أثار خلافات سياسية، فاعتبرته الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تهديدًا لأمن الطاقة الأوروبي، بينما رأته موسكو أداة لتعزيز صادراتها الغازية.. هو خط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم 2، والذي يعود للواجهة من جديد بعد أنباء عن احتمال منحه "قبلة الحياة" من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تقاربه مع نظيره الروسي فلادينير بوتين.
منذ أن كان فكرة قيد التقييم في العام 2011، فإن خط الأنابيب -الذي كان الغرض من إنشائه مضاعفة السعة السنوية للغاز حتى 110 مليار متر مكعب (3.9 تريليون قدم مكعب) وبما يعزز الصادرات الروسية إلى أوروبا- عادة ما كان يثير اللغط، وقد مرّ بجملة من المحطات الأساسية في بداياته.
كانت المحطة الأبرز قبل الحرب في أوكرانيا، عندما منحت برلين نورد ستريم 2 تصريحاً للبناء والتشغيل في المياه الألمانية ومناطق اليابسة بالقرب من لوبمين، وتحديداً في في 31 يناير/ كانون الثاني 2018.
لكن بعد الحرب في أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، جمّد المستشار الألماني أولاف شولتس عملية الموافقة على فتح الخط.
وفي سبتمبر/ أيلول 2022، تم تفجير أحد خطي أنابيب نورد ستريم 2 في هجمات تخريبية. كما تم تدمير خطي أنابيب مشروع نورد ستريم 1 الشقيق الأكبر.
خط أنابيب نورد ستريم 2 الآخر، الذي تبلغ سعته السنوية 27.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، لم يتضرر بشكل كامل، لكنه لم يتم استخدامه.
وخط أنابيب نورد ستريم 2 مملوك بالكامل لشركة غازبروم، لكن خمس شركات طاقة أوروبية ــ شل، ويونيبر، وأوم في، وإنجي، ووينترشال ــ قدمت مجتمعة نحو نصف تكاليف إنشائه البالغة 11 مليار دولار من خلال القروض. وقد ألغت الشركات الأوروبية الخمس هذه الديون.
اقرأ أيضاً: وكالة الطاقة الدولية: على أوروبا بحث استيراد الغاز من قطر بدلا من روسيا اعتباراً من 2027
أوقفت الحكومة الألمانية في عام 2022 إجراءات الترخيص لخط أنابيب نورد ستريم 2 ولم تصدر الوثائق المطلوبة لتشغيله.
ولكن أحدث التقارير تكشف عن محاولات لإعادة "نورد ستريم 2" للواجهة من جديد بدعمٍ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.. فما القصة؟
بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" فإن ماتياس وارنيغ، وهو ضابط سابق في وزارة أمن الدولة بألمانيا الشرقية سابقاً، وصديق مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يسعى إلى التوسط لإعادة تشغيل خط الأنابيب، مدعوماً من مجموعة من المستثمرين الأميركيين.
وعلى الرغم من أن خطوة كتلك كان من الصعوبة بمكان أن تحدث قبل وقت قريب في ظل الموقف الأمريكي المناوئ لروسيا والعقوبات المفروضة عليها بعد الحرب في أوكرانيا، إلا أن ظهورها على السطح الآن تعكس التقارب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا.
تتضمن خطة وارنيغ -الذي أدار حتى سنة 2023 الشركة الأم لنورد ستريم 2 لشركة الغاز العملاقة غازبروم التي يسيطر عليها الكرملين- التواصل مع فريق الرئيس الأميركي عبر خلال رجال أعمال أميركيين، كجزء من الجهود الخلفية للتوسط في إنهاء الحرب في أوكرانيا مع تعميق العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وروسيا.
وفي هذا السياق، نقل تقرير الصحيفة البريطانية عن مسؤولين في واشنطن قولهم إن بعض الشخصيات البارزة في إدارة ترامب على علم بمبادرة جلب المستثمرين الأميركيين، ويرون فيها جزءا من الدفع لإعادة بناء العلاقات مع موسكو.
اقرأ أيضاً: إنشاء مجلس للطاقة.. إدارة ترامب تمنح ترخيصاً لتصدير الغاز المسال
أما لجهة موقف الاتحاد الأوروبي، فإن التقارير تشير إلى أن كبار المسؤولين في أوروبا يعلمون بمناقشة مشروع نورد ستريم 2 في الأسابيع الأخيرة.
ومن شأن خطة إعادة الخط نظرياً أن تمنح الولايات المتحدة سيطرة لا مثيل لها على إمدادات الطاقة إلى أوروبا، بعد أن تحركت دول الاتحاد الأوروبي لإنهاء اعتمادها على الغاز الروسي في أعقاب بدء الحرب في فبراير/ شباط 2022، وفق التقرير، الذي يشير إلى أن ثمة مجموعة من العقبات التي تقف في طريق التوصل لذلك الهدف.
من بين العقبات التي أبرزها التقرير هو أن الأمر يتطلب من الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على روسيا، وموافقة روسيا على استئناف المبيعات التي قطعتها أثناء الحرب، وموافقة ألمانيا على السماح بتدفق الغاز إلى أي مشترين محتملين في أوروبا.
تأتي المحادثات المرتبطة بفتح الخط في الوقت الذي تسارع فيه إدارة ترامب إلى إبرام اتفاق سلام من خلال مناقشات ثنائية مع روسيا استبعدت أوروبا وأوكرانيا، الأمر الذي أثار مخاوف العواصم الأوروبية التي تخشى أن يهدد الانفراج الأميركي مع موسكو القارة.
ووعد ترامب بتعميق التعاون الاقتصادي مع روسيا إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتن عن الفوائد الاقتصادية التي يقول إن الولايات المتحدة قد تجنيها من التعاون مع الكرملين في حالة التوصل إلى تسوية في أوكرانيا، زاعماً أن "عدة شركات" كانت على اتصال بالفعل بشأن صفقات محتملة.
ورغم تلك الأنباء، إلا أن وارنيغ ينفي مشاركته في أية محادثات بهذا الخصوص. ويقول لصحيفة فايننشال تايمز إنه "لم يشارك في أي مناقشات مع أي سياسيين أو ممثلي أعمال أميركيين"، لاسيما وأنه "شخص خاضع للعقوبات الأميركية". كما قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، إنه ليس لديه معلومات عن أي محادثات بشأن خط الأنابيب. كذلك رفضت شركة جازبروم التعليق. ولم يستجب محام يمثل نورد ستريم 2 في إجراءات الإفلاس السويسرية والوصي المعين من قبل المحكمة لدائني نورد ستيم 2 لطلبات فاينانشال تايمز للتعليق.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي