلومتراً مربعاً)، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة مانهاتن تقريباً.
وتسببت الحرائق التي لم يتم القضاء عليها حتى الآن في تدمير آلاف المنازل وأودت بحياة ما لا يقل عن 24 شخصاً حتى الآن وسط توقعات بزيادة الحصيلة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي
ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.