تسبب الصعود الأخير في أسعار النفط الخام بقيادة منظمة أوبك في أضرار بالغة لأرباح مصافي التكرير، وهو ما يطلق إشارات تحذير بشأن الارتفاع القوي للخام.
وأوضح محللون إن موجة من أعمال الصيانة المقررة للمصافي في الربيع قد تشكل أيضا ضغوطا نزولية على أسعار الخام.
وفي العادة يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تقليص الاستهلاك وهبوط هوامش الأرباح في المصافي، التي تحول اللقيم إلى بنزين وديزل ووقود للطائرات.
وأظهرت بيانات لرويترز أن هوامش الأرباح القياسية في مراكز التكرير الرئيسية شهدت تراجعا حادا في الأسابيع الماضية، بما يزيد عن 50% في الساحل الأمريكي على خليج المكسيك وشمال غرب أوروبا، وهو ما أدى إلى تنامي التوقعات بأن بعض المصافي ستخفض معدلات التشغيل.
من جانبه، أعلن مدير البحوث لدى وود ماكينزي للاستشارات جوناثان ليتش "تعاني هوامش الأرباح، والعامل الأكبر وراء ضعف الهوامش الذي نشهده هو ارتفاع أسعار الخام".
وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 50% منذ يونيو/حزيران، حيث أدى خفض الإنتاج النفطي لأوبك ومن منتجين آخرين إلى هبوط المخزونات العالمية من الخام.
لكن بينما تراجعت مخزونات الخام بوتيرة متسارعة في 2017، استمر تشغيل المصافي في أنحاء العالم بمعدلات قياسية مرتفعة لتلبية الطلب والحفاظ على هوامش أرباح قوية.
وأدت الفجوة بين مكاسب أسعار النفط والهبوط في هوامش أرباح التكرير بدورها إلى زيادة المخزونات من المنتجات النفطية.
وفي الربع الأخير من 2017، استهلكت المصافي كميات قياسية مرتفعة من النفط بلغت 81.5 مليون برميل يوميا، بحسب ما أظهرته بيانات وكالة الطاقة الدولية، وهو ما أدى إلى فائض في إمدادات الوقود وإرسال شحنات إلى صهاريج التخزين بعد عام من السحب.
وقالت إف.جي.إي لتحليلات وبحوث الطاقة إن مخزونات الوقود في أوروبا وسنغافورة والولايات المتحدة زادت بنحو 27.5 مليون برميل في أول أسبوعين من 2018.
ومن المتوقع أن تشهد مخزونات الوقود مزيدا من النمو في الأسابيع القادمة، وهو إتجاه يتعزز بفعل ارتفاع أسعار النفط، الذي تقول وود ماكينزي إنه يؤدي إلى قيام شركات النقل البحري بتقليص استهلاك الوقود من خلال خفض سرعة السفن، ويدفع محطات الكهرباء لاستخدام مصادر للطاقة أقل تكلفة بدلا من زيت الوقود.
وقال تاجر أوروبي "تبدو هوامش أرباح التكرير مزعزعة جدا.
"يطلب الجميع من بعضهم البعض خفض معدلات التشغيل".
وتؤثر أسعار الخام أيضا بشكل رئيسي على تكلفة التشغيل في المصافي، التي تستهلك ما يزيد عن خمسة بالمئة من اللقيم في تشغيل وحداتها.
دعم الصيانة
ومن المتوقع أن تتلقى هوامش أرباح المصافي دعما في الأشهر القادمة مع الإغلاق المقرر لأعمال الصيانة قبيل ذروة الطلب في الصيف.
لكن ذلك من المرجح أن يضع مزيدا من الضغوط على أسعار الخام مع انحسار الطلب، في الوقت الذي سيتاح فيه إمدادات من النفط الخام.
وفي العام الحالي، فإن القائمة الكبيرة من المصافي التي ستغلق لأعمال الصيانة في الشرق الأوسط، وبصفة خاصة في السعودية، ستؤدي إلى سحب كميات كبيرة من الوقود من السوق، وهو ما يعزز هوامش الأرباح على مستوى العالم.
وفي مارس آذار، ستتوقف طاقة تكريرية تبلغ أكثر من 900 ألف برميل يوميا في الشرق الأوسط، بحسب تقديرات إنرجي أسبكتس، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى العمل في مصفاة ينبع بالمملكة والتي تبلغ طاقتها 400 ألف برميل يوميا.
وقال ليتش من وود ماكينزي "تشير توقعاتنا إلى أن أسعار الخام بلغت ذروتها وستتجه إلى الانخفاض".
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي