هل يمكن للتركيز على الثقافة المالية مساعدة العائلات على اتخاذ قرارات مالية أكثر عقلانية؟

نشر
آخر تحديث

نتساءل دوماً عن الطريقة المثالية لدعم العائلات في اتخاذ قرارات مالية أكثر عقلانيةً ومنطقية؛ يقول وارن بافيت، أحد أبرز المستثمرين على الإطلاق، أنه يجب علينا استغلال جميع الإمكانات المتاحة من خلال مساعدة جميع أفراد العائلة للوصول إلى أحدث وسائل التثقيف المالي. 

بقلم وليم طعمه، الرئيس الإقليمي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

من الضروري أن ندرك أن الاهتمام بالتثقيف المالي لا يقل أهمية عن العناية بالصحة، فهو بمثابة اللقاح الذي يحمينا من الإصابة بالمرض مثل جرعات اللقاح التي نتلقاها للوقاية من فيروس كورونا، نحتاج أيضاً إلى جرعات من التثقيف المالي وتعزيز خبراتنا في الأسواق المالية والاستثمارات.

 

استخدام التثقيف المالي كأداة لإدارة المخاطر

تخيل أنك تحاول السير في طريق وعرة، ستكون الخطوات الأولى صعبة، وستتحرك ببطء في البداية، لكن سرعان ما تزداد سرعتك؛ وهنا يأتي دور المستشارين الماليين الذين يرشدوننا إلى طريق بديلة أكثر سهولة من خلال تعريفنا بالأمور التي يمكننا أن نستثمر فيها بالضبط.

وخلافاً لذلك، تساعدنا الثقافة المالية على إجراء حوارات مجدية مع المستشار المالي، مما يسمح لنا بتقليل الجهد اللازم لتخطي عوائق الطريق، مما يساهم نهايةً في زيادة إيراداتنا.

يؤكد المثال السابق على ضرورة تجنّب الاستثمار عند الافتقار للإلمام والإدراك الكافي بالجانب الذي نستثمر فيه، حيث يتعين علينا اتخاذ قرارات مدروسة للمضيّ قدماً في مسألة التخطيط المالي والاستفادة بأفضل صورةٍ ممكنةٍ من الأسواق المالية لتحقيق أهدافنا المالية.

كما يستلزم الأمر مواصلة التعلم لمواكبة متطلبات العصر، واستخدام ما تعلمناه كأداةٍ لإدارة المخاطر، ليتسنّى لنا مواصلة التخطيط المالي بشكلٍ آمن وتوزيع مدخراتنا في الأسواق المالية.

 

وضع المشاعر جانباً

من المؤكد أن وضعنا المالي واستثماراتنا طويلة الأبد تؤثر بشكل أو بآخر على حالتنا النفسية، لكن التوصل إلى استثمارات ناجحة يتطلب عدم الانقياد وراء المشاعر، وعدم الانجراف مع تيار وسائل التواصل الاجتماعي وحملات التسويق التي دائماً ما تشجع على الاستثمار بشتّى الطرق، بل التحلي بالانضباط عوضاً عن المشاعر، واتباع إحدى القواعد الذهبية لإدارة الثروة، وهي تنويع الاستثمارات وإعادة توزيعها في مختلف فئات الأصول بشكلٍ متوازن.

 

مداهمة الوقت قبل أن يداهمنا

يعيش الناس اليوم لعمر أطول بفضل تقدم العلم والطب الحديث، ولكنّ ذلك يعني احتمال مواجهة مشكلة صعبة في حال نفدت مدخراتنا ونحن في عمرٍ متقدمة.

ولهذا يفترض أن يضع المقيمون ممن يعملون في دول الخليج العربي خطة استثمار تساعدهم على تعويض غياب الرواتب التقاعدية.

ورغم وجود خطة حكومية للرواتب التقاعدية الخاصة بسكان المنطقة، إلا أنها قد لا تكون كافيةً بسبب ارتفاع معدل الأعمار المتوقعة للسكان، مما يؤدي للدخول في متاهة نفاد المدخرات عند التقدم في العمر، حيث يتوجب عليهم السعي لإيجاد مصدر دخل خاص لإعالة أنفسهم في عمرٍ متقدمة.

 

الجرأة في اتخاذ القرارات

أفاد مؤشر نايت فرانك العالمي لأسعار المنازل بارتفاع أسعار المنازل السكنية بمتوسط 10.3% العام الماضي، بأسرع وتيرةٍ لها منذ عام 2006.

ويعني ذلك أن العديد من شباب جيل الألفية لن يستطيعوا شراء منازلهم الخاصة، لأن العقارات تُعد من الأصول الحقيقية التي تتأثر بالتضخم، كما يفضل الكثير من الأشخاص استئجار المنازل حتى ولو كان بإمكانهم شراء منزلهم الخاص.

كانت ملكية المنازل في السابق طريقةً مجديةً لتعليم الأجداد والآباء كيفية الاستثمار وتوفير الأرباح والمدخرات، إلا أن ملكية المنازل لا تشكل اليوم أولوية على درجات سلم الاستثمار لدى جيل الألفية.

لأنهم يميلون إلى تنويع استثماراتهم وأصولهم الذهبية التي قد تكون بمثابة حاضنة لفئاتٍ جديدةٍ من الأصول القادمة إلى السوق، ولا بأس في هذا الخطوة طالما أنهم يدركون تماماً نوع الاستثمار الذي يخوضونه.

 

التفكير جيداً في المستقبل

ينبغي دائماً التفكير من وجهة نظر مستقبلية للتأكد فيما إذا كنا قد قدمنا المجازفة اللازمة التي يتطلبها مخططنا الاستثماري.

فلو افترضنا أنه عوضاً عن شراء حقيبة بسعر 10 آلاف دولار، استثمرنا ثمنها في فئة أصول ذات سعر فائدة حقيقي بنسبة 3% فقط، لكان لدينا 40 ألف دولار بحلول وقت التقاعد.

وعند التفكير بالاستثمار في إحدى فئات الأصول، يجب أن تكون هذه الفئة مدرّةً للأرباح أو ذات جدوى عند بيعها لاحقاً، مما يستلزم التفكير بواقع هذا الاستثمار بعد قرابة نصف قرن قبل الانجراف وراء فئة أصول جديدة جعلتها وسائل التواصل الاجتماعي تبدو ورديةً بالنسبة لنا.

لا شك أن الجهل وعدم الإدراك الكافي لماهية الاستثمار أو فئة الأصول التي نُقدِم عليها يفرض مجموعةً من المخاطر، وتقع على عاتق مستشارنا المالي مسؤولية توضيح المخاطر المحتملة، مع التأكيد على ضرورة التثقيف الذاتي حول مخاطر الاستثمار التي نعتزم زجّ مدخراتنا الثمينة فيها.

ويجب ألا نسمح لضعف ثقافتنا المالية بالتسبب في وقوعنا في فخ المخاطر الصعبة، بل ينبغي علينا التسلّح بالمهارات والخبرات اللازمة للاستثمار.

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي

الأكثر تداولاً

    أخبار ذات صلة

    الأكثر قراءة

    الأكثر تداولاً

      الأكثر قراءة