وقود الطيران المستدام بين الواقع والأحلام

بالتزامن مع اقتراب مؤتمر الأطراف "كوب 28" ومداولة قضايا الاحترار المناخي، تلتفت الأنظار إلى الرحلات الجوية، التي مصدرا رئيسياً للانبعاثات الكربونية، حيث تنتج رحلة طيران واحدة طويلة المدى أكثر من متوسط انتاج الفرد سنويا في 56 دولة حول العالم، فصناعة الطيران العالمية مسئولة عن حوالي 2.5% من انبعاثات الكربون.

ويعول مناصري البيئة على قدرة قطاع الطيران على التحول إلى وقود الطيران المستدام المعروف بـ"SAF" – وهو وقود حيوي مصنوع من مواد نباتية أو حيوانية، بخلاف الوقود الأحفوري.

وبينما يمثل استخدام الوقود المستدام في الطيران حاليا نسبة 0.1% من الاستهلاك الإجمالي للوقود في القطاع، فقد استحدثت بريطانيا قانونا يلزم شركات الطيران باستخدام وقود مستدام بنسبة لا تقل عن 10% من وقود الطائرات بحلول عام 2030.

 والتزمت عدة شركات من أعضاء اتحاد النقل الجوي الدولي IATA بتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية في عملياتها بحلول عام 2050، متوقعين أن يسهم الوقود المستدام بخفض الانبعاثات بنحو 65% على الأقل.

طموحات وتخوفات 

وتطمح شركات الطيران أن تصل نسبة الاعتماد على الوقود المستدام إلى 100% مع بلوغ عام 2030، فيما يمكن استخدام الوقود المستدام حاليا في مزيج من الوقود الأحفوري والمستدام بنسب تقترب من 50% كحد أقصى.

ومع محاولات خفض الاحترار العالمي بنحو 2 درجة مئوية، يطرح تساؤل عن مدى ما يمكن أن يساهم به الوقود المستدام في خفض الانبعاثات؟

وأظهرت الأبحاث الأخيرة أن الوقود المستدام يمكن أن يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 85-95%، حيث يتم تصنيع هذا الوقود من الكتلة الحيوية بما في ذلك الطحالب ومخلفات المحاصيل الزراعية ونفايات الحيوانات ومخلفات الغابات، فضلا عن النفايات اليومية من فضلات الطعام وتغليف المنتجات.

وتتخوف الدول من عوائق تصنيع وقود الطيران المستدام، وأوضح البرلمان الأوروبي أن هذه العوائق تتضمن التكاليف المرتفعة بالتقنيات الجديدة وأساليب الإنتاج.

وقال سكوت كيربي، الرئيس التنفيذي لشركة United Airlines ، لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، "لا يوجد وقود طيران مستدام منافس من حيث التكلفة مع وقود الطائرات التقليدي".

وتحتاج شركات الطيران الأوروبية لتكاليف تزيد عن 440 مليار يورو (485 مليار دولار) للانتقال إلى استخدام الوقود النظيف، وفقا لتقديرات الصناعة.

وتواجه الصناعة عدة مشكلات فنية أخري متعلقة بكثافة طاقة الوقود المستدام المنخفضة مقارنة بالوقود التقليدي، بما يعني أن لتر من الوقود الاحفوري المعتاد للطائرات يحتوي على طاقة أكبر من الوقود المستدام، الأمر الذي ربما يجبر الطائرة على حمل كميات كبيرة من الوقود لإنتاج نفس الطاقة، خاصة مع الرحلات طويلة المدى.