يحكم فنزويلا نظام يساري بقيادة الحزب الاشتراكي الموحد منذ العام 2002 وقد ترأسه شخصان هما هوغو تشافيز مؤسس الحزب وصديقه نيكولاس مادورو. وبعد 14 عاما كانت المحصلة في هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 31 مليوناً على الشكل التالي: - ارتفاع مستوى أسعار المستهلك (التضخم) الى 750% بنهاية يونيو/ حزيران الماضي. - الان انت تحتاج الى دفع ثلاثة صناديق مليئة بـ "البوليفار" وهي عملة فنزويلا لشراء سندويش نقانق. - هبوط في قيمة العملة الى الحد الذي باتت فيه الحكومة في سباق مع الزمن لطبع مزيد من النقود لمجاراة ارتفاع الأسعار لتسحب معها اقتصاد البلاد الى دوامة كبيرة من التضخم الجامح. - حاليا لا تملك الحكومة الأموال الكافية لتغطية تكاليف طبع الاموال! - شركة ديلارو اكبر شركة طباعة نقود في العالم أوقفت طبع العملات الفنزويلية لان البنك المركزي الفنزويلي فشل الشهر الماضي في سداد 81 مليون دولار مستحقات لها. ما هي أسباب التضخم؟ قامت حكومة فنزويلا بضخ كميات مهولة من النقود في النظام المالي في الخريف الماضي عن طريق صرف هبات ومعونات ومكافات وزيادات في الرواتب لموظفي القطاع العام (2.5 مليون موظف)، وعمدت في المقابل الى خفض أسعار السلع الغذائية والوقود، وذلك لاستمالة الناخبين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر 2015 وتم فيها إعادة إنتخاب مادورو رئيسا لولاية ثانية. - خلال الأسبوع الماضي اختفت من الاسواق تماما قطع غيار السيارات وأوراق الحمام ومعجون الاسنان والصابون والأسبرين وغالبية السلع الغدائية التي يفترض انها مدعومة. - خلال اليومين الماضيين فقط عبر آلاف الجوعى نقاط الحدود مع كولومبيا بحثا عن الطعام... والطعام فقط. - تنفق الاسر هناك نحو 70% من دخلها لشراء الطعام، ويقول 87% من الفنزويليين انهم لا يملكون المال الكافي لتأمين الغذاء لعائلاتهم. - تملك الحكومة متاجر (سوبر ماركت) لبيع السلع الغذائية، وبسبب شح السلع قررت فتح تلك المتاجر ليوم واحد فقط في الأسبوع ويكون دخول الأفراد اليها عن طريق نظام القرعة! - انتشرت الشهر الماضي ظاهرة قيام الناس بنصب كمائن لقوافل الغذاء قبل وصولها الى المتاجر الحكومية ما يعكس حالة اليأس الشديد. - مع ان فنزويلا بلد نفطي وتملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، الا انها لا توفر الطاقة الكهربائية لشعبها، وأقرت الحكومة مطلع العام الجاري قانونا خفضت بموجبه أيام الدوام في القطاع العام من خمسة أيام الى يومين فقط في الأسبوع لترشيد استخدام الطاقة الكهربائية، في حين يتم توفير الكهرباء للمنازل 4 ساعات يوميا فقط. لماذا تقنين الكهرباء؟
أنفقت الحكومة الفنزويلية وعلى مدى 14 عاما مليارات الدولارات على مشاريع إنتاج الكهرباء من المحطات الكهرومائية المقامة على السدود والشلالات، لكن عشرات الأنهار والشلالات جفت خلال السنوات الخمس الماضية بسبب موجة غير مسبوقة تضرب عموم اميركا الجنوبية، كما أهملت تطوير محطات الطاقة الحرارية (مع انها بلد نفطي).
وعام 2014 كان 70% من انتاج الطاقة الكهربائية في البلاد يأتي من محطة كهرومائية واحدة مقامة على سد بحيرة "غوري"، هذه البحيرة انخفض منسوبها حاليا بنسبة 83% وبدات تظهر فيها الجزر الترابية! حتى الان تبيع الحكومة البنزين بسعر مجاني تقريبا (لتر/ 0.1 بوليفار) وسعر صرف العملة في السوق السوداء حاليا هو الدولار = 1000 بوليفار ! قرابة 40 ٪ من طلاب المدارس منقطعون عن الدراسة بسبب سوء أوضاع اسرهم، ولان المعلمين والأساتذة لا يحضرون الى المدارس لانشغالهم بالوقوف في الطوابير للحصول على الطعام. اما النظام الصحي فقد انهار تماما اذ يكفي ان يصاب الشخص بأبسط التهاب ليفقد حياته بسبب عدم توافر المضادات الحيوية. ورغم كل ذلك يرفض الرئيس اليساري نيكولاس مادورو الدعوات بالتنحي ويعتزم إكمال فترته الرئاسية لغاية 2019، لا بل ويصرّ على أنّ بلاده تتعرض لمؤامرة غربية والى "حصار مالي".
بقلم: صفاء النعيمي مراسل CNBC عربية في لندن
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي