تدفع اقتصاد العالم نحو الركود.. رسوم ترامب الجمركية تهدد بإشعال التضخم واندلاع حرب تجارية

نشرالجمعة، 4 أبريل 2025 | 8:44 صباحًا
آخر تحديث الجمعة، 4 أبريل 2025 | 9:32 صباحًا
الرئيس الأميركي دونالد ترامب/AFP

استمع للمقال
Play

هددت دول حول العالم بخوض حرب تجارية مع أميركا بعد أن غذّت التعرفات الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب التوقعات بتباطؤ اقتصادي عالمي وزيادة حادة في الأسعار على مجموعة من السلع في أكبر سوق استهلاكي في العالم.
التدابير العقابية التي أعلن عنها ترامب يوم الأربعاء تسببت في هبوط حاد في أسواق المال العالمية وأثارت إدانات من قادة آخرين يواجهون نهاية عصر طويل من تحرير التجارة.

في اليابان، أحد أبرز شركاء الولايات المتحدة التجاريين، صرح رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا بأن التعرفات الجمركية قد تسببت في "أزمة وطنية"، حيث أدى تراجع أسهم البنوك يوم الجمعة إلى دفع سوق طوكيو للأوراق المالية نحو أسوأ أسبوع لها منذ سنوات، بحسب رويترز.

الاقتصاد العالمي على مشارف الركود

قال بنك الاستثمار جيه بي مورغان إنها ترى الآن احتمالاً بنسبة 60% لدخول الاقتصاد العالمي في ركود بنهاية العام، مقارنةً بـ 40% في السابق. لكن كانت هناك رسائل متضاربة من البيت الأبيض بشأن ما إذا كانت التعرفات الجمركية تهدف إلى أن تكون دائمة أم هي مجرد تكتيك للحصول على تنازلات، حيث قال ترامب إنها "تمنحنا قوة كبيرة للتفاوض".

ستصل التعرفات الجمركية الأميركية إلى أعلى مستويات الحواجز التجارية منذ أكثر من مئة عام: 10% كتعرفة أساسية على جميع الواردات، بالإضافة إلى تعرفة أعلى على عشرات الدول المستهدفة.

قد يؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار للمستهلكين الأميركيين على كل شيء من القنب إلى أحذية الجري إلى هواتف آيفون من آبل. قد يصل سعر آيفون من الفئة العليا إلى حوالي 2,300 دولار إذا قامت أبل بتمرير التكاليف على المستهلكين، استناداً إلى التوقعات من شركة روزنبلات للأوراق المالية.

سارعت الشركات للتكيف مع الوضع. وقالت شركة صناعة السيارات ستيلانتيس إنها ستقوم بتسريح العمال الأميركيين مؤقتاً وإغلاق المصانع في كندا والمكسيك، بينما قالت جنرال موتورز إنها ستزيد من الإنتاج في الولايات المتحدة.

قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إن الولايات المتحدة قد تخلت عن دورها التاريخي كداعم للتعاون الاقتصادي الدولي.

"الاقتصاد العالمي مختلف بشكل جذري اليوم عما كان عليه بالأمس"، قال ذلك أثناء إعلان عدة تدابير مضادة.

ردود أفعال متباينة

في أماكن أخرى، تعهدت الصين بالرد على التعرفات الجمركية التي فرضها ترامب بنسبة 54% على الواردات من ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما فعل الاتحاد الأوروبي الذي يواجه تعريفة بنسبة 20%.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدول الأوروبية إلى تعليق الاستثمار في الولايات المتحدة. أما شركاء التجارة الآخرون، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك والهند، فقد قالوا إنهم سيؤجلون الرد في الوقت الحالي بينما يسعون للحصول على تنازلات. وقال وزير الخارجية البريطاني إن بلاده تعمل على التوصل إلى اتفاق اقتصادي مع الولايات المتحدة.

لكن حلفاء الولايات المتحدة وأعداؤها على حد سواء حذروا من ضربة مدمرة للتجارة العالمية.

اقرأ أيضاً: محمد العريان: رسوم ترامب الجمركية تعرض الاقتصاد الأميركي لخطر الركود

قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا إن التعرفات "تمثل بوضوح مخاطر كبيرة على التوقعات الاقتصادية العالمية في وقت يشهد نمواً بطيئاً"، داعية واشنطن إلى العمل على حل التوترات التجارية مع شركائها وتقليص حالة عدم اليقين.

وقال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك والمستشار التجاري الكبير بيتر نافارو يوم الخميس إن الرئيس لن يتراجع، وإن زيادة التعرفات ليست وسيلة تفاوضية.

