تعتبر الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم ولكن هذا لا يمنعها من تعزيز قدراتها الدفاعية، فهي تخطط لإنفاق حوالي 200 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة على تحويل وتحديث جيشها.
وتثير تلك الخطط تساؤلات بشأن أسباب تعجل الهند في مضاعفة الأسلحة والطائرات المقاتلة التي تمتلكها، وقد يعتقد البعض أن السبب في ذلك يعود إلى الدولة الجارة والمنافسة منذ فترة طويلة، باكستان، لكن محللين في مجال السياسة الخارجية يرجعون ذلك إلى الصين التي تقع على الجهة الشرقية للهند.
ساهمت التوترات الجيوسياسية المتزايدة والمناوشات على الحدود الهندية الصينية، والوجود المتزايد لبكين في المحيط الهندي في سعي الهند لتعزيز دفاعها. كما تخوض البلدان منافسة تكنولوجية يقول خبراء إنها ساهمت في تزايد التوترات بينهما، بحسب شبكة CNBC.
وقال أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة جونز هوبكنز، برافين كريشنا، لشبكة CNBC: "إن سياسات التوسع الصينية والحشد العسكري على طول الحدود لا تزال تشكل تحدياً خطيراً".
فالوجود المتزايد لبكين حول مياه شبه القارة الهندية هو الشاغل الأكثر إلحاحاً للهند في الوقت الحالي. وقال رئيس قسم جنوب آسيا في مجموعة Eurasia الاستشارية للمخاطر السياسية، براميت بال تشودري، لشبكة CNBC: "أوضحت الصين أن المحيط الهندي ليس محيطاً للهند".
وأضاف تشودري أنه وفقاً لاستخبارات البحرية الهندية، فإن الصين تبني حاملات طائرات، سيتم نشر اثنتين منها في المحيط الهندي. كما تمتلك بكين قاعدة بحرية كاملة في جيبوتي، وهي دولة تقع في شرق القارة الأفريقية، حيث تجري تدريبات بحرية منها.
اقرأ أيضاً: أقوى 5 قوى عسكرية في العالم للعام 2024.. الولايات المتحدة في الصدارة
القوة العسكرية الصينية والهندية
بحسب موقع Global Firepower، فإن الصين تتفوق على الهند في عدد من معالم القوة العسكرية، فهي تمتلك 3309 طائرات عسكرية منها 1212 طائرة مقاتلة، مقابل إجمالي الطائرات للهند 2229 طائرة منها 513 طائرة مقاتلة.
كما تبلغ طائرات المهام الخاصة الصينية 112 طائرة مقابل 74 طائرة للهند. وطائرات الهليكوبتر 913 طائرة للصين مقابل 899 ظائرة للهند.
تمتلك الصين 6800 دبابة مقابل 4201 للهند، بينما تمتلك الهند 148.6 ألف مدرعة مقابل 144 ألف مدرعة، وتمتلك الصين 2750 قاذفة صواريخ متنقلة مقابل 264 قاذفة للهند.
وفيما يتعلق بالقوة البحرية، تمتلك الصين 754 سفينة حربية في المركز الأول عالمياً مقابل 293 سفينة تملكها الهند التي جاءت في المركز السادس، ولبكين ثلاث حاملات للطائرات مقابل حاملتين للطائرات لنيودلهي.
وتملك القوات البحرية الصينية 61 غواصة و50 مدمرة، مقابل 18 غواصة و13 مدمرة للهند، ولدى بكين 47 فرقاطة مقابل 14 لنيودلهي، وسفن دوريات للصين 150 سفينة مقابل 135 سفينة للهند.
اقرأ أيضاً: "مدينة بكين العسكرية".. معلومات عن أكبر مركز قيادة عسكري مرتقب في العالم
تحسين العلاقات الدفاعية الأميركية الهندية
ارتباطاً بهذا الأمر، عقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لقاءً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض قبل أسبوعين، واللذين أكدا الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند.
كما وقع رئيس الوزراء الهندي عقداً لشراء المزيد من المعدات الدفاعية الأميركية، بما في ذلك المركبات المدرعة الثقيلة الإضافية، والطائرات بدون طيار، والطائرات المقاتلة.
وقال السفير الأميركي السابق في الهند، كينيث آي. غوستر، لشبكة CNBC: "من غير العادي أن تعلن الولايات المتحدة والهند، بعد أقل من شهر واحد من إدارة ترامب الجديدة، عن مثل هذه المجموعة الواسعة من الإجراءات في قطاع الدفاع".
يعتبر شراء المعدات الدفاعية الأميركية أيضاً إحدى الطرق التي يمكن أن تخفض بها نيودلهي العجز التجاري المتزايد بين الولايات المتحدة والهند، والذي يُنظر إليه على أنه مفتاح للحفاظ على علاقات جيدة مع ترامب.
استحوذت شركة بوينغ Boeing على أكبر حصة من المبيعات العسكرية الأميركية للهند منذ العام 2017، وفقاً لتقديرات مجموعة أبحاث Cowen Washington، وهي الذراع البحثية للبنك الاستثماري TD Cowen.
اقرأ أيضاً: ترامب يوافق على إجراء محادثات تجارية مع الهند
إتاحة طائرات إف 35 للهند
عرض الرئيس الأميركي على الهند أيضاً إتاحة طائرات لوكهيد مارتن إف-35 المقاتلة الأسرع من الصوت لنيودلهي.
