من منا لا يعرف إنجازات ستيف جوبز؟ أو ماذا قدم بيل غيتس، أو من هو مؤسس موقع فيس بوك؟
ولكن السؤال الكبير... هل تعرف من هو محمد عبد الرحمن الشارخ، وما هي أهم انجازته؟
هو ابو اللغة العربية في الكمبيوتر حيث يرجع له الفضل في ادخال اللغة العربية إلى الحواسيب لأول مرة في التاريخ في حقبة الثمانيات.
محمد الشارخ
ولد محمد الشارخ في مدينة الكويت سنة 1942، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة صخر لبرامج الحاسب - التي تأسست عام 1982 - كشركة تابعة لمجموعة شركات "العالمية"، خصص الشارخ كل جهوده لبنائها منذ عام 1980.
حاز على شهادة البكالريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة كما حصل على درجة الماجستير في التنمية الاقتصادية من كلية وليامز بولاية ماساتشوسيتس.
تولى الشارخ عددا من المناصب المهمة بالقطاعين العام والخاص، فتعين نائبا لمدير صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية في الفترة من 1969 إلى 1973، ثم نائبا للمدير التنفيذي بالبنك الدولي لإعادة البناء والتنمية بواشنطن منذ 1973 وحتى 1975، قبل أن يترأس مجلس إدارة البنك الصناعي الكويتي منذ عام 1975 وحتى 1979.
قصة "صخر"
كانت بداية استثمارات الشارخ في برامج العاب الاطفال "الاتاري" عام 1982، ثم اتجه نحو اصدار برامج الاطفال على الكمبيوتر تحت اسم "صخر MSX" ولقي هذا المشروع نجاحا على المستوى العربي مما دفعه الى تطوير المشروع تحت اسم منتج "صخر PC" على الرغم من معارضة الكثير من مستشاريه، لكنه كان مصرا على الاسم.
فأصبحت كلمة "صخر" مقرونة بالشارخ وبالعالمية بعدما نالت القبول واكتسبت الشهرة في العالم العربي، واختياره لهذا الاسم جاء من المثل الشائع "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" وهو ما اوحى له بان "الصخر" ربما كان الرمز المناسب لمشروعه.
أنشأ محمد الشارخ شركة صخر في عام 1982 كشركة كويتية تابعة للشركة العالمية للإلكترونيات، استعان محمد الشارخ بالعالم المصري د. نبيل علي لوضع أسس وقواعد اللغة العربية ومكننتها بالحاسوب. ويعتبر كمبيوتر صخر من أوائل الحاسبات التي تستخدم اللغة العربية.
وقد نجح المشروع بشكل كبير وتم بيع مئات الآلاف من الأجهزة فقد بيع من جهاز AX-170 وحده أكثر من ثلاثمائة الف جهاز، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من البرامج والتطبيقات سواء التي أنتجتها العالمية أو شركة برق للبرمجيات أو التي تنتجها شركة konami اليابانية وأشهرها كاسل فينيا وفاينل فانتسي.
اعتمد في مشروعه على الكفاءات العربية، وراهن على قدرة هذه العقول بانتاج برامج ذات كفاءة عالية.
وكان من الداعين الى دعم خريجي الجامعات العربية من الشباب وتوظيفهم وإغرائهم برواتب عالية كمتخصصين في علوم الكمبيوتر، وتحولت "صخر" الى ما يشبه الجامعة العربية المصغرة، لكن بصورة حضارية.
فقد قامت الشركة بتطوير جيل جديد من تقنيات المعالجة الطبيعية للغة العربية "NLP"، وقد نجحت صخر في أن تتغلب على تفوق تقنية المعلومات الإنجليزية على مثيلاتها العربية، وأن تقوم في ذات الوقت بتصحيح الاعتقاد الخاطئ بأنه لا يمكن تطويع الحلول المتطورة في الغرب لتناسب احتياجات المستخدمين العرب.