ثم بدا أن ترامب يتناقض معهما، حيث قال للصحفيين: "التعرفات تمنحنا قوة كبيرة للتفاوض. وقد كان الأمر كذلك دائماً. لقد استخدمتها بشكل جيد في الإدارة الأولى، كما رأيتم، ولكننا الآن نأخذها إلى مستوى جديد تماماً".

انهيار حاد في الأسواق

تعرضت الأسهم لانهيار عالمي، وانهار الدولار الأميركي، وكانت أسعار النفط في طريقها لتحقيق أسوأ أسبوع لها منذ أشهر، حيث حذر المحللون من أن التعرفات قد تؤثر على الطلب، وتقلب سلاسل الإمداد، وتضر بأرباح الشركات.

هبط مؤشر داو جونز بنسبة تقارب 4%، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ يونيو حزيران 2020. كما خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 حوالي 5%، في حين تراجع مؤشر ناسداك بنسبة تقارب 6%، وهو أسوأ يوم له من حيث النسبة منذ فترة الوباء في مارس آذار 2020.

تعرضت الشركات الأميركية ذات الإنتاج الكبير في الخارج لضربة. فقد خسرت أسهم شركة نايكي 14%، بينما تراجعت أسهم شركة آبل بنسبة 9%.

استمر الألم في الأسواق حتى يوم الجمعة، حيث كان مؤشر نيكاي الياباني في طريقه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له منذ خمس سنوات، في موجة هبوط قادتها أسهم البنوك اليابانية، التي تعد من أكبر المقرضين في العالم من حيث الأصول.
وفي الوقت نفسه، تراجعت عوائد السندات اليابانية بشكل حاد، حيث راهن المستثمرون على أن بنك اليابان قد يُجبر على إعادة النظر في خطط رفع أسعار الفائدة.

هل يتراجع ترامب عن تطبيق الرسوم الجمركية؟

قال ترامب إن التعرفات "المتبادلة" هي رد على الحواجز التي وُضعت على السلع الأميركية، في حين قال مسؤولو الإدارة إن التعرفات ستخلق وظائف في قطاع التصنيع داخل البلاد وتفتح أسواق التصدير في الخارج، على الرغم من أنهم حذروا من أنه سيستغرق وقتاً لرؤية النتائج.

في مقابلة مع Newsmax، انتقد نائب الرئيس جي دي فانس المنتقدين الذين يتبنون رؤية قصيرة المدى. وقال فانس: "هذا هو الجوهر الأساسي لهذا الأمر، الأمن الوطني للتصنيع وإنتاج الأشياء التي نحتاجها، من الصلب إلى الأدوية".

منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني، هزّت تهديدات ترامب المتقطعة بفرض التعرفات الجمركية ثقة المستهلكين والشركات. وقد يتراجع ترامب مجدداً، حيث من المقرر أن تدخل التعرفات المتبادلة حيز التنفيذ في 9 أبريل نيسان.

قال جيمس لوسير، الشريك المؤسس في شركة كابيتال ألفا: "خطة التعرفات لا تبدو مدروسة بشكل جيد. مفاوضات التجارة هي مجال تقني للغاية، ومن وجهة نظرنا، لا تقدم هذه المقترحات أساساً جدياً للمفاوضات مع أي دولة."

شاهد أيضاً: رسوم ترامب الجمركية تُصدم شركاء الولايات المتحدة التجاريين.. والمستثمرون يتجهون نحو الملاذات الآمنة

ويقول الاقتصاديون إن التعرفات قد تعيد إشعال التضخم، وتزيد من خطر وقوع ركود في الولايات المتحدة، وتزيد من التكاليف على العائلة الأميركية العادية بمبالغ تصل إلى الآلاف من الدولارات.

قال المحللون إن التعرفات قد تُنفّر الحلفاء في آسيا وتضعف الجهود الاستراتيجية لاحتواء الصين.

فرض ترامب تعريفة بنسبة 24% على اليابان و25% على كوريا الجنوبية، وكلاهما يحتضن قواعد عسكرية أميركية كبيرة. كما فرض تعريفة بنسبة 32% على تايوان في وقت تواجه فيه الجزيرة ضغوطاً عسكرية متزايدة من الصين.

أما كندا والمكسيك، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، فلم يُفرض عليهما تعرفات مستهدفة يوم الأربعاء، إلا أنهما يواجهان بالفعل تعريفة بنسبة 25% على العديد من السلع، ويواجهان الآن مجموعة منفصلة من التعرفات على واردات السيارات.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً






أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة

الأكثر تداولاً






    الأكثر قراءة

    سياسة ملفات الارتباط

    ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.