وول ستريت في مرمى الارتجال السياسي.. هل تصمد المؤشرات أمام العاصفة؟

نشرالاثنين، 14 أبريل 2025 | 3:36 مساءً
آخر تحديث الثلاثاء، 15 أبريل 2025 | 11:01 صباحًا

استمع للمقال
Play

شهدت "وول ستريت" الأسبوع الماضي انتعاشاً طال انتظاره بعد أيام عصيبة سجلت خلالها الأسواق تراجعاً بأكثر من 14% (عن مستويات الذروة السابقة).

تعكس التحركات الأخيرة في الأسواق الأميركية واقعاً متقلباً يتغذى على تقاطع عوامل سياسية واقتصادية متسارعة؛ ففي الوقت الذي يتنفس فيه المستثمرون الصعداء عقب موجة من التراجعات الحادة، لا تزال مخاوف الحروب التجارية تتصدر الواجهة، لتفرض ظلالاً قاتمة على مسار الانتعاش.

ومن ثم فإن المشهد العام في وول ستريت لا تحكمه مؤشرات الأداء وحدها، بل تُمليه أيضاً مواقف وقرارات سياسية وتصريحات تبدو ارتجالية قد تعصف بأي مكاسب تحققت.

شاهد أيضاً: أسبوع تاريخي لتقلبات سوق الأسهم الأميركية!

ومع بداية هذا الأسبوع الجديد، يترقب المتداولون مستجدات ما وصفه جاي وودز، كبير الاستراتيجيين في  Freedom Capital Markets، بـ"الملحمة المستمرة" حول الرسوم الجمركية التي "تُفرض ثم تُلغى"، معتبراً أن الإدارة الأميركية الحالية تُبقي الأسواق في حالة تأهب دائم، وتتخذ قراراتها بشكل عشوائي مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لقياس ردود فعل الأسواق.

وكان سجل مؤشر S&P500  قد سجل مكاسب أسبوعية في الأسبوع الماضي -شديد التقلب- بنحو 5.7% عند 5,363.36 نقطة، وهو ما يمثل أفضل أداء أسبوعي منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.. وارتفع ناسداك المركب بنحو 7.3%، كما قفز داو جونز بنسبة 5%.



سوق هابط تم تفاديها مؤقتاً

في تحليله، يقول وودز إنه رغم التراجع الحاد، فإن السوق لم تدخل رسمياً منطقة الهبوط، ذلك أن S&P 500  لم يُغلق عند مستوى يقل بـ20% عن قمته السابقة، مشيراً إلى "ارتداد ضروري" من منطقة بيع مفرطة، لكنه يربط في الوقت نفسه استمرار الصعود بتجاوز مستويي مقاومة رئيسيين: الأول عند 5500 نقطة، والثاني عند المتوسط المتحرك لـ200 يوم عند 5760 نقطة. في المقابل، الدعم الحاسم يتمثل في الثبات فوق 4950 نقطة، في حال إعادة اختبار القيعان.

فوضى الرسوم الجمركية

في نهاية الأسبوع، رفع الرئيس الأميركي الرسوم على السلع الصينية إلى 145%، بينما خفضها على واردات الدول الأخرى إلى 10% بعد أن أعلن تعليق الرسوم لمدة 90 يوماً.

ورغم إعلان مراجعة تستمر 90 يوماً وإعفاء منتجات التكنولوجيا (مثل هواتف أبل) من الرسوم، أكد وزير التجارة هوارد لوتنيك أن هذه الإعفاءات "مؤقتة"، ما يكرّس حالة الارتباك في واشنطن. كما ذكر ترامب نفسه في تدوينة له على منصته أنه "لم يُعلن عن أي استثناءات من الرسوم الجمركية يوم الجمعة وهذه المنتجات تخضع لرسوم الفنتانيل الحالية البالغة 20%".

موسم الأرباح... وغياب التوجيه

ومع انطلاق موسم نتائج الأعمال، أبلغت بنوك كبرى مثل J.P. Morgan وWells Fargo عن نتائجها، لكن المشترك كان تكرار كلمة "غير مؤكد" أكثر من 40 مرة، في ظل تغيّر السياسات التجارية الأميركية، ما دفع لتوقعات حذرة في الربع الثاني، وفق ما يلاحظه كبير الاستراتيجيين في  Freedom Capital Markets.

وبينما الصورة الإجمالية تعكس مشهداً اقتصادياً "غير مؤكد"، حيث تتفاعل الأسواق بشكل مباشر مع كل تصريح أو تعديل يصدر من الإدارة الأميركية، فإن "وول ستريت" تستعد هذا الأسبوع لأربعة أيام مزدحمة من نتائج الأعمال قبل عطلة "الجمعة العظيمة".

تراجع ثقة المستهلك

وفي الأثناء، يحذر الرئيس التنفيذي للاستثمار في  Siebert Financial، مارك مالك، من أن تراجع ثقة المستهلك يمثل ناقوس خطر للاقتصاد الأميركي عموماً، خاصة بعدما سجل المؤشر قراءة بلغت 50.1، وهي ثاني أدنى قراءة منذ سبعينيات القرن الماضي. ويؤكد أن هذا التراجع لا يجب الاستهانة به، لأنه غالباً ما يسبق فترات الركود، حتى وإن لم يكن كل انخفاض مؤشراً مؤكداً على ركود وشيك.

يشير مالك، في مذكرة خاصة شاركها مع CNBC عربية الاثنين 14 أبريل/ نيسان، إلى أن كلًا من الديمقراطيين والجمهوريين أبلغوا عن تراجع في ثقتهم الاقتصادية، ما يعكس قلقاً عاماً يتجاوز الانتماءات الحزبية.