ونظراً لالتزامها بتزويد المستخدمين العرب بالحلول الذكية، فإن صخر تواجه العديد من التحديات التي تثني العديد من المنافسين، سواء الدوليين أو العرب.
ومن هذه التحديات عدم وجود أي دعم حكومي، مما حدا بصخر إلى البدء في مشروع طموح للبحث والتطوير يستغرق أكثر من 2 مليون ساعة عمل، ويتم تمويله بالكامل بالاستثمارات الخاصة، وذلك اعتمادًا على اعتقاد محمد الشامخ الثابت في مدى اهمية قيمة اللغة العربية للعملاء سواء من الأفراد أو المؤسسات والحكومات.
أزمة الكويت
لم يكن يخطر في بال محمد الشارخ ان ينقل "ورشة البرامج" من الجابرية في الكويت الى مدينة هليوبوليس في القاهرة سنة 1990 ويؤسس هناك برجا اطلق عليه اسم "صخر"، فبعد الغزو العراقي للكويت قامت الشركة العالمية بإعادة هيكلة أنشطتها وتم ايقاف برنامج إنتاج الأجهزة ليتم الاعتماد على الذراع البرمجي للمؤسسة والذي تم نقل مقره إلى القاهرة.
وهنا استغلت مايكروسوفت الظروف المأساوية التي مرت بها الشركة، وقدمت اغراءات لاهم عقلين عربيين يقفان وراء تعريب برامج "صخر".
لا بد ان نذكر هنا أن هذين العقلين العربيين كانا وراء تعريب برامج مايكروسوفت تحت اسم Microsoft Office وكانت هناك منافسة شرسة وحامية لاسترجاع هذين العقلين إلى عقر دارهما ووقف محمد الشارخ في وجه بيل غيتس في المحاكم، لكن ذلك لم يثن رجل المبادرات الجريئة عن تطوير مشروعه والدخول في عالم النشر المكتبي والانترنت.
خاض الشارخ تجربة فريدة من نوعها على المستوى العربي بان طوع التقنيات الحديثة في خدمة اللغة العربية، وكانت فكرة اصدار برنامج القرآن الكريم والحديث الشريف والكتب التسعة في الاحاديث في اواسط الثمانينات ثورة في عالم الحواسيب.
وكان الشارخ دائما ما يقول: "ان التخطيط والتطوير التقنيين، والمساهمة العربية في صناعة البرمجيات، مسائل ذات اولوية ثقافية ومعرفية لا تقل عن الامن الغذائي، والامن الاجتماعي، والتعليم الالزامي مثلا. بل هي توازي في اهميتها مسألة الامن القومي والدفاع عن الوجود. فثمة فرصة حقيقية في ان يكون هذا التطوير بمثابة قاطرة للتقدم الاجتماعي في عصر المعلومات، تتيح لنا الالتحاق بالركب العالمي، ومن ثم مجاراته والعودة للمساهمة في مسيرته. وعلى النقيض، فإن تجاهل هذه المسؤولية لن يفوت فرصة سانحة أمامنا لكي نلحق بالركب فحسب، بل سيعني ايضا اننا قبلنا ان نكون مخترقين، وبالاحرى تابعين وهامشيين."
جوائز الشارخ
حصل الشارخ على جائزة "الرواد" من مؤسسة "الفكر العربي"، وجائزة أفضل رجل ساهم في تقنية المعلومات عام 1997، كما فاز بجائزة الرؤية الإلكترونية عام 2002 وذلك تقديرا لإنجازاته في مجال صناعة البرامج العربية، وكذلك جائز الاحتواء الإلكتروني التي منحت لبرنامج "إبصار" للمكفوفين.
وكذلك حصل الشارخ عام 1998 على جائزة أفضل منتجات بمعرض كومدكس مصر، وجائزة أخرى من "ناشر نت" عام 1998، إضافة إلى العديد من شهادات التقدير من عدد من المؤسسات الكويتية والسعودية.