رغم التوترات الجيوسياسية والتجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين خلال السنوات الأخيرة، فإن الأرقام تكشف عن أن العلاقة التجارية بين البلدين ما زالت عميقة، خاصة فيما يتعلق بالصادرات الصينية.
تظهر بيانات مصادر مختلفة بما في ذلك UN Comtrade والجمارك الصينية وUSITC، أن الولايات المتحدة تظل أحد أكبر شركاء الصين التجاريين، لا سيما في قطاعات صناعية وتكنولوجية متعددة.
تشير الإحصاءات إلى أن الولايات المتحدة تستحوذ على نسبة كبيرة من صادرات الصين في عدد من القطاعات الحيوية. على رأس هذه القطاعات تأتي الإلكترونيات الاستهلاكية، حيث تمثل الصادرات إلى السوق الأميركية نحو 22% من إجمالي صادرات الصين في هذا المجال، وهو ما يعادل نحو 96 مليار دولار (وفق بيانات 2023) ويُعد هذا مؤشراً على مدى ترابط سلاسل الإمداد بين مصانع الصين ومستهلكي التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
في المرتبة الثانية تأتي الأجهزة المنزلية، إذ يذهب حوالي 19% من صادرات هذا القطاع إلى الولايات المتحدة، بقيمة تصل إلى 24 مليار دولار. تليها الملابس والمنسوجات، وهي من القطاعات التقليدية التي لطالما شكّلت عنصراً أساسياً في الصادرات الصينية، حيث تمثل السوق الأميركية 17% من صادرات هذا القطاع، بما يعادل 68 مليار دولار.
أما في قطاع الأجهزة الطبية والبصرية، فتبلغ النسبة أيضاً 17% من صادرات الصين، وتُقدر قيمتها بـ12 مليار دولار. وتكررت النسبة نفسها في المنتجات الخشبية والورقية، والتي يذهب 17% منها إلى السوق الأميركية، ولكن بقيمة إجمالية أقل تبلغ 9 مليارات دولار.
من بين القطاعات الأخرى التي تُظهر اعتماداً كبيراً على السوق الأميركية، هناك الآلات التقليدية المستخدمة في البناء والصناعة، والتي تمثل 13% من صادراتها إلى الولايات المتحدة (بقيمة 33 مليار دولار)، وكذلك المعدات الكهربائية – باستثناء أشباه الموصلات – التي تبلغ النسبة نفسها (13%) بقيمة 30 مليار دولار.
اقرأ أيضاً: البيت الأبيض: أميركا لا يمكن أن تعتمد على الصين في التكنولوجيا
كما يُلاحظ حضور قطاع الطاقة النظيفة والبطاريات، وهو قطاع متنامٍ، حيث تمثل الصادرات إلى الولايات المتحدة 13% من الإجمالي، بقيمة 15 مليار دولار.
أما الكيماويات فتبلغ صادراتها إلى السوق الأميركية 12% من إجمالي صادرات الصين في هذا القطاع، بقيمة 42 مليار دولار، ما يدل على اعتماد متبادل بين صناعات الكيماويات في البلدين. كذلك الأمر في المعادن الأساسية، حيث تُشكّل السوق الأميركية 11% من صادرات الصين، ما يعادل 28 مليار دولار.
وتمتد العلاقات التجارية إلى المنتجات الزراعية والغذائية، حيث تمثل السوق الأميركية 10% من صادرات الصين في هذا المجال، أي نحو 10 مليارات دولار. كما تظهر نسب اعتماد متوسطة في قطاعات مثل معدات النقل (9%) والحجارة الكريمة والزجاج (9%).
أما أشباه الموصلات، وهو القطاع الذي يحتل محوراً أساسياً في الحرب التجارية بين البلدين، فتبلغ نسبة صادرات الصين إلى الولايات المتحدة فيه 4% فقط، أي نحو 9 مليارات دولار، مما يعكس محاولات واضحة لفك الارتباط وتقليل الاعتماد. وتُعد المعادن الخام أقل القطاعات اعتماداً على السوق الأميركية، بنسبة لا تتجاوز 2% (بقيمة مليار دولار فقط).
تشير هذه البيانات إلى أن الولايات المتحدة تمثل سوقاً مهمة للعديد من القطاعات التصديرية الصينية، لكن في الوقت نفسه، فإن صادرات الصين لبقية دول العالم تفوق بكثير صادراتها للولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، تُصدّر الصين ما قيمته 339 مليار دولار من الإلكترونيات الاستهلاكية لأسواق أخرى، مقارنة بـ96 ملياراً للولايات المتحدة.
كما تُظهر أن الصين، رغم اعتمادها الجزئي على السوق الأميركية، قد نجحت في تنويع وجهات صادراتها وتوسيع شبكتها التجارية عالمياً، مما يمنحها نوعاً من الحصانة الاقتصادية أمام أي اضطرابات أو قرارات سياسية قد تُقيّد التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي
ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.