🟥 اقرأ أيضاً:  تحذيرات "أكثر تشاؤماً" من مسؤول كبير في الفدرالي الأميركي.. ماذا قال؟

يرتبط هذا التراجع بمزيج من المخاوف بشأن التضخم وعدم اليقين السياسي، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، مشيرًا إلى أن بيانات مبيعات التجزئة والإنفاق الشخصي المرتقبة ستُظهر مدى تأثير هذه التراجعات المعنوية على سلوك المستهلكين الفعلي.

وأظهر مسح أجرته جامعة ميشيغان، يوم الجمعة 11 أبريل/ نيسان، أن ثقة المستهلك الأميركي تدهورت بشكل أسوأ من المتوقع خلال الشهر الجاري، حيث وصل معدل التضخم المتوقع إلى أعلى مستوى له منذ العام 1981.

انخفضت قراءة المسح لمنتصف الشهر لثقة المستهلك في الولايات المتحدة إلى 50.8 نقطة، بتراجع عن 57 نقطة في مارس/ آذار، وأقل من متوسط توقعات Dow Jones البالغة 54.6 نقطة. ويمثل هذا التحرك هبوطاً شهرياً بنسبة 10.9%، وانخفاضاً بنسبة 34.2% عن العام الماضي.

وتُعتبر هذه القراءة هي الأقل منذ يونيو/ حزيران 2022، وثاني أدنى قراءة في تاريخ المسح الذي يعود إلى العام 1952.
ويعكس مفهوم ثقة المستهلك توقعات الأفراد حول أوضاعهم المالية وأحوال الأعمال وسوق العمل، بالإضافة إلى الظروف المتعلقة بشراء السلع المعمرة. فإذا كانت التوقعات إيجابية، ترتفع الثقة، والعكس صحيح.

ورغم الجدل الدائر حول دقة هذا المؤشر كمقياس اقتصادي، يصرّ مالك على أن ثقة المستهلك تعد من أفضل المؤشرات الاستباقية للنشاط الاقتصادي؟


🟥 اقرأ أيضاً:  الشركات الأميركية من أبرز المتأثرين برسوم ترامب الجمركية.. وقطاع التكنولوجيا الأكثر تضرراً!


وفي قراءة بيانية لتاريخ المؤشر منذ السبعينيات، يلفت الرئيس التنفيذي للاستثمار في  Siebert Financial إلى أن الفترات التي شهدت تضخماً مرتفعاً وتشديداً في السياسة النقدية، مثل ما حدث عام 2022، كانت ترتبط بانهيارات في مؤشر الثقة. ورغم تحسنه في مراحل معينة، مثل فترات خفض الفائدة أو انتخاب رئيس مؤيد للأسواق، عاد المؤشر للانخفاض الحاد مجدداً.

مؤشر الثقة وعلامات الركود

ويشدد على أن كل فترات الركود الكبرى في الولايات المتحدة سبقتها تراجعات واضحة في ثقة المستهلكين، حتى لو لم يكن كل انخفاض مؤديًا بالضرورة إلى ركود. ويستدل بتفاصيل من استطلاع جامعة ميشيغان الذي يُعد مرجعًا في قياس ثقة المستهلك منذ السبعينيات.

ووفق ما جاء ف المذكرة، فإنه يلاحظ أن التحيز السياسي يلعب دوراً في تفسير المؤشر، إذ يميل الجمهوريون للشعور بثقة أكبر خلال حكم حزبهم، والعكس لدى الديمقراطيين. غير أن الانخفاض الأوسع مؤخراً كان من نصيب الديمقراطيين، مع تسجيل الجمهوريين أيضاً لتراجع ملحوظ. وتشير الأرقام إلى أن نحو 45% من الناخبين أبلغوا عن تراجع حاد في الثقة، بينما أفاد 46% بتراجع محدود، ما يعتبره مالك مؤشرًا على ضرر اقتصادي حقيقي أصاب الولايات المتحدة مؤخراً.

وهذه البيانات سُجلت قبل إعلان "يوم التحرير" الذي تسبب في اضطرابات الأسواق، ما يعني أن الأرقام اليوم قد تكون أسوأ مما تم رصده آنذاك.

ومن ثم فإن هذه الأزمة مرتبطة بالحملة التجارية للإدارة الحالية، والتي ولّدت قدراً كبيراً من الغموض وعدم اليقين لدى المستهلكين.

ورغم الصورة القاتمة، يترك مالك باب الأمل مفتوحاً، مشيراً إلى أن ليس كل انخفاض في الثقة يقود مباشرة إلى ركود، وأن الفرصة ما زالت قائمة لعكس الاتجاه، إذا ما أظهرت البيانات القادمة إشارات على صمود الاستهلاك.

وينهي مالك تحليله بتوجيه تحذير صريح: "تجاهل هذه المؤشرات سيكون على مسؤوليتك الخاصة." مشيرًا إلى أن بيانات مبيعات التجزئة والإنفاق الشخصي، المنتظر صدورها لاحقاً، ستحدد ما إذا كانت هذه التراجعات النفسية ستترجم إلى ضعف اقتصادي فعلي، وهو ما قد يكون له تأثيرات مباشرة على الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً






أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة

الأكثر تداولاً






    الأكثر قراءة

    سياسة ملفات الارتباط

    ملف تعريف الارتباط هو نص صغير يتم إرساله إلى متصفحك من الموقع الإلكتروني الذي تتم زيارته. ويساعد هذا الملف الموقع الإلكتروني في تذكّر معلومات عن زيارتك، ما يسهّل زيارة الموقع مرّة أخرى ويتيح لك الاستفادة منه بشكل أفضل.