"ديزل"الاقتصاد في خطر

نشر
آخر تحديث

استمع للمقال
Play

 بقلم: نهى علي

عدا عن كونه ملوثاً للبيئة، وهي الصفة التي لطالما التصقت به، لكنه بالمقابل ضروري جداً للاقتصاد العالمي، فهو بمثابة الدماء التي تضخ الروح بشرايين الاقتصاد، لأن كل ما يخرج ويدخل من المصانع يستخدم الديزل.

إذاً وقود الديزل حتى مع مواصفاته الملوثة، تبقى له مكانته الفريدة بين مصادر الطاقة الأخرى، حيث تتميّز محركات الديزل بمستويات كفاءة عالية، بالمقارنة مع المحركات التقليدية، بسبب كفاءتها الكبيرة والمسافات الطويلة التي تقطعها.

ففي الأسبوع الأول من العملية العسكرية الروسية، حين لم تكن هناك عقوبات صارمة بعد على وقود الديزل من روسيا، كان سعر الديزل الأوروبي، عند أعلى مستوى له منذ ثلاثين عاماً.

يمكن إرجاع الأسباب، إلى عمليات الإغلاق بسبب الجائحة، منذ مارس آذار 2020، يضاف إلى تراجع الاستثمار من قبل وول ستريت والشركات المالية العالمية في شركات النفط والغاز.

وحتى مع عمليات الإغلاق العالمي للصناعة والنقل في آذار مارس 2020، كان الطلب والعرض على وقود الديزل متوازناً. لكن عمليات الإغلاق المفاجئة أدّت إلى انهيار الطلب على الديزل، من ناحية شاحنات النقل والسيارات والبناء وحتّى الزراعة.

تمّ كذلك إغلاق المصافي غير المربحة، بالتزامن مع انخفاض مستويات السعة.

اليوم احتياطيات الديزل في جميع أنحاء العالم منخفضة بشكل خطير، لا سيما في الاتحاد الأوروبي الذي يعدّ أكبر مستهلك للديزل في العالم.

كانت روسيا تورّد ما بين 60% إلى 70%، من إجمالي الديزل للاتحاد الأوروبي، قبل الحرب في أوكرانيا، باعتبار أن الطلب على الديزل في الاتحاد الأوروبي أعلى بكثير ممّا هو عليه في الولايات المتحدة.

حيث تستخدم 76% من محركات المركبات في فرنسا الديزل، ويسري نفس الأمر على 50% من محركات السيارات الأوروبية.

وقبيل الحرب وفي بداية شهر فبراير شباط، كانت مخزونات الديزل في أميركا مثلاً، أقل بنسبة 21% من المتوسط الموسمي عنها قبل انتشار كورونا، بينما كانت في الاتحاد الأوروبي، أقلّ بنسبة 8%، وكذلك الحال بالنسبة لآسيا، وفي بداية الأزمة الأوكرانية، كانت المخزونات العالمية من وقود الديزل هي الأدنى منذ عام 2008.

في اليوم الأول من العمل العسكري الروسي، أوقفت بعض الشركات الأوروبية العملاقة مثل بريتش بتروليوم، وشيل، توريدات الديزل إلى ألمانيا بذريعة الخوف من نقص الإمدادات.

وبالانتقال إلى آليات التكرير، فإن كل نوع من النفط الخام يختلف عن النوع الآخر، لذلك يتم على هذا الأساس تصميم معامل التكرير، بطريقة تحقق أقصى المزايا من معالجة نوع محدد من هذه الأنواع.

وسيحتاج استبدال النفط الروسي من هذه المصافي، البحث عن بدائل تحمل خصائص مماثلة، لذلك حتى مع الابتعاد عن النفط الروسي، وتوفير بدائل من المشتقات النفطية، سوف تظل هناك مشكلة أكبر.

ففي بلد مثل ألمانيا، فإن هناك معاناة في نقل تلك الإمدادات، إلى مصافي شرق ألمانيا، حيث ستظهر إشكالية من ناحية التعامل مع الكميات المطلوب نقلها.

فأكبر عربة سكة حديد تحتوي الخام تحمل عادة ما يعادل 630 برميلاً من النفط، وحتى إذا ما تم صف هذه العربات واحدة وراء الأخرى، فإن العدد المطلوب منها لتسليم الشحنات المطلوبة، يجب أن يمتد في طوله حتى يغطي كامل المسافة بين مدينتي برلين وهامبورغ، وهي مسافة تصل إلى نحو 150 ميلاً أو 240 كيلومتراً.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة