يضع مستشارو التجارة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضعون اللمسات الأخيرة، يوم الأربعاء، على خطط فرض تعرفات جمركية متبادلة تعهّد ترامب بفرضها على كل دولة تفرض رسوماً على الواردات الأميركية، مما زاد المخاوف من اتساع رقعة الحرب التجارية العالمية.
وفي سياق منفصل، كان من المقرر أن يجتمع وزراء التجارة في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين عبر تقنية الفيديو، في وقت لاحق من اليوم، لتحديد ردّهم على هذه الخطوة، بعد تصريح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن أي تحرك من هذا النوع ضد التكتل «لن يمرّ دون رد».
أحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب صدمة في الأسواق بقراره، يوم الاثنين، فرض تعرفات جمركية على جميع واردات الصلب والألمنيوم اعتباراً من 12 مارس آذار. وقد قوبلت هذه الخطوة بإدانة من المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت اليابان وأستراليا أنهما تسعيان للحصول على إعفاءات من هذه الرسوم.
وأثارت هذه الأنباء حالة من الاضطراب بين الصناعات التي تعتمد على واردات الصلب والألمنيوم، حيث سارعت الشركات للبحث عن وسائل لتعويض الارتفاع المتوقع في التكاليف، بحسب رويترز.
وفي الأسبوع الماضي، فرض ترامب رسوماً إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية، على أن تدخل حيز التنفيذ في 4 فبراير شباط، فيما بدأت الإجراءات الانتقامية الصينية هذا الأسبوع.
أجّل ترامب فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على السلع القادمة من المكسيك وكندا لمدة شهر حتى 4 مارس آذار، وذلك لإتاحة الفرصة للمفاوضات حول إجراءات تأمين الحدود الأميركية ووقف تدفق مادة الفينتانيل.
ورحّب بعض العمال الأميركيين بقرار فرض الرسوم الجمركية على المعادن يوم الاثنين، إلا أن العديد من الشركات ذات النشاط التصنيعي المكثف أعربت عن قلق عميق بشأن الخطوات المقبلة، محذّرة من أن زيادة التعرفات ستؤثر على سلاسل التوريد، مما سينعكس على جميع الشركات التي تعتمد على هذه المواد.
حذّر مسؤولون تنفيذيون في شركات، من بينها سلسلة متاجر «أهولد ديلهايز» وشركة «سيمنس إنرجي»، من أن فرض التعرفات الجمركية سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، إذ ستسعى هذه الشركات إلى تمرير التكاليف الإضافية الناجمة عن الواردات إلى المستهلكين.
كما أعرب صناع الفولاذ في أوروبا عن مخاوفهم من أن تؤدي التعرفات الأميركية إلى تدفق كميات كبيرة من الفولاذ الرخيص إلى الأسواق الأوروبية. ودعت شركة «أبيرام» الفرنسية لصناعة الفولاذ المفوضية الأوروبية إلى التدخل لكبح الواردات إذا حدث ذلك، بينما طالبت شركة «فوست ألبين» النمساوية المتخصصة في الفولاذ الاتحاد الأوروبي باتخاذ تدابير مضادة فورية.
من جهته، أكد وزير الصناعة الأسترالي أن خطة البلاد لتعزيز صادرات الألمنيوم «الأخضر» لن تتأثر بتهديد فرض التعرفات الجمركية الأميركية.
وقال إد هيوسيك للصحفيين في النادي الوطني للصحافة في كانبيرا: «العالم لديه طلب مرتفع على الألومنيوم الخاص بنا؛ ونحن بحاجة إليه كجزء من التحول إلى الحياد الكربوني. والسؤال الذي نطرحه على أصدقائنا الأميركيين: هل تريدون حقاً دفع المزيد مقابل هذا المنتج الذي لديكم طلب كبير عليه؟».
في غضون ذلك، التزم مسؤولو البيت الأبيض الصمت بشأن هيكل أو توقيت التعرفات الجمركية المقبلة، حيث قال مصدر مطّلع إن الإعلان قد يصدر في وقت لاحق من الأسبوع.
وكان ترامب قد صرّح يوم الإثنين بأنه سيعلن خلال اليومين المقبلين عن تعرفات جمركية متبادلة على جميع الدول التي تفرض رسوماً على السلع الأميركية، مشيراً إلى أنه يدرس أيضاً فرض تعريفات منفصلة على السيارات وأشباه الموصلات والأدوية.
ويرى خبراء التجارة أن صياغة التعرفات الجمركية المتبادلة التي يريدها ترامب تشكّل تحدياً كبيراً لفريقه، وهو ما قد يفسر سبب عدم الإعلان عن الرسوم الجديدة يوم الثلاثاء.
وقال ويليام راينش، الباحث البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن مسؤولي ترامب قد يختارون نهجاً أكثر بساطة عبر فرض تعرفة موحدة بنسبة 10% أو 20%، أو اتباع نهج أكثر تعقيداً يتطلب وضع جداول تعريفية منفصلة تتناسب مع التعرفات التي تفرضها كل دولة على المنتجات الأميركية.
وذكر مصدر مطّلع على سير العمل في هذه التعرفات أن التفاصيل لا تزال قيد الإعداد حتى وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
دامون بايك، المتخصص في التجارة والشريك الرئيسي في القسم الأميركي لشركة المحاسبة BDO International، قال إن التعرفات الجمركية المتبادلة التي يتصورها ترامب ستشكل تحدياً ضخماً، نظراً لأن لكل من الأعضاء الـ186 في منظمة الجمارك العالمية معدلات رسوم جمركية مختلفة.
وأوضح قائلاً: «على المستوى الدولي، هناك ما يقرب من 5 آلاف وصف مختلف على مستوى التصنيف المكوّن من ستة أرقام (الفئة الفرعية للمنتجات)، وبضرب هذا العدد في 186 دولة، يصبح الأمر أشبه بمشروع يعتمد على الذكاء الاصطناعي».
وأشار بايك إلى أن ترامب قد يستخدم أيضاً قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية نفسه، الذي استُخدم لتبرير التعرفات الجمركية المفروضة على الصين والتي لا تزال معلقة بخصوص كندا والمكسيك.
من جانبه، رأى راينش أن فرض تعرفات جمركية متبادلة سيؤدي فعلياً إلى التنازل عن السيطرة على جدول التعرفات الأميركي لصالح الدول الأخرى، إذ ستحدد الولايات المتحدة تعريفاتها بناءً على المعدلات التي تفرضها هذه الدول، مما قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
وأضاف موضحاً: «على سبيل المثال، إذا فرضت كولومبيا تعرفة جمركية مرتفعة على القهوة لحماية صناعتها، فسنقوم بفرض تعريفة مرتفعة على القهوة الكولومبية لمطابقة تعريفاتهم، على الرغم من أننا لا ننتج القهوة. والنتيجة الوحيدة لذلك هي الإضرار بالمستهلكين الأميركيين».
اقرأ أيضاً: كيف ستؤثر تعرفات ترامب الجمركية على المستهلك الأميركي؟
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي
ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.