يأتي ذلك في الوقت الذي لا تعتبر فيه الهند مؤهلة من الناحية الفنية للحصول على طائرات "إف-35"، نظراً لأن نيودلهي ليست حليفاً عسكرياً رسمياً للولايات المتحدة، وهي مشترٍ للمعدات الروسية في الوقت الحالي.
يقول محللون إنه إذا استثنى ترامب الهند من تلك الشروط فسيكون ذلك فوزاً كبيراً للدولة الآسيوية، رغم أن آخرين يجدون صعوبة في حدوث ذلك فعلاً.
وذكر وزير الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، للصحافيين في وقت سابق من شهر فبراير/ شباط، إن العرض الأميركي لبيع طائرات إف-35 كان في "مرحلة الاقتراح"، مضيفاً أن عملية الاستحواذ لم تبدأ بعد، بحسب وكالة رويترز.
وقال محلل سياسة الطيران والدفاع بمجموعة Cowen Washington للأبحاث، رومان شفايزر، لشبكة CNBC: "نعتقد أنه ستكون هناك بعض التحديات في إكمال البيع نظراً لاستخدام الهند الأنظمة العسكرية الروسية".
اللحاق بالصين
من المتوقع أن يظل الإنفاق الدفاعي الهندي قوياً. بشكل عام، يقدر بنك JPMorgan أن الإنفاق الرأسمالي للهند على الدفاع سينمو بنسبة 8% سنوياً خلال الفترة من العام 2024 إلى العام 2026.
بحسب موقع Global Firepower، تخصص الهند ميزانية للدفاع خلال العام 2025 بقيمة 75 مليار دولار، بعد كل من الولايات المتحدة، والصين (التي تخصص 266.9 مليار دولار)، وروسيا.
كتب محلل البنية التحتية والصناعات والمرافق بالبنك، أتول تيواري، في مذكرة إلى العملاء يوم الاثنين: "النمو في الإنفاق الرأسمالي الدفاعي للهند مدفوع باعتباراتها الجيوسياسية والأمنية الخاصة".
ومع ذلك، يرى خبراء أن الهند لا تزال أمامها طريق طويل للحاق بالصين. وفقًا للأرقام الرسمية، تبلغ ميزانية الجيش والدفاع في الصين حالياً ثلاثة أضعاف حجم ميزانية الهند وتنمو بمعدل سريع، وفقاً لـ Eurasia.
قد تعقد قيود القدرة الاستيعابية في الولايات المتحدة أيضاً خطط الهند لتعزيز اعتمادها على المعدات الدفاعية الأميركية.
وقالت رئيسة الأبحاث الكلية في شركة NWI Management، صندوق التحوط الذي يركز على الأسواق الناشئة ومقره نيويورك، تارا هاريهاران، لشبكة CNBC: "محدودية الاستثمار في التصنيع تعني أن القاعدة الصناعية الدفاعية في الولايات المتحدة تواجه قيوداً في القدرة الاستيعابية وجداول تسليم ممتدة. ويأتي هذا في وقت يجب على الهند أن تنافس الطلب الأوروبي على الأسلحة الأميركية، بالإضافة إلى احتياجات الولايات المتحدة نفسها لمواجهة الصين".
اقرأ أيضاً: أقوى 5 قوى عسكرية في الشرق الأوسط خلال عام 2024 وترتيبها عالمياً
الاكتفاء الذاتي
ذكرت تارا هاريهران أنه بمرور الوقت، سيزداد الضغط على الهند سيزداد لتصبح أكثر اعتماداً على ذاتها، حيث تواجه بالفعل توتراً داخلياً بين رغبتها في شراء الأسلحة الأميركية وسياسات "اصنع في الهند" التي تعطي الأولوية للإنتاج المحلي.
وبحسب مذكرة صادرة عن بنك JPMorgan، برزت شركات Hindustan Aeronautics، وBharat Electronics، وZen Technologies كثلاثة من أكبر اللاعبين في قطاع الدفاع المتنامي في الهند.
أصبحت الهند أكثر وعياً بما هو الأفضل للشراء من الدول الأجنبية، وما هي المعدات التي ينبغي تصنيعها محلياً.
في العام 2023، وقعت شركة General Electric شراكة لتصنيع محركات الطائرات النفاثة مع شركة Hindustan Aeronautics الهندية. وتضمنت الصفقة، التي حصلت على موافقة الكونغرس الأميركي، نقل التكنولوجيا إلى الهند.
وأشارت مصادر مقربة من الحكومة الهندية إلى أن نقل التكنولوجيا كان أحد الموضوعات التي بحثها رئيس الوزراء الهندي مع الرئيس الأميركي خلال زيارة مودي الأخيرة للولايات المتحدة.
وقال مصدر لشبكة CNBC: "إذا تمكنت الهند من إيجاد طرق أخرى لنقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك للمعدات داخل البلاد ... فسوف يتم تسريع مواعيد التسليم".
وذكر أستاذ الاقتصاد الدولي، برافين كريشنا، أنه بمرور الوقت، ترغب الهند في الابتعاد عن اعتمادها على الأسلحة الأجنبية والاستثمار بكثافة في القدرات المحلية.
طموح الهند لتوسيع قدراتها الدفاعية قد يجعلها شريكاً أكثر جاذبية للشركات الأميركية والروسية - وهو ما سيجعلها تحتاج إلى توازن دقيق بين قوتين متنافستين يتعين عليها إدارته بمهارة.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي
ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.